يقول أحد من زاملوه بجامعة الخرطوم، إن قوش من مواليد 1957م، بمنطقة البلل حول نوري. وطبقاً لمعلومات توفَّرت ل(السوداني) أمس، فإنه ارتحل صغيراً جداً وعمره لا يتجاوز السنوات الثلاث، إلى مدينة بورتسودان مع خاله محمد عثمان الماحي. ونقل مصدر لصيق بقوش عنه قوله إنه استمد طبيعة شخصيته من خاله ذاك، وأضاف: "حتى بعد انتقال أسرتي إلى بورتسودان ظللت مُلازماً ومُقيماً مع خالي". صلاح قوش حرَمته المقادير من حنان الأم مُبكِّراً، إذ توفِّيت والدته وهو صغير السن، فيما توفِّي والده الموصوف بالبسيط والمتواضع عبد الله محمد صالح مؤخراً، بعد أن كرَّس جلَّ حياته لأبنائه رافضاً الزواج بعد وفاة والدة قوش. وطبقاً لما حصلت عليه (السوداني)، فإن لقوش عدداً من الإخوة، أكبرهم عبد العظيم المعروف كأحد كوادر الحزب الشيوعي السوداني، ثم صلاح نفسه، فمحمد الملقب ب(ربشة) وكان يعمل ضابطاً إدارياً قبل أن يستقرَّ في كنانة، ثم عثمان الذي طاب له المقام ببورتسودان ردحاً من الزمن قبل أن يرتحل إلى الخرطوم مُستقِرَّاً فيها، بالإضافة إلى محجوب الذي كان ضابطاً بجهاز الأمن، وتقاعد عقب التطورات التي شهدها ملف قوش في 2012م. من أبرز المحطَّات دراسته الجامعية بكلية الهندسة جامعة الخرطوم، في الفترة من 1976م حتى 1981م. وطبقاً لأحد معاصري تلك الفترة وأبرز المقربين من قوش، عمار محمد آدم، في حديثه ل(السوداني) أمس، أنه التقاه بمجرد انتسابه للجامعة، وأضاف: "علاقتي به بدأت في عام 1981م، وأبلغني رسمياً أنني مرشح للاتحاد، ووقتها التقاني بمعية حسب الله عمر، وكانا ممسكين بالسجائر.. بعد ذلك امتدَّت علاقتي به واستمرَّت ودودةً إلى الآن". محطة زواج قوش يوثقها عمار باعتبارها المحطة الأبرز في حياة صديقه صلاح عبد الله، ويذهب إلى أن زواج قوش كان في منتصف الثمانينيات، وتحديداً بعد العام 1984م عقب تخرجه من الجامعة، مقترناً بإحدى قريباته من جهة والدته بمدينة ود مدني، لتُنجب له ثلاثة أبناء أكبرهم المهندس محمد وآخر يدرس خارج السودان، وآخر سقط من ذاكرة التوثيق، بالإضافة إلى بنتين إحداهما طبيبة هي عائشة، والأخرى صيدلانية. وطبقاً لمصدر - فضل حجب اسمه - في حديثه ل(السوداني) أمس، فإن (شلة) قوش هم بعض من جيله في كلية هندسة جامعة الخرطوم أو أعضاء اتحاد بناني، فكانوا أبرز أصدقائه، ومنهم اللواء حسب الله عمر، بالإضافة إلى موسى سيد أحمد الذي تُوفِّي مع الزبير محمد صالح وشقيق الزميل الصحفي المطيب، وكذلك جمال زمقان، بالإضافة إلى عضو الغرفة التجارية يوسف أحمد يوسف. وكشف عمار عن أن قوش يعتمد في عمله منذ أن كان طالباً، على اختراق التنظيمات والأحزاب الأخرى للحصول على المعلومات، وأضاف: "بعد التخرج كان عمله في شركة دانفوديو غطاءً تنظيمياً ليس إلا". (شفت) الحركة الاسلامية يصفه مُقرَّبون منه بأنه من (شفوت) الإسلاميين، ويذهب عمار إلى أن السبب الرئيسي في علوِّ أسهم قوش في صفوف التنظيم كان عقدة الإسلاميين تجاه (الشفوت)، لذا انصاعوا له واحترموه، قاطعاً بأن أبرز صفات قوش أنه رجلٌ يعشق الأسرار. بيد أن أبرز الشهادات في صلاح قوش قال بها الأمين العام السابق للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي، ووصف قوش بأنه يتخذ القرار في أقل من ثانية وحتى إذا أخطأ، فإن له القدرة على تبرير الخطأ. توصيف الترابي مختصراً يعني أنه رجل لا يتردَّد. أبرز المُفارقات في تجربة صلاح قوش وحياته، كانت انتسابه إلى الطريقة الختمية. ونقل شاهد عيان في حديثه ل(السوداني) أمس، أن قوش كان يُصرُّ دوماً على أنه ختمي، وصادف في إحدى المرات أن جاء اسم أحد الشيوخ أمامه، فطلب أن يتحدَّث معه، ومن بعدها ذهب إليه ليأخذ الطريق من الشيخ تاج السر الفكي إبراهيم المعروف بشيخ (الأراك) في العام الماضي 2017م، وأضاف: "بلغت المودة بينهما الحد الذي دعا في قوش الشيخ لزيارة تايلاند". فيما يرى الكاتب مهند الشيخ في حديثه ل(السوداني) أمس، أن قوش خلال ابتعاده عن العمل التنفيذي ظل متمسكاً بالعمل العام للحد الذي جعل كثيرين يرونه مرشحاً لرئاسة نادي المريخ، إلا أنه اعتذر بمبرر أنه شخصية قومية. واصفاً إياه بأنه ليِّنٌ في موضع اللين وشديدٌ في محلِّ الشدة، قاطعاً بأنه حريص على أن يبر أهل منطقته عبر توظيف علاقاته وماله لتنمية المنطقة صحياً وخدمياً وتعليمياً، وأضاف: "عهدي به أنه لا يرد صاحب حاجة"، وتابع: "قوش أكثر ما يحرص عليه أن يُبعِدَ أسرته تماماً عن العمل السياسي والأمني". أحد الذين زاملوا قوش إبان اعتقاله د. عمار السجاد، ويذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن قوش رجلٌ شجاعٌ وأن السلطة في فترة من الفترات جعلته صارماً، لكن بعد خروجه منها تعرَّض للاعتقال فيما يُعرف بالخزنة في المعتقلات، وهو اعتقالٌ لم يتعرَّض له الآخرون، فتعرَّض للضغوط، لذا فإن كل ذلك سيجعله يُغيِّر كثيراً في طريقة التعامل مع المُعتقلين. رجل الأمن والمخابرات يُعَدُّ الفريق مهندس صلاح عبد الله قوش، أبرز رجالات المؤسسة الأمنية في حقبة الإنقاذ، حيث تقلَّد الرجل في بداياته داخل جهاز الأمن والمخابرات مناصب بسيطة، قبل أن يستقرَّ ويبرز في منصب نائب مدير العمليات. وما إن حل منتصف التسعينيات حتى غادر قوش الجهاز ليكون مديراً لمصنع اليرموك للصناعات الحربية. وطبقاً لتقارير إعلامية سابقة، فقد زاوج قوش خلال تلك الفترة بين دراسته للهندسة وما اكتسبه من خبرة عسكرية وحربية، طوال أكثر من ست سنوات. وفي خطوة وُصِفَتْ بالاستباقية عاد قوش لجهاز الأمن مرة أخرى، في بواكير 2004م، أي قبيل توقيع اتفاقية نيفاشا، إلى مقدمة قيادات الجهاز، قبل أن تقفز به الأيام مديراً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني. بيد أن تحركاته أو ربما رؤيته لأبعد مما رأى نظراؤه في الحزب، ساهمت في أن يخرج من الجهاز في 2009م إلى مستشارية الأمن القومي مديراً لها، وهناك ابتدر ما يصفه الكثيرون الخطوة الأولى للحوار الوطني بإدارة حوار مع القوى السياسية، وهو ما لم ترضَ عنه قيادة حزبه، واعتُبرت نوعاً من التطلُّع غير المشروع، الأمر الذي قاد إلى صراعٍ صريحٍ ومُعلنٍ بين قوش والحزب لتعصف به رياح الخلافات خارج المستشارية في 2011م. لماذا صدر القرار في هذا التوقيت؟ أحد أبرز القيادات الأمنية التي عملت مع قوش، وفضل حجب اسمه، في حديثه ل(السوداني) أمس، وصف القرار الذي أصدرته القيادة السياسية بأنه مُوفَّقٌ جداً. توفر الخلفية السياسية والطبيعة الأمنية والميول الاقتصادية في شخصية صلاح، بدا متطابقاً مع مطلوبات المرحلة، وهو ما يشير إليه المصدر الأمني الرفيع بأن قوش من الجيل الذي أهَّلَ نفسه بمعارف متنوعة صقلتها التجربة والخبرة الجيدة، وأضاف: "تجربته في الجهاز التنفيذي أتاحت له فرصة أن يكون شاهداً على كثير من الأحداث بالبلاد". من جانبه قطع المُقرَّب من قوش، شريف بابكر، في حديثه ل(السوداني) أمس، بأن ثقة الرئيس فيه قوية وأنها الفترة المُناسِبة لخبرات صلاح لصالح البلاد، كما أن إدارة الملفات الموجودة بين يدي الرئيس تحتاج إلى رجل بقامته، بالإضافة إلى أنه جزءٌ من استراتيجية الدولة مع الخارج سواء الخليج أو امريكا أو غيرهما. فيما قطع القيادي الأمني بعدم وجود أيِّ مدلولات لغياب أيِّ إشارة لمحمد عطا في القرار الرئاسي وتحديد مصيره، مؤكداً إلى أنه من غير الوارد أن يكون عطا نائباً للمدير العام، وأضاف: "عطا أبلى بلاءً حسناً، ويجد التقدير من قيادة الدولة، وهي لن تتجاوز حقَّه في أن ينال من تكريم بالصورة التي تراها الدولة". وقطع المصدر بأن عطا سيُكلَّف بموقعٍ آخر. الشيخ توقَّع أنه بعد مجيء قوش لإدارة الجهاز، فإنه سيتمُّ الدفع بالإجراءات الاقتصادية بشكلٍ أكثر صرامةً وقوة، وسيكون هناك مزيدٌ من الضبط والحيادية في الملفَّات الأخرى، وأضاف: "وجوده خلال الفترة الماضية خارج الملعب وظفَّه في تمتين علاقاته بألوان الطيف في المجتمع السياسي والاقتصادي، ومن هم في المجالات الخدمية والزراعية منتهجاً في الوقت ذاته سياسة الباب المفتوح". المُقرَّب من قوش، عمار قمر، كشف في حديثه ل(السوداني) أمس، عن أن القرار لم يكن مُفاجئاً لصلاح، وأنه منذ أيامٍ تم استصحاب أن القرار سيصدر بذلك. واصفاً أن المسؤولية كبيرة والتحدي أكبر، وأضاف: "مؤخراً كلَّفه الرئيس بأكثر من ملفٍّ خارجي، وأنجزه بشكلٍ أرضى الرئيس، كما أن تركيز الرئيس على ضرب بؤر الفساد يجعل وجود قوش في المشهد أمراً منطقياً، لجهة إدراكه لأبعاد خطورة ما يواجه البلاد". وقطع قمر بأن العلاقة الوطيدة بين عطا وقوش، ما تزال مستمرة، وأنهما حتى صدور القرار ظلَّا على تواصل، وأضاف: "حتى فترة اعتقال قوش لم تؤثر البتة في العلاقة الشخصية الوطيدة بينهما". أبرز ما قاله قوش عن نفسه (في جعبتنا ما ينبغي أن يبقى مدفوناً)، عبارة سعى من خلالها قوش للتذكير بما يُخفيه من ملفَّات تجعله صعب المنال من جهة، وربما أنه ما يزال أميناً عليها من جهة أخرى. (القيادي في جهاز الأمن سياسي ويملك رؤية سياسية) عبارة ربما برر بها قوش لنفسه تجاوز الحد الفاصل بين أن يقوم جهاز الأمن في حماية البلاد لا النظام السياسي. (صورة القسوة ارتبطت بالمؤسسة وانسحبت عليّ لأنني رمز لها).. عبارة قال بها الرجل ربما لإبراز حجم تأثيره وعمقه داخل جهاز الأمن والمخابرات التي يعتبر الكثيرون أنه صانع أسطورتها في الشارع العام. (رجل الأمن لا عواطف له).. برر بها قوش قدرته على اتخاذ أصعب القرارات في مواجهة أقرب الناس قبل أن يقرنها بعبارة (اعتقلت شقيقي الأكبر لأنه شيوعي).