أدى رحيل الرئيس التشادي إدريس ديبي، الثلاثاء، إلى بروز تساؤلات حول مستقبل العلاقات الرسمية بين الخرطوم وإنجمينا. إضافة إلى مخاوف بشأن تأثير الوضع في تشاد على الأمن في السودان خاصة في إقليم دارفور، علاوة على فقدان الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام حليفًا ظل يناصرها على الدوام. (السوداني)، حاولت الغوص في هذا الأمر الشائك، عن طريق توجيه أربعة أسئلة إلى مستشار رئيس حركة تحرير السودان نور الدائم طه ورئيس حزب الأمة القومي عبد الله مسار والمهتم بالشؤون الإفريقية محمد مصطفى جامع والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر. ماذا قدم إدريس ديبي للحركات المسلحة السودانية؟ نورالدائم طه: لم يقدم أي عون لأي حركة من الحركات بل كان يشجع على الدخول في السلام، وكان حريصاً على استقرار السودان لذلك هو فقد كبير للمنطقة و للقارة الإفريقية، لأنه ظل يساهم بدور كبير في عملية سلام السودان ودارفور، ولعب دورًا كبيرًا جدًا في الاتفاقيات التي وقعت بين السودانيين، كما أنه عمل على محاربة الإرهاب في المنطقة. عبدالله آدم خاطر: كان يقدم المساعدة للحركات حينما تسود العلاقة بينه وبين السودان، وكان يقدمها على المكشوف، الواقع أن ديبي لم يكن على ثقة مع الرئيس البشير لكن كان المبادر للتصالح مع الحكومة السودانية، وحادثة الذراع الطويل التي دعم فيها خليل إبراهيم كانت بمثابة رسالة إلى حكومة البشير. مسار: ديبي لم يكن يساعد الحركات كثيراً. ففي البداية، كان يسعى إلى معالجة الإشكال الداخلي ولا يريد الصراع الداخلي، ويذكر أنه كان قد فصل عدداً من الضباط كانوا يقدمون المساعدة للحركات " تحت التربيزة "، وكان الأقرب إلى خليل إبراهيم الذي وقف معه حينما هجمت المعارضة التشادية على إنجمينا، ثم تطورت العلاقة بينه وبين مني أركو مناوي ، وكان وقوفه مع الحركات بدافع وضغط أهلي وليس كدولة. محمد مصطفى جامع: هناك اتهامات للرئيس الراحل بدعم الحركات المسلحة الدارفورية خاصة حركة جيش تحرير السودان "مناوي" وحركة العدل والمساواة ويُقال إن عملية الذراع الطويل التي نفذتها حركة العدل والمساواة عام 2008 تمت بدعم مباشر من الزعيم الليبي الراحل القذافي وإدريس ديبي. قِيل حينها أن ديبي كان يعتقد أن الجيش السوداني دعم المعارضة التشادية في هجومها على العاصمة إنجامينا، وبعد اتفاق السلام لم ينقطع التواصل بين ديبي والحركات الدارفورية ماذا ستخسر الحركات المسلحة بعد مقتل ديبي؟ نور الدائم طه: الحركات تعمل مع الدولة التشادية وليس مع الأشخاص وهي الآن جزء من دولة لا تعمل بانفراد. عبدالله آدم خاطر: الحركات مكونات سودانية يجب أن تنظر إلى نفسها بذلك وإلى مصلحة الشعب الذي ناضلت من أجله وأجل الشعب في دارفور، ونظرتهم يجب أن تكون حول تقوية الوجود السياسي والاقتصادي في دارفور وأن تمتص أي اضطرابات في دارفور. عبدالله مسار: الحركات الآن وقعت اتفاقية سلام ولا تحتاج إلى ديبي، ولكن يحتاجه اللاجئون في تشاد في حال تغيير النظام لأن معظمهم من دارفور والتعامل معهم سيكون بأنهم غير مرغوبين. محمد مصطفى جامع: ستفقد حركتا مناوي والعدل والمساواة صديقاً وفياً كانتا بحاجة ماسة إليه في تنفيذ اتفاق السلام على الأرض ولمساعدته في توفير الدعم عن طريق علاقاته الجيدة مع الغرب خاصة فرنسا التي ستستضيف قريباً مؤتمراً لدعم السودان كيف ترى مستقبل تشاد بعد الآن؟ نور الدائم طه: لا أستطيع أن أتحدث عما يدور في الأمور الداخلية، لكن التشاديين أظهروا وحدتهم وشكلوا مجلساً متجانساً نتمنى لهم التوفيق والاستقرار. عبدالله مسار: مستقبلها مضطرب جدًا، لأن ديبي كان محافظاً على استقرار تشاد واحتوى أي صراع داخلي وحافظ على وحدتها وسعى ألا يؤدي أي صراع إلى انفصال في الدولة، لذلك ستحدث الآن فوضى والمجلس العسكري الحالي لن يحكم طويلاً، لأن هناك قبائل ليست فيه، كما أن نجل ديبي صغير السن، وهناك ضباط أكبر منه، وأخشى أن تتحالف قبيلة القرعان مع العرب. عبدالله آدم خاطر: ستدخل تشاد في بعض المشاكل لأن الاستقرار فيها كان مفروضاً بنظام عسكري ومسنوداً بالقبيلة، وحاول ديبي أن يفتح الطريق للديمقراطية تحت الضغوط العالمية ونجح في جزءٍ كبير. محمد مصطفى جامع: الوضع ضبابي وهناك تخوف من عدم الاستقرار في ظل رفض المعارضة التشادية المسلحة لتسليم السلطة لابن الرئيس الراحل وتعهدها بمواصلة القتال. كذلك يتردد أن هناك رفضاً في داخل الحكومة التشادية لتنصيب محمد إدريس ديبي باعتباره مخالفاً للدستور الذي ينص على تسليم السلطة لرئيس البرلمان في مثل هذه الحالة. انعكاس ما يجري في تشاد على إقليم دارفور؟ نورالدائم طه: أمن تشاد من أمن السودان، وهناك نازحون ولاجئون من دارفور في تشاد، كما أن هناك تداخل بين الدولتين فأي حراك في تشاد سلبياً أو إيجابيًا يؤثر على السودان والمنطق أن تدعم الدولة استقرار تشاد وأمنه وسلامة أراضيه لأن ذلك يهم الدولتان ولمصلحة البلدين. عبدالله آدم : حتى الآن ليس هناك أي تأثير، والسودان متقدم من ناحية التنوير السياسي والعمل الديمقراطي حتى لو فيه بعض المظاهر القبلية لذلك ربما الفرصة لتشاد أن تتأثر بالتجربة السودانية هناك انفتاح ديمقراطي في تشاد، والتأثر سيقع على السودان في حال قررت بعض القبائل الدخول في النزاعات المحلية لتشاد وساندت قبائل هناك. عبدالله مسار: سيكون هناك تأثير سالب لأن ديبي كان محافظاً على الحدود، في حال حدوث أي صراع في تشاد سيتدفق المواطنون على السودان مما يزيد عدد اللاجئين خاصة أن هناك أعراقاً متداخلة .. سيكون تأثير ذلك قوياً جدًا. محمد مصطفى جامع: هناك مخاوف من موجة لجوء عكسية إذا تدهورت الأوضاع.. من تشاد إلى دارفور رغم أن نحو ألفين من مواطني غرب دارفور لجأوا إلى تشاد عقب موجة العنف الأخيرة في الجنينة.