الطريق الثالث …بكري المدنى المنشورات الكثيفة التي أعقبت الإعلان عن انقلاب قبل ايام، طرحت قضية مهمة؛ لطالما اكتنفها الغموض والسكوت، في وقت فجرت فيه الثورة كل القضايا وانتهى عهد (الغتغتة والدسديس)، واعني قضية الشيخ موسى هلال رئيس مجلس الصحوة وزعيم عشيرة المحاميد المعروفة. أعرف الشيخ موسى هلال جيدا، فلقد قدر لي ان أشارك في اول حوار صحفي معه رفقة الزميل الأستاذ الطاهر حسن التوم أكمل الله صورته ورفع (حال البلد)، وجاء ذلك الحوار كتشريح لشخصية الشيخ هلال وقد حمل العنوان الذي سارت به الركبان (أسطورة الجنجويد)، وقدر لي أيضا ان أجري الحوار الصحفي الأخير مع الشيخ موسى هلال، والذي خرج من بعده مغاضبا إلى (مستريحة) والتي عاد منها معتقلا بتهمة التمرد. ما بين الحوار الأول والحوار الأخير وبينهما اكثر من عشر سنوات وعشرات اللقاءات، عرفت وزن وخطورة الشيخ موسى هلال، وهي المزايا التي لم يجهلها النظام السابق، ولا اعتقد ان النظام الحالي يجهلها ايضا، وربما ذلك ما تسبب في وضع هلال زمان ووضعه اليوم، وهو الوضع الذي يمكن اختصاره في ان حبس الرجل مشكلة وإطلاق سراحه مشكلة أيضا! كان بالإمكان المناداة بإطلاق سراح الشيخ موسى هلال ولكن إطلاق سراحه – ساكت – مشكلة لأن الرجل قادر على قلب كل الموازين وخلط جميع الأوراق والمعادلات، وكان بالإمكان المطالبة بمحاكمته ولكن هذي ايضا غير معقولة لأن تهمة هلال هي التمرد على نظام تمرد عليه الكثيرون بمن فيهم الذين يحبسونه اليوم والذين بلغ تمردهم على ذلك النظام حد الإسهام في إسقاطه! ان الحل – في تقديري – ما بين إطلاق السراح غير المشروط او المحاكمة هو الاتفاق السياسي مع الرجل والدولة التي فاوضت حملة السلاح في جوبا، وعلى رأسهم الدكتور خليل إبراهيم ومالك عقار واركو مناوي، وتسعى اليوم لمحاورة عبد العزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور، عليها ان تفاوض الشيخ موسى هلال في الخرطوم. ان قضية الشيخ موسى قد تكون أكثر حساسية لكنها ليست أكثر تعقيدا، ويمكن بجهد معقول الوصول فيها إلى تسوية والى اتفاق يجبر الكسر ويزيل الضرر ويخرج الرجل من محبسه إضافة للسلام وللسودان. بعيدا عن الصحوة والثورة فإن الشيخ موسى هلال رجل بادية وزعيم عشيرة وشيخ قبيلة ان اتفق التزم فللكلمة في البادية ثمنها وعند العشيرة قيمتها وللقبيلة حكمها.