الطريق الثالث – بكري المدنى نعيش هذي الأيام حالة غريبة ونحن نقترب من ذكرى ثورة أكتوبر الحدث السياسي الأبرز في تاريخ السودان المعاصر والغرابة في أن غالب القوى السياسية وقوى المجتمع المدني والأهلي والشباب وقد وصل لقناعة شبه تامة بعجز الحكومة الحالية ووصل إلى ضرورة ذهابها لما استيأس من اصلاحها ولكن وقف السؤال عمن يحق له اسقاط الحكومة حائرا يبحث إجابة ؟! بعض من الشباب وكثير من قوى الحرية والتغيير ترى انه يحق لها هي فقط الخروج في 21أكتوبر بهدف ظاهره الضغط على الحكومة لإنجاز ما عليها إنجازه وقد فشلت فيه طوال الفترة الماضية وباطنه تغيير الحكومة بواحدة اخرى من (آل البيت القحتاوي) ايضا وهؤلاء لا يرون للآخرين حقا في الاحتجاج بل يتهمونهم بالعمل على إسقاط الفترة الانتقالية كلها. كثير من قطاعات الشعب السوداني التي تكتوى بنار الغلاء وسوء الخدمات والتفلتات الأمنية ترى أن من حقها هي فقط الخروج على الحكومة القائمة وإسقاطها هي وحاضنتها السياسية وهذا يعني أن ليس لقوى الحرية والتغيير حق في الخروج والتعبير في 21اكتوبر سواء بالدعوة للإصلاح أم الإسقاط ! تعرف كل من قوى اليمين من جهة وقوى اليسار من جهة أخرى أن المعركة بينهما صفرية وان 21 اكتوبر من المناسبات المناسبة جدا لتصفية الآخر معنويا وماديا لذا تحاول اي قوى منها (الحجز قدام) واغلاق الشارع في وجه القوى الأخرى ! كما اعتدنا في أوقات سابقة لن تفلح قوى في نسف الأخرى تماما -هذا ما نجح في الماضي ولم ينجح في الحاضر ولن ينجح في المستقبل وستكون أكتوبر الحالية فصلا آخرَ من فصول الأذية فقط دون ازهاق الروح تماما ! على قوى اليسار التسليم بفشل التجربة الحالية مثلما سلمت قوى اليمين بسقوط تجربة الإنقاذ وهذه مسألة مهمة وتصلح لبداية جديدة وصحيحة. المسألة الثانية المهمة أيضا هي أن يتفق الجميع يمينا ويسارا على حتمية حل الحكومة الحالية بلا ضرر ولا ضرار وأن يتم تشكيل حكومة من كفاءات مستقلة تماما وليست متحزبة ابدا. المسألة الثالثة هي أن تنصرف القوى الحزبية لإعداد نفسها للإنتخابات القادمة وأن تعفي الشعب والوطن من خدماتها في هذه المرحلة! إن التوافق اعلاه ضروري ويجنب البلاد فصلا من الصدام المتوقع في 21اكتوبر وما بعده !