سياسة إقصاء الخصوم او التشفي من الخصوم والتي كانت من أسوأ مساوئ العهد الانقاذي، ليتها لا تتكرر في عهد الثورة، فالثورة لاتعرف الإقصاء او التشفي من الخصوم بل العدالة والتي هي واحدة من شعاراتها المرفوعة والتي تفجرت لأجلها "حرية- سلام- عدالة" وسياسة الاقصاء والتشفي اصلا لا تمت إلى الأخلاق الفاضلة بصلة لطبيعتها الانتقامية المحضة وهي لا يهمها قانون او اي وازع أخلاقي او ديني، مما يجعلها ممقوتة جدا ومن آثارها شعور الشخص المقصي بالغبن الذي حاق به من الظالمين ولاننسى ان للمظلوم دعوة لا ترد حتى ان كان فاجرا وقيل ولو كان كافرا، أما ان تضع الثورة الموازين ليحاسب الظالم على ظلمه فهذا ما يترقبه كل مظلوم. وبالرجوع إلى سياسة الاقصاء الممقوتة، هي اصلا من مساوئ المجتمعات الشرقية ونحن لسنا بمعزل عنها، ففي مصر الجارة الشمالية لنا، اذكر عندما صار انور السادات خليفة لجمال عبدالناصر على سدة حكم المحروسة ماذا فعل؟ أقدم فورا على تجريد الصحفي محمد حسنين هيكل من كل المزايا التي كان يحصل عليها على يد سلفه عبدالناصر، وهذا ماجعل هيكل كارها للسادات حتى اليوم وحتى بعد ان اغتيل السادات وشبع موتا كما يقال وبالمقابل عندنا في السودان وفي نظام مايو 69 تم عزل الفيتوري من وظيفته الدبلوماسية بسفارة السودان ببيروت وأسقط جوازه الدبلوماسي كل ذلك نتيجة لوشاية صدقها النميري في محمد مفتاح الفيتوري الحاصل على لقب شاعر افريقيا والعروبة وكلا الرجلين الآن في رحاب الله لهما الرحمة. أحب ان اقول: سودان اليوم سودان الثورة غير سودان الامس، فإن كان هناك شخص من الإنقاذيين، قد تولى منصبا أمميا رفيعا بالانتخاب، الآن لا يكون ممثلا للإنقاذ التي سقطت، بل ممثلا للسودان وحكومته القائمة حاليا وإذا عزل هذا الشخص بناء على توصية من حكومته سوف يفقد السودان المقعد ومن ثم تقع الخسارة على السودان وسوف يكشف مثل هذا التصرف ان حدث للعالم عن أشياء لا تشبه أهل السودان، مثل الحسد وهذا للاسف ماكان يخشاه الانكليز علينا قبيل مغادرتهم السودان في العام1956 وعلى النقيض من ذلك، اذكر عندما كان دكتور لام كول وزيرا لخارجية السودان قبل انفصال الجنوب في العام2011 تعرض الرجل لموجة انتقادات من داخل الحركة الشعبية نفسها، فكان رده على هذه الأصوات أنه لا يعمل كوزير لخارجية الحركة الشعبية بل وزيرا لخارجية السودان بأكمله ومثل دكتور لام ينبغي ان يحذو سياسيونا اليوم وألا يجري علينا قول عنترة: هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم