وسط تحديات ومشكلات الزراعة بمنطقة الفاو والرهد ، كثر حديث الإعجاب والاشادة بجهود ونشاط أحد المزارعين بها، (السوداني) وقفت على بعض تفاصيل مسيرة المزارع دفع الله بشير الشهير ب(كعورة) عبر هذه الإفادات استهل (كعورة)حديثه ل(السوداني) عن بداياته مع مهنة الزراعة في منتصف تسعينيات القرن المنصرم، وكيف بدأ شغفه بالمهنة منذ أن كان صغيراعندما كان يتسلل مواظبا على حضور محاضرات الإرشاد بما يعرف آنذاك بمدارس المزارعين التي كان يحتشد لها المزارعون من كل القرى واستمع لتلك المحاضرات التي ( تستهويني)، تقدم عبر مجموعة من العلماء والمرشدين الزراعيين أمثال عبدالعظيم عبدالغني وهو اليوم المدير العام لهيئة مشروع الرهد الزراعي. ونسبة لصغر أعمارنا كان يتم ( طردنا) من المحاضرات الا انني كنت (اختلس مجلسي) وسط المزارعين. الخطوات الأولى من خلال تلك المحاضرات تعلمت أساسيات الزراعة ، مثل الحزم التقنية والمكافحة المتكاملة للآفات في مجال الوقاية النباتية. وشرعت في ممارسة العمل في ( الحواشات) وبدأت بمشاركة بعض الاقارب من المزارعين مقابل (عملي اليدوي) وقمت بتطبيق كل ما تعلمته وحفظته من تلك المحاضرات الارشادية بتطبيقه على أرض الواقع في الحواشة وبسبب حبي وإخلاصي للمهنة كانت تجربتي (ناجحة جدا) وأظهرت فوارق كبيرة من حيث كميات إنتاج المحاصيل. تحدي الأرض بعد نجاحي في التجربة الأولى قررت خوض تجربة ( إيجار الأرض) وزراعتها حيث كنت اتفق مع المزارع صاحب الأرض بتحديد كمية معلومة من المحصول وغالبا يكون عدد من جوالات الذرة يتم استلامها عند موسم الحصاد. وبدأت زراعة محاصيل نقدية مثل الفول والقطن ولقناعتي الراسخة أن مهنة الزراعة كالصناعة ، التي تتم عبر إدخال المادة الخام أيضا في الحواشة، وتعلمت كيف يقوم المزارع بإضافة العناصر الكبرى والصغرى التي يحتاجها النبات. وبانخراطي في ممارسة الزراعة واكتسابي لمزيد من الخبرات ومعرفة (الأخطاء) من موسم الى آخر وتجنبها وكيفية تركها، استطعت تحقيق المزيد من النجاحات في جميع المحاصيل امتلاك حواشات لم يكن (الأمر سهلا) فقد كنت اعاني كثيرا من تأجير الأرض حيث اقوم بنظافتها وحرثها وتسويتها واعدادها كاملا، بعد عام واحد فقط حيث يطالب صاحب الأرض باسترجاع أرضه كي يزرعها بنفسه بعد رؤيته لما حققته من إنتاج، بعد هذه التجارب ما بين شراكة وايجار وما حققته من نجاح قررت شراء حواشة وبدأت بواحدة. . اتجاهات جديدة و فكرت في زراعة محاصيل أخرى جديدة وبدأت بزراعة محصول الأرز بالتعاون مع المنظمة اليابانية للتعاون الدولي جايكا، ( وبفضل الله ثم مجهودي) استطعت إنتاج ما فاق النسبة التي كان يهدف اليابانيون لتحقيقها وهي نسبة واحد ونصف للفدان بينما استطعت تحقيق نسبة (2,2) طن للفدان. كما قمت بتجربة زراعة القطن الصيني المحور ونجحت بإنتاج 34 قنطارا في الفدان الواحد، بعد ذلك دخلت في تجربة أخرى وهي زراعة بنجر السكر بالتعاون مع جامعة الجزيرة ورعاية وزارة الزراعة وايضا نجحت بتحقيق إنتاجية عالية بلغت 38 طنا للفدان متجاوزا بذلك الإنتاجية العالمية المحددة ب34 طنا للفدان وبنسبة سكر تجاوزت 23% بينما لا تتعدى النسبة العالمية 20%. اغتيال تجربة وبكل أسف اغتيلت هذه ( التجربة الفريدة) في عامها الأول لتوقف المصنع الذي أقامته وزارة الزراعة بعد مغادرة الشركة الصينية للمصنع في آخر مراحل التقييم ، وبعدها واصلت في زراعة الفول السوداني وحققت إنتاجية عالية جدا بلغت 55جوالا للفدان ، إضافة لزراعة زهرة الشمس والبصل والفاصوليا والقمح والكبكبي ، بحمدالله الآن تحولت من ( أجير امتلك عدد من الحواشات ) حصاد الجوائز . بفضل ما ظللت ابذله من جهد مضني بهدف التميز كان (النجاح حليفي) وقد نلت العديد من التقدير والتكريم والجوائز. فقد تم تكريمي من وزارة الزراعة الاتحادية و الولائية، وتكريم من اتحاد مزارعي مشروع الرهد وقد فزت بشهادة المزارع المتميز، كذلك إهداء من قبل المنظمة اليابانية وتلقيت أكثر هدية يقدرونها ولها مكانة خاصة في ثقافتهم وهي عبارة عن (دمية الأميرة اليابانية) سر النجاح بتوفيق من الله وحب وإخلاص لهذه المهنة و معرفة ( أسرارها وخباياها والصبر عليها) حققت الكثير من النجاح على المستوى الشخصي حيث امتلكت عددا من الحواشات، ومنزلا وتزوجت امرأة صالحة لها فضل كبير و هي شريكة في هذا النجاح هي (زوجتي ام أولادي) سارة أحمد عباس خريجة تكنولوجيا أغذية الأمر الذي ساعدني كثيرا في مجال الزراعة. . هلموا للزراعة كل ما ذكرته ليس للفخر والتباهي وإنما هي تجربة شخصية بكل ( تحدياتها ونجاحاتها) أضعها للشباب واقول لهم (هلموا للزراعة) ورسالة ابعثها لحكومة الثورة أرضنا خصبة معطاءة ، متى ما وجدت الزراعة ما تحتاجه من ( حب ورعاية وعمل دؤوب) ،حتما سنعبر وننتصر.