وصف محللون اقتصاديون المعونات الغذائية الخارجية (القمح الأمريكي) بالمسكن فقط، مستبعدين مساهمتها في معالجة الضائقة المعيشية جذرياً. وأكد المحلل الاقتصادي معتصم عوض في حديثه ل "السوداني" أن معالجة أزمة الغذاء بزيادة الإنتاج وليست بتلقي المعونات الغذائية الخارجية لتفادي تحول المنتجين إلى مستهلكين فقط، مشددا على أهمية تمليك المنتجين وسائل الإنتاج لتوفير الغذاء إلى جانب مساعدتهم في زيادة إنتاجهم و توفير معينات و وسائل تمكنهم من تسويق فائض إنتاجهم ووصف المحلل الاقتصادي د. أسامة محمد عثمان في حديثه ل السوداني المعونات الغذائية بالمسكن، مشيرا إلى أنها ليست علاجا ولها آثار اقتصادية كارثية لأنها تعطل قدرات الفرد والمجتمع والدولة عن البحث عن حلول حقيقية بالإنتاج وزيادة الدخل القومي وترهن القرار السياسي للدول الداعمة، مضيفا أن التدهور الاقتصادي والتغيير الذي حدث في سلوك المستهلك السوداني إنما هو نتاج لهذه المعونات خاصة في مناطق النزاعات والمناطق التي كانت تعمل فيها المنظمات التطوعية الآن بعد أن كان استهلاك القمح مركزا في شمال السودان إلى أن أصبح كل السودان يستهلك القمح كغذاء رئيسي الآن ماذا حدث في سلوكيات الاستهلاك والإنتاج كما أنه حدث تغيير في الدورة الزراعية في مشروع الجزيرة والمشاريع الأخرى واصبح التركيز على إنتاج القمح أكبر من أي محصول آخر ورغم ذلك اصبح القمح يشكل النسبة الأكبر من إجمالي الواردات. ولفت المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي ل" السوداني " الى أن الأمن الغذائي أصبح من المواضيع الساخنة وأن تقدير البنك الدولي أن معدل الفقر يمكن أن يرتفع في الفترة المقبلة إذا تفاقم الوضع الاقتصادي سوءًا. وتابع "وعلى عكس معظم دول العالم، لم تكن جائحة كورونا السبب الرئيسي في انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي في السودان والوصول لأزمة أمن غذائي بل هناك أسباب أخرى مثل الفساد وغياب خطّة اقتصاديّة سليمة ومستدامة على مدى سنوات وأوصل الوضع الاقتصادي لعدم استقرار في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني وإهمال الزراعة والصّناعة المحليّة"، مضيفا "كل ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار السّلع والمواد الغذائية بشكل استثنائي، في ظلّ غياب الرّقابة الرّسميّة على الأسعار وانعدام الاكتفاء الذاتي الغذائي". وقال "يمكن للمعونة الغذائية الجيدة أن توفر مليارات الدولارات التي كان من الممكن أن تنفق على إنقاذ الأرواح"، منوها إلى أن جزءا كبيرا من المساعدات والمعونات هي في شكل (معونة مشروطة) أو مقيدة وهي تلك المعونة التي تشترط أن تأتي مشتريات المشروع من شركات تابعة للدول المانحة، مما يؤدي إلى إعادة تحويل جزء كبير جدا من تلك المعونة مرة أخرى إلى الدول المانحة، مشيرا إلى أنه يمكن أن يتم تفعيل دور المساعدات الاقتصادية في اطلاق عملية تراكم رأس المال وتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة دخل الاسرة وذلك من خلال منهج تنموي مثل تخصيص جزء من المساعدات ليذهب لتغطية التكلفة المعيشيه للأسر الفقيرة في شكل معونات غذائية.