بعد عام واحد بالتمام والكمال على أسوأ مذابح البشرية في الالفية الثالثة مذبحة فض اعتصام القيادة العامة 3 يونيو 2019م، أي في 4 يونيو0 202م تبنى مجلس الأمن الدولي، وبالإجماع، قرارا بشأن الحالة في السودان، وانشأ بموجب القرار رقم 2524 بعثة جديدة للمساعدة في الفترة الانتقالية بالبلاد.. وبحسب القرار 2524، فإن مهمة بعثة الأممالمتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية في السودان (UNITAMS ) بدأت عمليا مهامها عقب وصول رئيسها فولكر بيرتس الى الخرطوم في 2 فبراير 2021م. مهام التفويض وتهدف بعثة المتابعة الأممية الجديدة( يونيتامس) للمساعدة في تحول البلاد إلى حكم ديمقراطي، ودعم حماية وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام. وستدعم الوحدة أيضا عمليات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام في المستقبل؛ مساعدة بناء السلام والحماية المدنية وسيادة القانون، لا سيما في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. بالإضافة إلى ذلك، كلف المجلس بعثة يونيتامس بدعم تعبئة المساعدة الاقتصادية والإنمائية وتنسيق عمليات المساعدة الإنسانية. مشهد أول بأريحية واضحة خطا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأممالمتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان فولكر بيرتس، خطواته الاولى بايجابية لم يخطئ رصدها الحضور بعدما استهل اطلالته بالترحم على الزميل المصور الصحفي مظفر ابراهيم، مداعبا بذكاء عاطفية السودانيين وقبولهم لكل مواساة.. في العاشرة صباحا كما هو معلن دلف فولكر الى منصة الحديث في تنوير للإعلام السوداني حول احاطته لمجلس الأمن عن الوضع في السودان. حضور مقدر حضور كثيف من الإعلاميين والصحفيين شهدته حدائق المبنى الجديد بشارع المنشية اوماك حيث مباني مقر بعثة (اليونيتامس).. كاميرات منصوبة وسماعات موزعة بشكل يريح السامعين، ومراعاة محسوبة للاحترازات الصحية ازاء إرهاب كورونا.. ترتيب دقيق من الفريق الإعلامي العامل بالبعثة، وجد الاشادة من الحاضرين في سياق حفاوة معتادة في الاستقبال من قبل العاملين الذي لم يجلس منهم احد طيلة حديث رئيس البعثة.. أحد الزملاء المعروفين بسرعة بديهته، علق بمجرد اطلالة فولكر الا وسارع بالجلوس مستقيما قبل ان يقول بسخرية لاذعة(الحاكم الجديد للسودان) وصل. ماذا قالت البعثة لمجلس الأمن؟ ما أن أشارت عقارب الساعة للعاشرة تماما، إلا ونقلت مايكرفونات المنصة تحيات الرجل بالحضور، مبتدرا حديثه عن الزميل الراحل مظفر ابراهيم، مستحوذا بذلك وبعبارات بسيطة وبلغة عربية مفهومة نوعا ما على انتباه الجالسين. فوكلر كشف في اول عباراته انه قدم أمس الاول إحاطته لمجلس الامن الدولي حول الوضع في السودان، مؤكدا إبلاغه عن الاجتماعات التي عقدها بالبلاد طيلة الأسابيع الخمسة التي قضاها في الخرطوم عقب وصوله، كاشفا عن لقائه بمكونات الحكومة الانتقالية ومجلس السيادة وأصحاب المصلحة فضلا عن القطاع الخاص. واشار فولكر الى أن هدف لقاءاته تلك تركز حول توضيح مهام البعثة ودورها، منوها الى أنه في المقابل تلقى منهم ملاحظاتهم حول التحديات التي تواجه السودان. مهمة سياسية: وشدد فولكر على أنهم اكدوا لمجلس الامن، بانهم ليسوا بعثة سلام أو لهم مكون عسكري، مشيرا الى أنه أوضح لمجلس الامن أنهم بعثة صغيرة بمهام كبيرة. وحدد فولكر مهام البعثة وأهدافها فيما وصفه ب(4) استراتيجيات، اولها دعم الانتقال السياسي في السودان، ودعم اتفاقيبة السلام والاتفاقيات القادمة – في اشارة لحركتي الحلو وعبد الواحد- ، بالاضافة الى بناء السلام بما في ذلك حماية المدنيين، فضلا عن حشد الموارد الخارجية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي. واكد الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة أن هذه المهام مترابطة مع بعضها البعض، مشددا على أنه لا يمكن أن يمضي هدف دون الآخر، واضاف: لا يمكن حدوث سلام دون مساعدات، وكذلك اذا توقفت عملية السلام فإن الخارج لن يساعد السودان. حماية المدنيين وركز الرجل على أن مسألة حماية المدنيين مهمة، وان مجلس الأمن اثار ذلك معه خلال الإحاطة، منوها الى إخطاره المجلس بمطالبته الحكومة بتعزيز الوجود الحكومي من خلال الشرطة السودانية والشرطة الموجودة بالبعثة. كاشفا عن بدء بعثته التشاور مع الداخلية حول أهمية عمل أجهزة الانذار المبكر فضلا عن تأهيل كوادرها في مجال حقوق الإنسان. وقطع فولكر بأهمية أن يكون السلام شاملا من خلال التوقيع مع الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة عبد العزيزالحلو، وحركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور، منوها الى ابلاغهم مجلس الأمن دعم البعثة لكل الأطراف بما في ذلك الحركات التي لم توقع. النساء والشباب أبرز النقاط التي وقف عندها فولكر لدى احاطته بمجلس الامن، انه ناقشضرورة المشاركة الواسعة والفعالة للنساء في عمليات بناء البلاد والمستقبل في السودان، وتمثيلهن بنسبة 40% في المجلس التشريعي، وهو ما يعد مؤشرا رئيسيا في هذا الصدد، فضلا عن الشباب للمشاركة الفعالة للمساهمة في بناء بالبلاد والاقتصاد. قاطعا بأن المجتمع الدولي بات يعلم أن نجاح الانتقال في السودان يعتمد على أن يشعر السودانيون بالتغيير في حياتهم، مؤكدا اقرار مجلس الامن بالإصلاحات الاقتصادية للحكومة السودانية. زيارة السودان وكشف فولكر عن دعوته مجلس الامن لزيارة السودان بعد مؤتمر باريس في مايو القادم، مشددا على مطالبته للمجتمع الدولي بتلبية احتياجات السودان الاقتصادية واضاف: خصوصا في هذه المرحلة الحرجة لإنجاح الانتقالية والسلام، واضاف: نجاح السودان يعني نجاحنا معا فاليونيتامس بعثة لكل السودانيين وليس لشريحة أو مكون، مدللا على ذلك باعلان عزمه زيارة شرق الشودان والغرب للاستماع المباشر للمجتمع واضاف: وليس المسؤولين فقط. وأكد رئيس اليونيتامس على دور الإعلام في خدمة اغراض البعثة، وقال: الإعلام يقوم بدور رئيسي في الانتقال ونعتمد عليه لعكس التصورات الصحيحة والمعلومات للرأي العام، واضاف: الاعلام يجب ان يكون حرا ومستقلا لأن ذلك شرط نجاح الفدرالية والديمقراطية. الكرسي الساخن وما أن اختتم فولكر بيرتس حديثه إلا واتاح الفرصة لأسئلة الصحفيين واستفهاماتهم، منوها عقب كل فرصة الى اهمية مثل هذه اللقاءات بحكم الفائدة التي تتحقق منها لكل الأطراف. وكشف رئيس اليونيتامس عن أن البعثة على تواصل مع اطراف العملية السلمية في السودان ، منوها الى ان تفاصيل اتصالاته بالقائد عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، رغما عن انها مستمرة إلا أنها غير متاحة للإعلام حاليا، واضاف: ما يهم اننا على تواصل مع كل الأطراف خصوصا اطراف المرحلة الثانية للسلام.. وحول امكانية مساهمة اليونيتامس في إصلاح مؤسسات الخدمة المدنية بالسودان وجهاز الدولة، أكد فولكر أن دور البعثة استشاري في هذا السياق، منوها الى أن هذا الملف تحديدا ليس بالضرورة أن يكون دورا مقتصرا على البعثة بل عبر برنامج متكامل مع بقية وكالات الاممالمتحدة، مشددا على أن معظم مساعداتنا استشارية، واضاف: لكن لدينا استعداد في كل المجالات سواء للإصلاح الاداري او الوزاري خصوصا بعد قرارات تغيير هيكلة الحكم في السودان الى فدرالي. مهام البعثة اختلال المفاهيم والتصورات حول طبيعة عمل البعثة ومهامها بدا هما يؤرق فولكر بيرتس، فاستغل سؤالا حول دور البعثة، ليضع نقاط المهام على حروف التصورات، وقال: وظيفتنا كبعثة مختلفة عن كل البعثات الاممية السابقة، واضاف: نحن حضرنا بناء على طلب الحكومة وتحت الفصل السادس، مؤكدا ان مجيئهم لا يعني حكم السودان أو السودانيين بل مساعدتهم. كاشفا عن ادراكه للتقاطعات المصلحية حول البعثة. واكد فولكر أن هناك كثيرين يريدون مساعدة من اليونيتامس في أجندتهم، وآخرين يريدون من الضغط لصالح قرارات تهمهم، وفئات تريد الموازنة بنا في مقابل مكونات اخرى وهناك مطالبات بإطلاق سراح لسجناء. وقطع فولكر بأن كل ذلك ليس من مهامنا، منوها الى أن ثمة سوء فهم وسوء نية لتصوير دور البعثة، معلنا أن تصحيح كل ذلك لا يأتي إلا باللقاءات المباشرة سواء عبر الإعلام أو في الجامعات وغيره، مشيرا الى أن فهم دور ومهمة البعثة نصف الرحلة، قاطعا بانفتاحهم على الجميع والإعلام. وشدد على أن اليونيتامس لن تحل مشاكل السودان، ولكننا نريد أن نساهم في الحل، وان نكون الى جانب أصحاب البلد، لذا سنعمل وفق اولويات السودان وليس الأممالمتحدة او المانيا أو أمريكا. وكشف فولكر على أن ثمة صعوبات واجهت البعثة، واعتبرها طبيعية ترتبط بالمقر والحصول على التأشيرات والتنقل، واستدرك: لكننا لاحظنا أن كل مكونات السلطة الانتقالية تريد مساهمة البعثة معها، مدللا على ذلك بتأسيس بعثة للتنسيق مما يسهل الأمور كثيرا، وأضاف: مع ذلك لاحظنا أن كل شيء يحتاج الى وقت. حماية المدنيين حرص فولكر على التأكيد بأن بعثته ليست عسكرية أو لها مكون عسكري، وأضاف: ليس لدينا تفويض بما يتيح لنا حماية المدنيين بشكل مادي بل بعثة سياسية فقط، ونعمل على الدعم والتدريب بالتنسيق مع الحكومة السودانية ولنا 21 شرطيا فقط في البعثة، قاطعا بان حماية المدنيين في دارفور مسؤولية مباشرة وعاجلة للحكومة. وحول الملفات المرتبطة بالطبيعة العسكرية في عملية السلام، أكد فولكر أنهم كبعثة لا نتدخل في الترتيبات الامنية او لجان وقف إطلاق النار إلا بناء على طلب الحكومة بما يتيح مدهم بخبراء في هذا المجال، منوها الى حقيقة وجود مخاوف للمدنيين في دارفور، مكررا: نحن لا نملك وسائل حماية بمعناها المادي. وبخصوص دمج القوات المتعددة للحركات المسلحة في الجيش القومي أكد فولكر أن ذلك يتم وفق برنامج ال(دي دي ار (DDR)، وان هذه العملية لم تبدأ بعد، كاشفا عن أنه سيكون هناك تعاون بين وكالات الأممالمتحدة. واضاف: اذا أردنا سودانا مستقرا فلا يمكن أن تكون هناك خمسة جيوش ولابد من تدريب الشباب للعودة إلى الحياة المدنية.