العالمون بشؤون الطيور يدركون القاعدة المطلقة وهي .. أن الصقور لا تقتات على الجيف .. بل لها القدرة على مطاردة فرائسها واصطيادها والتهامها .. ولكن يبدو أن تطبيق هذه القاعدة على ما نحن بصدده اليوم .. والانتقال بها من ساحة الطيور الى ساحة السياسة .. قد ينقل صقر الجديان الى خانة النسور .. المعروف عنها أنها .. عكس الصقور .. تقتات على نتائج الصراعات المستمرة بين الحيوانات .. فتحصل على غذائها من بقايا تلك المعارك وما تخلفه من فتات .. عليه فإن الخرطوم التى تحمل صقر الجديان شعارا .. ليس فى يدها من صفات الصقور ما تفعله للتدخل فى الصراع الدائر بين الحمار جو بايدن .. شعار الحزب الديمقراطى .. والفيل دونالد ترامب .. شعار الحزب الجمهورى .. وليس من خيار أمامها غير تمثل حالة النسور وانتظار الفائز للحصول على غذائها ..! ولكن .. وغير بعيد عن هذا .. ماذا ينتظر السودان ..؟ بداهة الكل يعلم أن اكثر ما يشغل السودان الآن هو .. إكتمال إجراءات رفع اسمه من قائمة الإرهاب .. و المدهش أنه ورغم أن هذه الإجراءات قد بدأت فى عهد ترامب .. فإن فرص اكمالها تبدو ارجح حال فوز بايدن منها حال فوز ترامب .. لماذا ..؟ لأن واحدة من الإفادات القطعية النادرة التي قدمها بايدن خلال حملته الانتخابية .. هو وصف طريقة تعامل إدارة ترامب مع هذا الملف بالابتزاز .. اكثر منها طريقة دبلوماسية محترمة .. والملاحظ أن بايدن قد قدم هذه الإفادة في معرض نقده لطريقة أداء ترامب .. وليس فى إطار الحديث عن السياسة الخارجية .. التي يسمى ملكها فى واشنطن .. عليه يفترض المراقب أن يذهب بايدن مباشرة لاتخاذ الخطوات الطبيعية لحسم هذا الملف .. شريطة أن يحتفظ الملف بموقعه المتقدم في سلم اولويات واشنطن حال فوز بايدن .. وهذا يفرض على الخرطوم أن تستعيد صفات الصقر وتبادر بخطتها الاقتحامية التى تفرض على الإدارة الجديدة المضي قدما في اكمال الملف ..! بالنسبة لترامب .. الذى اثبت في كثير من المناسبات أنه يحمل بعض صفات شعار حزبه .. الفيل .. رغم أنه ليس عضوا أصيلا فيه .. فالرجل سريع الغضب .. سريع الالتفاف .. بل والانقلاب مائة وثمانين درجة اليوم عن موقف اتخذه بالأمس .. لذا فإن اعباء إضافية تنتظر الخرطوم للاحتفاظ بسخونة الملف .. خاصة إذا ما غادر مايك بومبيو منصبه الحالي كوزير للخارجية .. فقد ثبت أنه لعب دورا محوريا فى جهود رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب .. وهو أمر وارد سيما إزاء الفرق الواضح بين الرجلين فى التعامل مع الأشياء .. ففي الوقت الذي يجتهد فيه بومبيو للتصرف كرجل دولة محترم .. يتصرف ترامب كمالك لتلك الدولة ..! ولعل السؤال يتجاوز السودان الآن للأشمل .. ماذا ينتظر العالم بعد الانتخابات الأمريكية ..؟ رغم تأكيدنا بأن السودان جزء من هذا العالم يتأثر بكل ما يؤثر فيه .. لقد عاش العالم حقبة امريكية اصطبغت بالعنف طوال عهد ترامب .. والمفارقة أن هذا العنف قد طال حتى أصدقاء ترامب لا أعداءه فحسب .. فترامب هو اول رئيس امريكى يجاهر بطلب اموال ضخمة مقابل خدمات قال إن بلاده تقدمها لبعض الأصدقاء .. كما وصفهم .. وقد بدا ذلك المسلك خاليا من الذوق .. وعنيفا .. العالم بالطبع ينتظر مسلكا مختلفا من بايدن ملك السياسة الخارجية .. كما اسلفنا .. فقد قضى عشرات السنين من عمره رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بالكونقرس .. علاوة على سنوات اخرى قضاها نائبا للرئيس .. ويلخص مراقبون الفرق بين المرشحين .. فى أن ترامب سيزداد تشددا فى إعتبار امريكا مركز الكون وقطبه الأوحد .. بينما سيسعى بايدن للعودة بالولايات المتحدة إلى مكان الصدارة من العالم .. ولكن كشريك حقيقي .. لا كسيد مطلق ..!