شركة ستامبر للنفط والغاز الكندية أعلنت في تقريرها المنشور في موقع (أويل برايس) عن أن احتياطيات حقل الراوات تمثل ثورة في مجال الصناعات النفطية عبر احتياطيات ضخمة يمكن أن تصل ل300 ألف برميل في اليوم، وسط توقعات بأن تكون تكلفة الإنتاج منخفضة مقارنة بالأسعار العالمية، نحو 17 – 20 دولاراً فقط للبرميل الواحد، مقارنة 50 – 75 دولاراً تكلفة إنتاج البرميل في مقاطعة البرتا الكندية، وهذا يعني أن إجمالي ربح سنوي يبلغ 292 مليون دولار في انتظار استغلالها. وبحسب التقرير، فإن الاحتياطات النفطية في الراوات التي تعمل عليها الشركة الكندية تقدر بحوالي 149 مليون برميل، بعد أن أظهرت الآبار الاستكشافية من (stratigraphic) تدفقات بمعدل 2500 برميل في اليوم للبئر. وتتوقع الشركة الكندية أن تصل أرباحها الإجمالية لنحو 6.75 مليار دولار سنوياً، مشيرة إلى شركة صينية فشلت في التوصل لاكتشافات في الحقل بعد أن أنفقت نحو 144 مليون دولار، بسبب أنها ركزت جهودها للبحث عن نوعية سهلة من النفط (تركيبي) (structural) بينما كان النفط الموجود من نوع آخر (stratigraphic) أكثر تعقيداً وصعوبة ويتطلب معرفة وتقنيات أكبر. إخلاء مسئولية أخلى موقع (أويل برايس) مسئوليته من المعلومات الواردة في التقرير وقال إنها مادة إعلانية مدفوعة الثمن، كاشفاً بأن التقرير يأتي في سياق حملة إعلانية تتضمن إعلانات (بانر) بتكلفة كلية بلغت 75 ألف دولار. غير أن الصحفي السوداني المختص بقضايا النفط السر السيد يقول إن تصنيف التقرير بأنه مادة إعلانية لا يعني أن كل ما نُشر فيه صحيح أو خاطئ إلا أنه في المقابل يحتاج لتدقيق من جهة فنية مستقلة، وهو أمر لم يحدث بعد. ويمضي الصحفي السوداني المختص بقضايا النفط السر السيد في حديثه ويقول "في حال ثبوت وجود احتياطيات ضخمة فإن التحدي الأساسي أمام السودان سيكون في كيفية استغلالها وتوفير الموارد المالية والتقنية اللازمة، وإذا تم تخطي هذه العقبة فسينعكس ذلك إيجابياً على مجمل الصناعة النفطية في البلادِ. ووقعت الشركة الكندية مذكرات تفاهم مع السلطات السودانية في أكتوبر من العام 2017، معلنة عن تحديد 20 بئر في الوقت الحالي، ستضخ 300 ألف برميل في اليوم بمجرد بدء الإنتاج، وفي ظل سعر السوق الحالي، 60 دولاراً للخام السوداني الخفيف المتوسط، أي ما يعادل 18 مليون دولار في اليوم - أو 6.57 مليار دولار سنوياً. الملاحظة الأبرز في تقرير ستامبر الإعلاني أن قيمتها السوقية لا تزيد عن 13.44 مليون دولار فقط، مؤكدة أنها تمتلك الخبرة والمهارة للقيام بتحقيق المشروع الحلم بالنسبة لها على ضفاف النيل الأبيض والاستفادة مما قد يكون آخر اكتشاف كبير تم التوصل له. وتخطط ستامبر للحصول على ضمانات بنكية للحصول على قروض لتمويل صفاقاتها وعلى رأسها شراء نحو 35% من حقل الراوات يشمل المناطق المطورة، وهو ما يُقدَّر بنحو 40 مليون دولار، ونحو 26 مليون دولار للمناطق غير المطورة، وتخطط ستامبر فعلياً لامتلاك حوض الراوات بالكامل 100% لتكون قادرة على إنتاج نفط بمواصفات قياسية وبسعر تنافسي. توقعات ومخاطر بغض النظر عن خطط وتوقعات ستامبر، إلا أنها تتجاهل جملة من المخاطر الاقتصادية والتقنية والسياسية المتعلقة بسوق النفط وعلى رأسها فشل الشركة الكندية في التوصل لتفاهمات مع الحكومة السودانية التي تمتلك حالياً الحقل بالكامل، هذا فضلاً عن قدرة الشركة على الحصول على تمويل لشراء 35% من الراوات لا سيما في ظل انخفاض أسهمها في سوق البورصة والتي وصلت حتى السبت لنحو 0٫36 دولار، هذا فضلاً عن تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية. بجانب كل ذلك، فإن شركات التأمين والضمان للقروض المصرفية تصنف السودان بأنه منطقة نزاعات، علاوة على ذلك هناك اعتبارات فنية تتصل بالتفسيرات الجيولوجية والنتائج القائمة على البيانات الحالية والتي من الممكن أن تتغير مع التوسع أكثر في عملية التقييم والدراسة التي يخضع لها الحقل حالياً. مسئول الإعلام بشركة ستامبر الكندية جايمي هيلاند وعد (السوداني) بالإجابة على العديد من التساؤلات وتقديم تفاصيل أكثر عن خططها للاستثمار في السودان، إلا أن الصحيفة لم تتلق إجابات من الشركة حتى تاريخ مثول التقرير للطباعة –طوال أكثر من 72 ساعة-. اسم جديد لابد هنا من الإشارة إلى أن شركة ستامبر تأسست في العام 1984 في فانكوفر الكندية ولم تكن معروفة في السودان قبل أكثر من أربعة أعوام، إلا أن رئيس مجلس إدارتها لطف الرحمن خان –كندي من أصل باكستاني- ربطته علاقات قوية بصناعة النفط السودانية حيث أسس في وقتٍ سابق عبر شركة (ستيت اويل بتروليوم) التي نشطت في حوض المجلد وهجليج وولاية الوحدة في المناطق التي خلفتها شركة شيفرون، والتي تضم نحو 750 مليون برميل من الاحتياطيات المؤكدة، فيما كانت الشركة الكندية نحو 150 برميل من النفط يومياً إلا أنها ولأسباب متعلقة بالحصار الأمريكي على السودان تركت العمل بعد أن شاركت في تشييد خطوط الأنابيب مع CNPC الصينية وبتروناس الماليزية، في مقابل ذلك لم تنقطع علاقة خان بالخرطوم ليأتي إليها باسم جديد هذه المرة. الصحفي السوداني المختص بقضايا النفط السر السيد يشير إلى أن تسريبات تشير إلى أن ستامبر في طريقها لشراء (ستيت أويل) التي تربطها صلات قديمة بالسودان، إلا أن الصفقة لم تكتمل بعد، لافتاً إلى أن الشركات العاملة في مجال الاستثمارات النفطية تتأثر بالفرص المتاحة والظروف المحيطة، مضيفاً: "الذي دفع الصين وماليزيا لدخول السودان غير الذي دفع شيفرون للخروج منه وكلها شركات نفطية تبحث عن فرص لكن تحكمها أوضاع واستراتيجيات مختلفة". أمل الراوات بدأ السودان في يناير الماضي الضخ التجريبي لعدد من آبار النفط في حقل "الراوات" الواقع بمربع "25" في ولاية النيل الأبيض. وقامت شركة الراوات بحفر أول بئر في الحقل في أكتوبر 2015، ليعلن أن شركة "الراوات" يشغلها كنسورتيوم يتكون من شركة "سودابت" بنسبة 70% و"إكسبريس" النيجيرية 15% و"منسانا" النيجيرية 15%.، لاحقاً خرجت الشركات النيجرية ليصبح الحقل ملكاً خالصاً للسودان. وبدأ الحقل إنتاجه من النفط الخام بواقع 2.5 ألف برميل يومياً، ويتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى سبعة آلاف برميل يومياً خلال المرحلة المقبلة. وقال وزير النفط والغاز عبد الرحمن عثمان إن حقل الراوات يمثل إضافة حقيقية لمجموعة الحقول العاملة بالبلاد، مستعرضاً خطوات الوزارة لمعالجة المعوقات التي تواجه شركة الراوات للبترول ما سينعكس إيجاباً في دخول الحقل الشبكة القومية للنفط في الربع الأول من العام الحالي- ما لم يحدث حتى الآن-. وطالب خلال الزيارة، وزارة المالية بضرورة العمل على توفير التمويل اللازم لتطوير الحقل عبر الاستكشافات الجديدة التي يجري العمل فيها حالياً بحقل الراوات. وتشير بعض التقديرات إلى أن تكلفة حفر البئر تتراوح بين 3-7 ملايين دولار، وهو ما يجعل التكلفة التشغيلية مرتفعة خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية لذلك سيكون التحدي الأكبر هو توفير التمويل المناسب خاصة في ظل وجود كوادر وخبرات سودانية باتت تمتلك المهارات اللازمة لتحقيق نجاحات في الصناعات النفطية، لذلك يبدو خيار الخرطوم الأقرب فيما يتعلق بحقل الراوات البحث عن تمويل أكثر من خيار شريك يمتلك خبرة فنية وهو ما يقلل عملياً من فرص ستامبر. إنتاج الحقل ما يزال يخضع للتقييم والدراسة وسط مؤشرات إيجابية بوجود احتياطيات مقدرة، إلا أنها -بحسب محللين محايدين- لا ترقى للأرقام الكبيرة التي سعت الشركة الكندية للترويج لها والتي اعتبروا تقديراتها مبالغ فيها. ويكافح السودان لزيادة إنتاجه النفطي بعد أن استأثر جنوب السودان بانفصاله في 2011 بنحو 75% من إنتاج النفط الذي كان يبلغ 450 ألف برميل يومياً، كما يخطط لأن يبلغ الإنتاج على المدى القريب نحو 200 ألف برميل يومياً.