قبل أسابيع اتهمت بعثة حفظ السلام في دارفور (يوناميد) حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، بالتورط في عمليات اغتصاب ضد نساء في دارفور، خلال عمليات قتال دارت بين فصيلين بالحركة، كما تسبب القتال-حسب اليوناميد- في تشريد الآلاف من السكان. بدلاً من تعامل الحركة بجدية مع تلك الاتهامات والتحقيق الداخلي فيها ومحاسبة المتورطين، أصدرت بياناً اتهمت فيه البعثة بالفشل في حماية المدنيين والتغطية على جرائم الحرب وفبركة التقاريرالكاذبة وتضليل المجتمع الدولي، ومن كثرة الاتهامات التي ساقتها للبعثة، توقعت أن ينتهي البيان برمي يوناميد، باستهداف الحركة في "دينها وعقيدتها" تماما كما يتعامل النظام البائد في مثل هكذا اتهامات. الثابت أن صراعاً داخلياً حدث ثمنه قتلى ونازحون، وفي رواية البعثة الدولية اغتصاب نساء دارفوريات.. كل ذلك داخل إطار الهامش بمفهومه المعروف. (2) أما في شرق السودان فتثورمكونات قبلية في ولاية كسلا، هذه الأيام، ضد تعيين وال للولاية من أبنائها شحماً ودماً هو صالح عمار، فقط هناك فروقات قبلية بين الوالي والمحتجين، علماً بأن تلك المكونات القبلية ارتضت وبايعت قبل سنوات ولاة على كسلا، مثل آدم جماع وإبراهيم موسى حامد من أقصى الغرب، وفاروق حسن محمد نور من الخرطوم قلب المركز، وأبو القاسم إبراهيم محمد من دنقلا، والجيلي أحمد الشريف من الجزيرة، ومن المدهش أن تثور تلك الفئة ضد واحد من أبناء الولاية، ومن مكوناتها الاجتماعية العريقة، وتطالب بشخصية محايدة من خارج الولاية. (3) الحركة الشعبية فصيل الحلو، التي ينتمي إليها اثنان من رواد مدرسة (المركز والهامش) هما ابكر آدم إسماعيل ودكتور محمد جلال هاشم، تجلس حالياً في عملية تفاوض مع (المركز ) بحثاً عن حلول للهامش وللمركز معاً، وفي ذات الوقت ترفض رفضاً باتاً فكرة الجلوس مع أبناء الهامش مثل مالك عقار وخميس جلاب وأسامة سعيد، لمحاورتهم والاتفاق معهم، على الأقل على حد أدنى من المواقف، رغم انهم كانوا جزءاً من الحركة وجزء من حملة نُصرة الهامش..!! (3) في بورتسودان عروس البحرالأحمر، يتجدد الصراع الدموي كل فترة وأخرى، بين قبيلتى النوبة والبني عامر، وهما قبيلتنان محسوبتان على الهامش، ذلك الصراع قاد ويقود إلى إزهاق أرواح عزيزة وأصيب فيه العشرات من أبناء الهامش، دون تدخل من أنصار الهامش لتذكير القبيلتين بوجوب وحدة الهامش لانتزاع الحقوق من المركز. (4) الجبهة الثورية تحالف عريض ضم كل المكونات العسكرية الذي قاتلت نظام المؤتمر الوطني، ودخلت منذ العام الماضي في مفاوضات مع الحكومة الانتقالية، وقبل أن يكتمل التفاوض حدث انقسام داخلي قاده رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو ميناوي، وفيما يبدو أن لدى الأخيرتحفظا واضحا على حركة العدل والمساواة وعلى رئيسها جبريل إبراهيم ..!!! (5) تلك نماذج فقط لحالة عدم التوافق والصراع والاقتتال داخل الهامش، لم أوردها دحضاً لنظرية وجدلية المركز والهامش، أو تقليلاً لمظالم الهامش التاريخية أو حتى دور المركز في تلك الصراعات، إنما أوردتها لفتح نقاش حول وحدة الهامش وأهميتها، و لابتدار نقاش أعمق حول مفهوم المركز ومفهوم الهامش، وهل المشكلة "المركزية" في "المركزية" أم في عقلية سودانية واحدة بغض النظر عن مكانها الجغرافي أو هويتها الإثنية أو القبلية، فإنها جاهزة لإقصاء الآخر وارتكاب الحماقات؟ أم أنّ هناك مراكز داخل مركز، وهامش داخل هوامش؟ أم أنّ للقضية تفاسير أخرى؟ شاكرا مساعيكم للنقاش