بعد ان شرع الرئيس الأمريكي مؤخرا في البدء في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب التي تصدرها وزارة خارجيته وتجدد سنويا، كثر الحديث هذه الأيام عن مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) ، دار لغط كثير حولها من مسئولين في الحكومة الانتقالية وبعض السياسيين. – تكونت (مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون) Heavily Indebted Poor Country (HIPC) Initiative بمبادرة كريمة من البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و المؤسسات المالية الدولية في العام 1996- ، كان هدفها الرئيسي هو تخفيف او إعفاء ديون الدول الأكثر فقرا وايضا لضمان عدم مواجهة أي بلد فقير عليه عبء ديون متراكمة لا يستطيع إدارتها، وذلك عبر استيفائها للشروط المطلوبة من قبل المبادرة، أهم الشروط هي ان ترسي هذه الدول برنامج إصلاح اقتصادي عبر موجهات برامج التكييف الهيكلي التي يتبناها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمدة زمنية متفق عليها، ولقد استفادت من هذه المبادرة الى الآن 37 دولة مجملها من الدول الافريقية أبرزها اثيوبيا وتشاد وافريقيا الوسطى وآخرها الصومال حيث تم تخفيض ديونها في المتوسط بنسبة 75 في المئة… بالنسبة للسودان حتى يتمكن من البدء في الاستفادة من هذه المبادرة لابد له من الخروج النهائي من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي تعتبر بمثابة خطوة ابتدائية لازمة للتقديم للمبادرة، لكن هذه الخطوة ليست وحدها هي الكافية للحصول على برنامج تخفيض او إعفاء الديون. بعد خروج السودان رسميا من قائمة الدول الراعية للإرهاب يمكنه التقديم مباشرة لنادي باريس الذي يتكون من مجموعة الدول الغنية الدائنة ولقد تم انشاؤه في العام 1956، في الاساس نادي باريس وبرنامج التكييف الهيكلي الذي يتبناه صندق النقد الدولي هدفهم الأساسي خدمة مصلحة الدائنين في ان يستردوا أموالهم من الدول المديونة، وفِي سبيل ذلك يفرضون سياستهم للإصلاحات الاقتصادية على الدول المديونة التي من اهم ملامحها العامة هي تبني اقتصاديات السوق الحر كمثال لها الخصخصة وخفض الانفاق الحكومي. تبلغ ديون نادي باريس على السودان حوالي 60 مليار دولار منها 1،3 مليار دولار ديون لصندوق النقد الدولي. بعد التقديم للمبادرة يشرع السودان في اتباع برنامج إصلاح هيكلي اقتصادي (قاسي) برعاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والذي سيشتمل على رفع الدعم كليا وتعويم الجنيه السوداني لمدة زمنية ليست بالقصيرة. بعد ذلك يتم تقييم هذه الإصلاحات الاقتصادية يمكن للسودان بعدها ان يحصل على إعفاء حوالي 45 مليار دولار من ديونه المستحقة لنادي باريس، ذلك يجعل المبلغ الواجب السداد حوالي 15 مليار دولار فقط لاغير ويمكن جدولتها لفترة زمنية أطول.. درجت التصريحات غير الدقيقة من بعض مسئولي الحكومة الانتقالية والسياسيين في الفترة الاخيرة الى ان الخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب هو نهاية مطاف إعفاء الديون وده خطأ يجب تصحيحه حيث ان الخروج من القائمة ما هو إلا خطوة واحدة كبيرة جدا من ضمن خطوات اخرى واجبة لإعفاء الديون. الجدير بالذكر ان صندوق النقد الدولي صدق في الشهر الماضي على خطط لمراقبة برنامج مدته عام واحد للإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة الانتقالية في السودان وده خطوة جيدة لبناء الثقة الدولية والتحرك بخطى متسارعة نحو تخفيف عبء الديون عبر مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون…