خبير اقتصادي، متخصص في إدارة سياسات الاقتصاد الكلي، وسياسات الاقتصاد الرقمي أولاً: مقدمة موجزة للورقة لا يزال السودان يعاني من تفاقم مشكلة متأخرات الديون المتراكمة، وهو مؤهل لتخفيف تلك الأعباء بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبك). لذا هدفت هذه الورقة إلى تحديد مسار اعفاء الدين، مع الأخذ في الاعتبار إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب من قبل الولاياتالمتحدة التي كانت تشكل أحد العوائق أمام التخفيف المتوقع لأعباء الديون. حيث سلطت الورقة الضوء على خطورة أعباء الدين الخارجي وتأثيره المباشر على الاقتصاد السوداني خلال الفترة الانتقالية والفترة التي تليها، وقد تفاقم هذا الأثر بسبب متأخرات السودان الكبيرة، والتي أعاقت الوصول إلى العديد من السُبل التقليدية للدعم التمويلي الخارجي لتلبية الاحتياجات التنموية للمرحلة الانتقالية. تجدر الإشارة إلى الورقة تم نشرها قبل قرار إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب في 14 ديسمبر 2020م، ولكنها حددت المسار لإعفاء الديون بعد خروج السودان نهائياً من القائمة. لا يزال السودان في وضع مديونية حرج للغاية، فقد بلغ رصيد دين السودان الخارجي حوالى 55 مليار دولار في نهاية 2019م (85% من الدين في شكل متأخرات فوائد)، ومن المتوقع أن يبلغ حجم الدين الخارجي حوالى 60 مليار دولار بحلول ديسمبر 2020م، ورغم بعض التقدم التي تحقق في استيفاء بعض المتطلبات الفنية الأساسية من خلال البرامج التي يتابعها خبراء صندوق النقد الدولي (15 برنامج منذ 1997 وحتى يونيو 2020م). إلا أن السودان لم يجد حتى الآن أي استجابة جادة من المجتمع الدولي بشأن تخفيف أعباء ديونه، ولم يطرأ أي تحسن ملموس على الآفاق المتوقعة، حيث نتج عن إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ 12 أغسطس 1993م، معارضة الولاياتالمتحدة إمكانية حصول السودان على قروض من قبل الصندوق والبنك الدوليين وكذلك معارضتها أي قرارات لإعفاء أو تخفيف أعباء الديون. وفي هذا السياق، فقد وقّع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اليوم الاثنين 14 ديسمبر 2020م على إلغاء تصنيف السودان قائمة كدولة راعية للإرهاب وتم النشر رسمياً للقرار في السجل الاتحادي، ليفتح المجال واسعاً للحكومة الانتقالية للمضي قدماً في مسار اعفاء الديون. حيث أن الأمر الجيّد للغاية هو تويتة وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن (المنتهية فترته)، في نفس اليوم والتي ذكر فيها أن وزارة الخزانة ستعمل مع الحزبين في الكونغرس والسودان لتصفية متأخراته في المؤسسات المالية ومساعدته على تخفيف أعباء ديونه في العام 2021م. الجدير بالذكر أن مسار تخفيف أعباء الديون يعتمد بالأساس على تحرك الحكومة الانتقالية الجاد للحصول على مساعدات ودعم سياسي مُقدّر. وبناءً عليه، ومن أجل العودة للتفاوض بشأن الموضوع، لابد للحكومة من الجدّية في تنفيذ السياسات التي تجعل الدين قابل للاستمرار من الناحية الفنية (Sustainable)، وذلك من أجل استعادة الزخم والحصول على فرص التمويل الخارجي، والتوقف عن الدخول في اتفاقيات للحصول على القروض غير المُيسّرة. كما يتطلب الحصول على تأكيدات بالدعم من الدائنين الرئيسيين وتكثيف التواصل معهم لحشد التأييد والدعم، وعودة العلاقات إلى طبيعتها مع المؤسسات المالية الدولية، وإنشاء سجل أداء جيّد على صعيد السياسات مع صندوق النقد الدولي (Track Record). جدير بالذكر أن أحد أهم العقبات كذلك التي واجهت السودان في الوصول لإعفاء الدين هو عدم فعالية العمل باتفاقية الخيار الصفري (Zero Option) مع دولة جنوب السودان، وهي اتفاقية تم توقيعها في 2012م، بين السودان ودولة جنوب السودان والتي تنص على التزام السودان بجميع الديون الخارجية بعد الانفصال ومشروطة بالتزام المتجمع الدولي بتخفيف أعباء الديون على السلام خلال فترة عامين. وفي حال عدم التزام المجتمع الدولي بتعهداته (وقد كان) سيتم تقسيم الدين الخارجي تناسبياً (Debt Apportionment) على أساس صيغة محددة. وقد تم تمديد هذه الاتفاقية منذ توقيعها لأكثر من ثلاث مرات، من أجل الاستمرار في التواصل مع الدائنين بهدف حشد الدعم اللازم لتخفيف أعباء ديون السودان. ثانياً: ديون السودان الخارجية حقائق وأرقام لا يزال دين السودان الخارجي مرتفعاً، فقد بلغ رصيد الدين حوالى 55 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2019م، وارتفع الدين الخارجي من 176% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2018م إلى 193% في نهاية 2019م نتيجةً للانخفاض الكبير في قيمة العملة الوطنية، حيث تم تخفيض سعر الصرف الرسمي مرات عديدة كان آخرها في أكتوبر 2018م حيث كان سعر الصرف الرسمي 47 جنيه مقابل الدولار. وبلغت نسبة الديون الخارجية متأخرة السداد نسبة 85%، كما أن لم يطرأ أي تغيير على هيكل الدين على مدار العقد الماضي وحتى تاريخه. حيث بلغت نسبة الدين الثنائي (أعضاء نادي باريس وغير الأعضاء في نادي باريس) حوالي 75.6% من إجمالي الديون، ومقسمة بالتساوي بينها. ويليها الدين التجاري بحوالي 14.4% والدين الخارجي متعدد الأطراف بنسبة 10%. كما يبين إطار استمرارية القدرة على تحمل الدين، أنه من الناحية الفنية أن ديون السودان هي غير مستدامة حيث أن كل المؤشرات الفنية الموضحة تعتبر أعلى بكثير من مستوى الاستدامة المطلوب، ووفق المعايير الموضوعة من قبل المجتمع الدولي في هذا الشأن. فقد بلغت القيمة الحالية للدين إلى إجمالي الناتج المحلي نسبة 163,4% في مقابل مؤشر الاستدامة البالغ 30%، وبلغت القيمة الحالية للدين إلى الصادرات 1193,3% مقابل مؤشر الاستدامة البالغ 100%. كما بلغت القيمة الحالية للدين إلى الإيرادات 2,718% مقابل مؤشر الاستدامة البالغ 200% كما هو الوضع في نهاية 2019م. ثالثاً: توصيف مختصر لتداعيات لتراكم ديون السودان الخارجية على الاقتصاد الكلي لقد أعاق تفاقم مشكلة متأخرات الديون المتراكمة وإدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ أغسطس 1993م تدفقات القروض من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية والدول المانحة، كما حال دون الاستفادة من المبادرات الدولية في المحاور الاقتصادية والاجتماعية. حيث ترتب عن إدراج السودان في القائمة صدور قرار وزارة الخارجية الأمريكية بمنع التسهيلات والقروض والمنح المالية للسودان. بالإضافة إلى قرار الكونغرس الأمريكي في عام 2003م والتي أكد فيها استمرار الحظر عدا تقديم المساعدات الإنسانية. هذا وقد أدى تفاقم مشكلة الديون الخارجية وانحسار تدفقات القروض المُيسّرة والمعونات من مصادر التمويل الدولية إلى لجوء السودان إلى مصادر التمويل قصيرة الأجل وبفوائد عالية مما أدى إلى مزيد من التحديات، إلى جانب اللجوء إلى السياسات المالية العامة التي لا تنسجم مع أهداف تحقيق واستدامة الاستقرار والنمو الاقتصادي والمتوازن في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بسبب توجيه الموارد المالية المتاحة للقطاع الخاص إلى القطاع العام، من خلال عملية سد العجز في الموازنة العامة للدولة الناجم عن تراجع الموارد الخارجية. بناءً عليه، سيشكل استمرار موقف الديون الخارجية في حال عدم تحرك الحكومة الانتقالية مصدراً خطيراً للاختلال في موقف الحسابين الداخلي والخارجي، ويعرّض الاقتصاد السوداني إلى مخاطر أزمات اقتصادية غير محسوبة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف قدرة السودان على تحقيق أهدافه المتمثلة في إيجاد تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة. تجدر الإشارة إلى أنه توجد عديد من العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت في تراكم المديونية الخارجية، حيث كان السودان وما يزال يفتقر إلى التقيّد الصارم بالأسس العملية والمؤسسية التي تحكم عمليات التفاوض بشأن شروط الاقتراض الخارجي، وإجراء التعاقد عليها وفق موجهات وسياسات واضحة، وكذلك القصور في دراسات الجدوى للمشروعات التنموية الحكومية التي يجب أن يتم الشروع في تنفيذها بمجرد الحصول على التمويل الخارجي. كما أن ديون السودان الحالية هي غير مستدامة نتيجة لارتفاع حجم الفوائد التعاقدية والجزائية المفروضة عليها بموجب بنود اتفاقيات القروض. هذا بالإضافة إلى ارتفاع مخاطر البلد (Country Risk) نتيجة لتراكم الديون وعجز الدولة على مقابلتها، إلى جانب عدم الاستقرار الاقتصادي الذي اتسم به الاقتصاد السوداني خلال معظم فترات تراكم الديون وإهمال عملية السداد بالرغم من توفر الموار خلال حقبة البترول. ومن أهم التداعيات السلبية لتلك المخاطر بأنها قد أضعفت قدرة السودان على الانفتاح على أسواق المال الخارجية والحصول على النقد الأجنبي وتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر. الأمر الذي انعكس أدي إلى مزيد من التراجع في موقف النقد الأجنبي وبالتالي مزيد من الاختلال في الحساب الخارجي ومن خلاله إلى الاختلال في الحساب الداخلي. رابعاً: المسار نحو تخفيف أعباء ديون السودان الخارجية في إطار مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبك) لجأت الدول والمنظمات العالمية إلى تنبي فكرة مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) عندما تطورت مشكلة الديون العالمية وأصبحت غير مستدامة وأخذت تهدد الاقتصاد العالمي حيث فشلت في هذا الصدد المبادرات التقليدية في علاج مشكلة الديون الخارجية. بناءً عليه، قام البنك وصندوق النقد الدوليين وبمشاركة منظمات دولية عديدة بتصميم مبادرة الهيبك في عام 1996م. ويتمثل الهدف الرئيسي لها في خفض ديون الدول التي تنطبق عليها شروط ومعايير المبادرة خلال فترة زمنية محددة إلى مستوى يمكّن تلك الدول من سداد الدين دون الحاجة إلى مساعدات خارجية حيث يصبح الدين حينها قابل للسداد أي في الحدود الآمنة (Sustainable). تجدر الإشارة إلى هذه المبادرة تتميز عن المبادرات التقليدية ومبادرتي نادي باريس ونادي لندن بمسألة الشمولية إذا تشمل تلك المبادرة معالجة ديون المؤسسات المالية الدولية ودول نادي باريس ونادي لندن وديون دول التعاون الثنائي، وبذلك هي ملائمة للغاية لمعالجة إشكالية ديون السودان الخارجية. خامساً: الشروط المؤهلة للاستفادة من مبادرة الهيبك ومبادرة المؤسسات الدولية تشمل قائمة الشروط ما يلي: معايير استدامة الدين، وإطار استمرارية تحمل الدين (DSA): وهي القيمة الحالية للدين إلى موارد الصادر (100%)، والقيمة الحالية للدين إلى الإيرادات الحكومية (200%)، والقيمة الحالية للدين إلى إجمالي الناتج المحلي (30%)، ونسبة خدمة الدين إلى الصادرات (15%)، ونسبة خدمة الدين إلى الإيرادات (18%). الوصول لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لرسم وصياغة البرنامج الذي يراقبه موظفي الصندوق (Staff-Monitored Program)، من أجل تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل خلال فترة عام يتم من خلال تحقيق سجل مرضٍ (Tack Record) على صعيد السياسات. إعداد الوثيقة المرحلية للفقر (I- PREM) وهي ورقة استراتيجية قطرية تهدف لتخفيض الفقر. سداد ديون المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي. إرساء دعائم السلام المستدام واتباع نهج الحكم الرشيد، والديمقراطية والشفافية، وحل كافة المشكلات السياسية. سادساً: موقف السودان حالياً من الشروط المؤهلة للاستفادة من مبادرة الهيبك والوصول إلى نقطة اتخاذ القرار السودان مؤهل للحصول على مساعدات لتخفيف أعباء الديون في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبك ولكنه لم يستوف بعد كل شروط التأهيل. والمهم أنه لا يزال بحاجة إلى الحصول على تأكيدات من الدائنين الرسميين والتجاريين الثنائيين بأنهم على استعداد للنظر في تخفيف أعباء الديون. وفي الوقت الحالي، يفي السودان بالشروط التالية لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك): يواجه السودان حالة من عدم القدرة على مواصلة تحمل أعباء الديون والتي لا يمكن تسويتها من خلال آليات تخفيف أعباء الديون التقليدية. سبق وأن تم أعداد تقريراً مرحلياً عن استراتيجية الحد من الفقر. وأجرى خبراء الصندوق والبنك الدولي تقييماً لهذا التقرير المرحلي وناقشه مجلسا المؤسستين في سبتمبر 2013م ويعكف الجهاز المركزي للإحصاء حالياً على إعداد تقرير جديد عن استراتيجية الحد من الفقر من المتوقع أن يرى النور في عام 2021م. أكلمت الحكومة الانتقالية المرحلة الأولى من اتفاق السلام مع حركات الكفاح المسلح وتجري المفاوضات مع حركتي تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور والحركة الشعبية شمال – جناح عبد العزيز الحلو. وللوصول إلى نقطة القرار (Decision Point)، سيتعين على الحكومة الانتقالية القيام بما يلي: الحصول على تأكيدات بشأن دعم تخفيف أعباء الديون في إطار الهيبك من الأغلبية العظمي من الدائنين الذين يمثلون ما لا يقل عن 70% من الديون المؤهلة للاستفادة من الهيبك. وهذا سيكون ممكناً وخاصةً في أعقاب خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. إرساء سجل مرضٍ من الأداء القوي في مجال السياسات (Track Record) لدى الصندوق لمدة ستة أشهر على الأقل في الفترة المؤدية إلى نقطة اتخاذ القرار، وذلك في إطار برنامج يتابعه الخبراء ويرى المجلس التنفيذي للصندوق أنه يفي بمعايير السياسات المرتبطة بترتيبات الشريحة الائتمانية العليا. حيث وافقت الحكومة الانتقالية على هذا البرنامج مع الصندوق في يونيو 2020م وسيتم تنفيذه وتقييمه بشكل دوري حتى يونيو 2021م. جدير بالذكر أن الشريحة الائتمانية العليا هي نظام يستخدمه الصندوق لإدارة أنشطة الاقراض للدول الأعضاء الذين يرغبوا في الاستفادة من تسهيلات الصندوق للحصول على قرض محدد، حيث تقوم الدولة العضو بتقديم طلب للصندوق للحصول على قرض ليساعدها في مواجهة الصعوبات. سداد المتأخرات المستحقة للصندوق، ووضع خطة ممولة بالكامل وجدول زمني لسداد المتأخرات المستحقة للبنك الدولي وبنك التنمية الافريقي من أجل استعادة أهلية السودان للاقتراض من هذين المصدرين. أيضاً يساعد خروج السودان حديثاً من قائمة الإرهاب في قدرة السودان على الحصول على دعم خارجي لسداد تلك المتأخرات، في شكل قرض/ تمويل تجسيري (Bridge Loan) من الدول الأصدقاء التي لديها مقدرة مالية. سابعاً: ما هو القرض التجسيري/ التمويل المعبري وكيف يمكن للحكومة المدنية الحصول عليه؟ (غير مشروح في الورقة المرفقة باللغة الانجليزية) يُعرف الاقتصاديون القرض التجسيري بأنه عبارة عن قرض مؤقت يوفر تمويلاً مؤقتاً عندما يحتاج المقترض إلى زمن إضافي للحصول على التمويل الدائم حيث يسمح هذا النوع من التمويل للمقترض بتلبية الالتزامات الحالية بتوفير التدفق النقدي، وتعمل هذه القروض على "تجسير الفجوة" الزمنية المقترنة بالحاجة إلى التمويل. وفي موضوع الدين الخارجي، هو أحد الطرق التي تستطيع بلدنا من خلالها استيفاء الشروط الفنية لإعفاء الدين الخارجي وذلك في إطار مبادرة الهيبك. تبحث الحكومة عن دائن له إمكانات مالية قوية مثل أمريكا أو النرويج وغيرهما، تحصل منهم على القرض التجسيري " وقد تعهدت الولاياتالمتحدة بسداد مليار دولار، ونحتاج 1.6 مليار دولار أخرى كمتأخرات علينا لصالح البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، وتبلغ إجمالي المتأخرات للديون السيادية دي بما فيها الصندوق حوالي 2.6 مليار دولار، ولا يمكن اعفاؤها لأنها ديون سيادية. وبعد توفير هذه المبالغ يتم تسليمها للجهات الدولية المذكورة ويكون تم إطفاء ديونها ومتأخراتها على السودان. ومن ثم يقوم الصندوق والبنك الدوليين وبنك التنمية الأفريقي، بعد أن يثبتوا في دفارهم السداد، بإرجاع نفس المبالغ التي قمنا بتسديدها (لأهلها أي الدول الساعدتنا دي) خلال 48 ساعة فقط، وبالتالي يمكن لهذه المؤسسات جدولة الدين علينا من جديد" يعني عملنا كبري" بالبلدي كدا. وبهذا يعتبر السودان ليست لديه متأخرات لدى تلك المؤسسات السيادية. ونستطيع الوصول للدائنين الذين يمكنهم اعفاء أو تخفيف المديونية في إطار الهيبك، ولأننا سددنا الدين السيادي، كشرط ضروري وكافٍ للتفاوض وإطفاء الدين غير السيادي مثلاً دين دول نادي باريس. ومن هنا تنبع أهمية القرض المعبري/ التجسيري الذي يؤهلك تستوفي أهم الشروط لإعفاء الدين. ومثال لدول وضعها مثل حالة السودان من حيث أهمية القرض التجسيري، فقد حصلت زامبيا عليه بعد أن سجلت أداء قوي على صعيد تنفيذ برنامج الصندوق، وحصلت على قرض معبري من بريطانيا سددت بموجبه ديونها المستحقة للصندوق واستطاعت بعدها معالجة ديونها مع الدائنين الآخرين. وبرضو مثال آخر هو دولتي زيمبابوي والصومال ووصلوا بنفس السكة لإعفاء الدين. ثامناً: ماذا يحدث بعد وصول السودان لنقطة القرار؟ سيكون متاحاً للسودان الوصول للتمويل والمساعدات الضرورية للقيام بعملية التنمية وذلك من خلال الحصول على القروض المُيسّرة (Concessional Loans) من مختلف المؤسسات والصناديق المالية الدولية بما فيها صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التنمية الأفريقي. ومن المتوقع أن تحصل الحكومة على موارد مالية مقدّرة لسد عجز الموازنة والوصول به إلى الحدود الآمنة (أقل من 3% من إجمالي الناتج المحلي)، نظراً لأن استمرار مشكلة عدم الحصول على تلك القروض خلال فترة وجود السودان بالقائمة، أجبرت الحكومة على الاعتماد على تمويل العجز بأدوات الدين المحلية (ضمانات، صكوك، شهادات شهامة، وغيرها)، ونتوقع أن تقل هذه الظاهرة ونتحول لمرحلة الانضباط المالي بعد الاستفادة من تدفقات الأموال والمساعدات في المستقبل المنظور. وبعد التأكد من التزام الحكومة بالبرنامج الإصلاحي وفق رؤية الصندوق من خلال البرنامج الذي يراقبه موظفي الصندوق (SMP) وإعداد الوثيقة المرحلية عن استراتيجية خفض مستوى الفقر ويتم التأكد من الشروع في التنفيذ وبعد مرور مدة زمنية في حدود عام واحد يتم الوصول لنقطة الانتهاء (Completion Point) حيث يتم الشروع في إعفاء فوائد الدين التعاقدية والمتأخرات (الفوائد الجزائية)، ومبدئياً إذا حصل السودان بالفعل على تأكيدات بشأن دعم تخفيف أعباء الديون في إطار الهيبك من الأغلبية العظمي من الدائنين الذين يمثلون ما لا يقل عن 70% من الديون المؤهلة للاستفادة من الهيبك، فإن إجمالي الديون التي من المتوقع إعفاؤها هي 42 مليار دولار من أصل 60 مليار دولار كما في ديسمبر 2020م. على أن يبقى أصل الدين في حدود 18 مليار دولار كالتزام قائم على السودان. ولكن نتوقع بشكل عملي وتشاؤمي نوعاً ما أن يتم إعفاء ما يعادل 27 مليار دولار بدلاً عن المبلغ المذكور. وختاماً ولمعرفة كل التفاصيل أعلاه، يمكنك الاطلاع في قوقل على ورقتي البحثية المنشورة حديثاً جداً (وفق الرابط المبين أدناه) حول هذا الشأن وذلك للوصول لمزيد من المعلومات Navigating Sudanese Economy in the Transitional Period: Sudan's Path to Debt Relief Author's Details: Farouck Kambareesi: Senior Economist| Macroeconomic Policy Management| Digital Economy; E-mail: [email protected] Volume 9 , Issue 10 iframe class="wp-embedded-content" sandbox="allow-scripts" security="restricted" style="position: absolute; clip: rect(1px, 1px, 1px, 1px);" title=""Volume 9 , Issue 10" — International Journal of Case Studies (ISSN Online 2305-509X)" src="https://www.casestudiesjournal.com/volume-9-issue-10/embed/#?secret=wPanIuyCVw" data-secret="wPanIuyCVw" width="600" height="338" frameborder="0" marginwidth="0" marginheight="0" scrolling="no"