-أجمع اقتصاديون على أن أزمة إدارة الموارد الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي في البلاد منذ سبعينات القرن الماضي السبب الرئيسي لارتفاع ديون السودان الخارجية والتي نتجت لغياب المنهجية في السياسات المالية والنقدية، ولاتباع نهج اقتصادي غير رشيد في إدارة الموارد الاقتصادية. وفي الوقت الذي تترقب الدوائر العالمية والإقليمية تشكيل الحكومة المدنية للفترة الانتقالية عقب توقيع الاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوي اعلان الحرية والتغيير، فإن العديد من العوائق تواجه اقتصاد السودان، منها تعذر الوصول إلى سوق القروض الأجنبية ، بجانب المديونية الكبيرة للدولة والعجز عن سداد أقساط الديون الحالية للشركاء الاقتصاديين، سواء كانت جهات الإقراض دول أو مؤسسات تمويل عالمية، وما يفاقم أزمة الدين وتأثيرها السلبي على التصنيف الائتماني العالمي للسودان هو العجز عن سداد أقساط الدين، فلا يزال السودان في حالة مديونية حرجة ونسب الدين العام والخارجي عند مستويات مرتفعة، وبحسب آخر احصاء رسمي بلغ 58 مليار دولار شمل الفوائد ومعظمه متأخر السداد، ووفقا لنتائج تحليل المؤسسات المالية العالمية التي تشير إلى عدم قدرة السودان على الاستمرار في تحمل الدين، فقد طالبت بضرورة أن ينتهج السودان سياسات اقتصادية سليمة، وأن يواصل حشد التأييد اللازم لتخفيف أعباء الدين، وأن يقلل الاقتراض بشروط غير ميسرة، وتكتسب تسوية الدين الخارجي الذي يتعذر على السودان الاستمرار في تحمله أهمية بالغة للمجتمع الدولي، تتطلب المزيد من التأييد لإنجاح استراتيجية الإصلاح الاقتصادي في السودان في ظل الحكومة الجديدة القادمة. خبراء اقتصاديون قدموا الحلول والمقترحات التي تساهم في معالجة قضية الدين الخارجي نظرا للمنعطف الذي تمر به البلاد والحوجة لزيادة المساعدات الائتمانية الدولية. الدكتور إبراهيم أحمد البدوى عبد الساتر الخبير الاقتصادي، قال إن ديون السودان الخارجية تشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد السوداني وعائقا أمام استدامة النمو والاستثمار في مشاريع البنيات التحتية، مضيفا بأن تراكم الدين عائد إلى عدم قدرة النظام السابق على التفاوض مع مجموعات الدائنين من مؤسسات التمويل الدولية، و دول نادي باريس على إعفاء أو تخفيض الديون أو حتى تجميدها، وذلك للأسباب المعروفة المتعلقة بعلاقات السودان الخارجية وقضية دارفور، مضيفا بأن السودان يستطيع حاليا في ظل علاقات دولية طبيعية الاستفادة من مبادرات تخفيض عبء الديون على الدول الفقيرة ذات المديونية العالية ( HIPCS) ومبادرة مجموعة السبعة لخفض الدين الخارجي إلى أقل من 20% من الدخل القومي. ولفت إلى إن إعفاء الديون وإعادة الهيكلة وابرام اتفاق للتمويل مع المؤسسات الدولية سوف يؤدي حتما إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية بصورة كبيرة . الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير قال إن قضية ديون السودان الخارجية قضية معقدة وقد يشكل ضغط الدائنين عائقا أمام الاقتصاد السوداني، مستدركا بأن التوافق الذي حدث بين تحالف قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري والانتقال إلى حكومة مدنية يعقبها الانتقال إلى حكومة منتخبة؛ تعطي إشارة إيجابية، يمكن بعدها توقع رفع الولاياتالمتحدةالأمريكية اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مما يسهل تبني صندوق النقد والبنك الدولي لرفع الدين الخارجي عن السودان. واضاف بإمكانية استفادة السودان من المبادرة الخاصة بإعفاء الدول المثقلة بالديون للحصول على إعفاء كامل لديونه، لافتا إلى أن ذلك يتطلب تحركا كبيرا للدبلوماسية الرسمية والشعبية وجهدا من الفريق الاقتصادي القادم بالحكومة الجديدة للتواصل مع المجتمع الدولي للحصول على الإعفاء، وأضاف بأن الحكومة القادمة يقع عليها عبء كبير في التواصل مع المؤسسات المالية العالمية للاستفادة من كل الامتيازات الممكنة خاصة التمويل بالشروط الميسرة وهو يشكل أكبر التحديات التي ستواجه الحكومة. وطالب الدكتور أبوبكر التجاني الحاج؛ الخبير الاقتصادي ببرنامج الأممالمتحدة الإنمائي؛ بالتركيز على الدور الدبلوماسي الإقليمي والدولي لإعفاء ديون السودان و جدولة المتبقي لفترات سداد معقولة ، بالإضافة إلى تحريك المنظمات والمؤسسات الإقليمية للمساهمة في إعفاء الديون وتعريف الدائنين بحقيقة فساد النظام السابق، وعدم استخدام القروض في الصرف على التنمية و منفعة الشعب السوداني مما أدى إلى تردي البنيات التحتية والخدمات وارتفاع معدلات التضخم وشح السيولة والسلع الأساسية. ودعا إلى ضرورة شرح الاقتصاديين لكافة ملابسات إنفاق المنح والقروض في عهد النظام السابق، مضيفا بأن العمل الدبلوماسي النشط المخرج لقضية الديون الخارجية خاصة وأن السودان يتحمل عبء استضافة عدد كبير من اللاجئين ويحمي أهم معبر لتجارة البشر والهجرة لأوربا ويساهم في محاربة الإرهاب وفي ذات الوقت لم توجه مبالغ هذه الأنشطة لفائدة الاقتصاد السوداني ، لافتا إلى أنها جميعها حيثيات تمهد إلى إعفاء ديون السودان .