نشأ في أسرتنا منذ أن أحضره والدي الشيخ مدني أبوالحسن عليه رحمة الله ورضوانه من البلد مع أقرباء آخرين فقد كان بيتنا في عطبرة مثل كل بيوت أهل السودان في ذلك الوقت يحتضن الٌأقرباء والأهل متى وفدوا إليه. عمل الفقيد في بداية حياته في دكان الوالد بسوق عطبرة قبل أن يمتهن مهنة البناء ويصبح بناءً مشهوراً، واشتهر منذ ذلك الوقت بالبشلاوي. تزوج شقيقتي مهدية التي وقفت معه وكونا سوياً أسرتهما الممتدة بفضل الله في عطبرة وبورتسودان والخرطوم بحري والدروشاب وفي بعض دول المهجر. كان حمامة مسجد يحرص على الصلاة في جماعة منذ أن صار مؤذناً في الجامع الكبير بعطبرة وقد سجل الأذان بصوته في فيلم آمال وأحلام أول فيلم سوداني أنتجه بعطبره الرشيد مهدي. كان يشارك في حضرات الطريقة العزمية بعطبرة وينشد معهم الأناشيد والمواجيد وقراءة الأوراد وفي ليالي المولد النبوي الشريف، ثم انتقل وأسرته إلى الدروشاب حيث أسسا معاً البيت الذي احتضنهما. ظل يحرص على أداء الصلاة بالمسجد القريب من المنزل قبل أن يقعده المرض وأصيب أخيراً بالزهايمر الأمر الذي فرض على أسرته منعه من الخروج بمفرده، وقد وقع قبل أشهر وكسر ترقوته وأُجريت له عملية جراحية ناجحة. في زيارتي مؤخراً للسودان حرصت على زيارة منزله وشقيقتي مهدية بالدروشاب لكنه لم يتعرف علي إلا بعد ذكر اسمي له. وسط أنباء الموت الموجعة التي لم تعد تفاجئنا وحرمت الناس من إقامة سرادقات العزاء قرأت نعيه في قروب الأهل بعد أن غادرت السودان في طريق عودتي لأستراليا. تقبل الله ابن خالتي وزوج شقيقتي مهدية – عبد الحميد سليمان البشلاوي – بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وأن يلهمنا وأسرته الممتدة وعموم الأهل الصبر وحسن العزاء. إن القلب ليحزن والعين تدمع ولا نقول إلا مايرضي الله : (إنا لله وإنا إليه راجعون.)