يعاني الاقتصاد السوداني من تشوهات كثيرة ومن ضمنها تباين ومضاربات في اسعار السلع بالأسواق بسبب عدم الرقابة وفرض القوانين الرادعة، وارجع بعض التجار وخبراء اقتصاديون مضاربات الأسعار إلى عدم استقرار اسعار العملات والاقتصاد. أسواق (هاملة) زادت وتيرة التدهور الاقتصادي في السودان لدرجة أن التغيير إلى الأسوأ ظل يحدث أمام مرأى ومسمع الحكومة على مدار الساعة، وبالمقابل ازداد ضجر وسخط المواطنين جراء ضيق العيش الذي ظلوا يواجهونه لوحدهم في ظل غياب تام للدولة وكأن الأمر لا يعنيها.. المواطن محمد السر قال ل(السوداني) أن البلاد صارت (مكب) ازمات اقتصادية ففي كل يوم تظهر ازمة جديدة، مضيفا أن الوضع الاقتصاد ادى إلى ظهور ظواهر سالبة في الأسواق ففي الفترة السابق كانت ظاهرة سعر الكاش والشيك وتم حلها بوفرة السيولة، لتجيء بعدها كارثة انفلات سعر الدولار والذي يتسبب في غلاء كل الأسعار بدءاً بالطماطم والجرجير وختماً بالبضائع المستوردة حيث أصبح السوق مرتعا للمضاربات في كل السلع، وبالمقابل دفع المواطن الثمن فقراً وعوزاً وجوعاً. (قفة المُلاح) وفي ذات الاتجاه مضى موظف بإحدى المؤسسات الحكومية على ابراهيم بأن المرتب صار لا يغطي مستلزمات الشهر في ظل الارتفاع المتصاعد في الأسعار وغياب الدولة وفرض قوانين على المضاربين والسماسرة في سلع المستهلك، لافتا إلى أن الثورة وخروج المواطن الشارع بسبب الازمات الاقتصادية فلابد من الانتاج وزيادة المساحات الزراعية وتقليل الاستيراد في السلع البذخية والاكتفاء بالسلع الضرورية، طالب الدولة بتفعيل القوانين لحماية حقوق المستهلك. محمد السر عاد ليؤكد الغياب التام للرقابة على الأسواق من الجهات ذات الصلة، مضيفا أن السودان يملك كافة الثروات التي تغنيه عن الاستيراد، وقال إن السواد الأعظم من المواطنين محدودي الدخل صاروا لا يستطيعون توفير مستلزمات أسرهم ما جعل (قفة الملاح ) تنقص إلى اكثر من النصف. فرض قوانين رادعة: وأشار تاجر عُملة إلى ان المضاربات في الأسعار نتيجة توقعات بالزيادة وبدات الظاهرة في الآوانة الاخيرة مع الارتفاع المتصاعد للعملات دون تدخل الحكومة في السيطرة على الدولار والاسعار وفرض رقابة عليها واستخدام قوانين رادعة للمضاربين، مضيفا أن هنالك سلعا نسبة كسبها عالية مما ادى إلى إحداث تنافس بين التجار وقال انها ظاهرة سلبية تؤثر على الاقتصاد اكثر مما يتوقع. السماسرة والوسطاء: ويقول الامين العام للغرفة التجارية بولاية الخرطوم الطيب طلب ل(السوداني) إن السماسرة بالأسواق عموما هم من يسيطرون على المضاربات نتيجة لحدوث توقعات بحدوث زيادة كبيرة في اصناف السلعه ويقومون بتخزين كمية من السلع واعتبرها "جشع" من بعض التجار، ورهن طلب انتهاء المضاربة باستقرار سعر الصرف باستقرار الوضع السياسي والاقتصادي اضافة إلى تفعيل قطاع الصادر والارتقاء بحصائل الصادر وأن تكتفي الحكومة وتكثف من الصادرات اكثر من الاستهلاك . تدني قيمة الجنيه: ويؤكد القيادي بالغرفة التجارية السابق حسن عيسي ل(السوداني) أن المشكلة تكمن في تدني قيمة الجنيه السوداني، لافتا إلى أن الوضع الحالي غير ملائم للاقتصاد السوداني ولا يمكن الاستمرار في اقتصاد حر وفي نفس الوقت الحكومة تستورد اكثر مما تصدر ولابد من وجود علاج جذري عاجل، وقال حسن إن في رأيه الشخصي لابد من الاعتماد على الذات وايقاف الاستيراد عدا السلع الضرورية التي تساعد في الانتاج. وشدد على تفعيل المؤتمر الاقتصاد وتفعيله ووقف تخبطات تصريحات المسئولين والتشاور والتعاون مع الجهات الاقتصادية، وأشار إلى أن الوضع اكثر من خطير . ليست ظاهرة طبيعية.. غياب السلطات: وقال رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك د. حسين القوني إن مضاربات الأسعار ليست ظاهرة طبيعية ولكن غياب الجهات ذات الصلة والسلطات استفحلت وصار امرا طبيعيا في السودان، ووضح حسين أن مضاربات التجار في الأسعار تكمن في كافة اصناف السلع ومن ضمنها السلع الغذائية والمحاصيل الزراعية وعلى وجهة الخصوص الذهب والعملات وايضا كروت الشحن والعقارات نتيجة للارباح العالية في النشاط مما ادى إلى تحول عدد كبير جدا من الشباب إلى النشاط واصبحوا اغنياء مما ادى إلى تنافس المضاربين نتيجة لعدم الرقابة في الاسواق، وقال حسين إن الظاهرة ساعدت الشباب على الكسب السريع وخاصة الادوية، وطالب القوني تدخل السلطات لإخماد الظاهرة السالبة بالأسواق حتى لا تؤثر اكثر على الاقتصاد، ويرى القوني أن ظاهرة المضاربة شجعت كثيرا من ضعاف النفوس وانعكست سلبا على ارتفاع معدل التضخم وارتفاع الاسعار واعتبره جشعا وعدم اخلاق، مشيرا إلى أن حماية المستهلك ليست لها سلطة على هذه الظواهر ويفترض أن تنشي الحكومة محاكم ونيابات لحماية المستهلك، لافتا لعدم إلى عدم تفعيل القانون والتراخي في استخدام القوانين الرادعة اديا إلى انتشار هذه الظاهرة بصورة كبيرة بالأسواق . سياسة التحرير الاقتصادي خاطئة : ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير أن ارتفاع الأسعار نتيجة لعدة عوامل ومنها ضعف الانتاج والانتاجية اصبح المجتمع استهلاكيا وعدم تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي بصورته الصحيحة والتراجع المستمر للقيمة المحلية مقابل الارتفاع في اسعار العملات، واشار الناير إلى أن الوسطاء والسماسرة يتحصلون على ارباح غير مشروعة مما تلقي بالعبء على المواطن، وقال الناير إن الدولة غائبة عن ضبط الأسواق وتنظيمها حاليا وتتحدث عن برنامج " سلعتي " مشيرا الى انه لن يحل مشكلة فلابد من أن يكون هنالك نشاط جغرافي لتوصيل السلع لكل الولايات وان تكون اقل من سعر السوق بنسبة (30%) كحد ادني اضافة إلى أن البرنامج يشمل كافة اصناف السلع والاستمرارية في البرنامج. وتابع (ما لم تتوفر هذه الشروط لن يكتمل نجاح برنامج "سلعتي")، مشيرا إلى أن المضاربات في الأسعار وارتفاعها امر غير طبيعي نتيجة لوجود خلل في منظومة القطاع الخاص، ورهن حل المشكلات الاقتصادية بأن تتولى الدولة مهمتها بتقليل التضخم وتراجع الاسعار، ووضح الناير أن المضاربة في الأسعار تشمل كافة اصناف السلع وخاصة سلعا لم يتوفر لها بديل بالأسواق .