يشهد تحالف الحرية والتغيير صراعات مضطرة منذ وقت ليس بالقصير وظهرت للسطح بشكل واضح في غضون الايام الماضية بعد تداول تصريحات منسوبة للمتحدث باسم التجمع الاتحادي جعفر حسن عثمان هاجم من خلالها قيادات محسوبة على تحالف الحرية والتغيير واتهمامه لها بالتقارب مع النظام السابق وتقديم المصالح الذاتية على الوطنية كما اتهم أحزابا بأنها كانت تريد السلطة ولم تفكر في مخرج للوطن، الاتهامات التي أطلقها جعفر حسن فتحت الباب على مصراعيه بشأن تصاعد الخلافات والصراعات بين مكونات قوى الحرية والتغيير. صراع الكراسي يعيش تحالف الحرية والتغيير صراعاً حزبياً تطور لمرحلة تبادل الاتهامات بين مكوناته في الهواء الطلق عبر نوافذ المحطات الفضائية، حيث هاجم التجمع الاتحادي حزب الأمة القومي ووصفه بالساعي لكراسي السلطة. وقال القيادي الاتحادي جعفر حسن إن الأمة القومي ظل يطالب بحصة اكبر من السلطة ومضى حسن في اتهاماته للقوى السياسية حيث اتهم محمد عصمت يحيى رئيس الاتحادي الموحد بالسعي للمنصب الوزاري، لم تكون اتهامات جعفر حسن الاولى من نوعها، حيث شهدت (الحرية والتغيير) اتهامات متبادلة في أوقات سابقة بين قيادته أبان التعديل الوزاري الاخير حيث اتهم قيادات حزبية ابراهيم الشيخ بالوقوف وراء استبعاد مدني عباس مدني من وزارة الصناعة سيما أن الشيخ أدلى بتصريحات صحافية قال فيها إن مدني عباس لم يكن مقبولاً من الشارع وان عملية إبعاده من الوزارة هي مطلب شعبي، تصريحات ابراهيم الشيخ وصفها البعض (بالحفر) وهو ضرب من ضروب السياسة يلجأ له الخصوم لإقصاء الآخرين، فوق ذلك اتهم حزب الأمة القومي في أوقات سابقة أحزابا بعينها بالسيطرة على الجهاز التنفيذي. وقال رئيسه الراحل الامام الصادق المهدي إن احزابا صغيرة هي ما تسيطر على الجهاز التنفيذي بالدولة ولا تملك السند الشعبي . صراع التقارب مع العسكر الصراعات داخل (الحرية والتغيير) لا تملك وجهاً واحداً بل تملك عدة وجوه، وجه آخر للصراع داخل التحالف يتمهظر في الاتهامات المتبادلة بين أقطاب التحالف بالتقارب مع المكون العسكري. أشهر التصريحات في هذا الصدد أطلقتها عضو المجلس السيادي المستقيلة عائشة موسى التي قالت إن قيادات ب(الحرية والتغيير) تزور القصر وتقابل العسكريين. وقالت في تصريحات صحافية إن جهات خفية تدير الدولة بعيداً عن أعين المدنيين بالحكومة، التلميح بالتقارب مع العسكريين لم يكن محصوراً على حديث عائشة موسى، عندما انتقد القيادي ب(الحرية والتغيير) محمد عصمت يحيى أمس خطوة تكوين قوات مشتركة برئاسة ياسر العطا. وعاب عصمت على المدنيين صمتهم تجاه بعض القرارات التي يتخذها العسكريون ب(السيادي). ذات التصريحات التي تحمل اتهامات للمدنيين بالتقارب مع العسكر صدرت من قيادات في أوقات سابقة حيث يرى تيار عريض أن المكون المدني بالحكومة عبارة عن تمومة جرتق في العملية السلمية ولا يملك صلاحيات واسعة في الحكم، غير أن هنالك من يرى أن المكون المدني يسيطر على الجهاز التنفيذي بأكمله ويملك زمام المبادرة في اتخاذ القرار . صراع التقارب مع الإسلاميين ايضا من أساليب الصراع داخل (الحرية والتغيير) هو الاتهامات بالتقارب مع النظام السابق وهو أمر عرف اصطلاحاً بالتسوية السياسية والهبوط الناعم، حيث ظل الحزب الشيوعي يتهم قوى الحرية والتغيير ومنذ وقت مبكر بالتقارب مع النظام السابق والسعي لقيادة تسوية سياسية مع الإسلاميين. وظل الحزب الشيوعي في كل بياناته الصحفية يشير الى وجود أحزاب تريد التسوية مع الإسلاميين بالتعامل مع المكون العسكري باعتباره واجهة للإسلاميين في الحكم، بيد أن عدة أحزاب سياسية تتبع ل(الحرية والتغيير) نفت في وقت سابق تقاربها مع الإسلاميين، في غضون الايام الماضية اتهم جعفر حسن قيادات محسوبة على الحرية والتغيير بالتقارب مع النظام السابق. واستشهد جعفر حسن بالقيادي ساطع الحاج واتهمه بالعمل لمصلحة قيادات تتبع للإسلاميين موقوفة قيد الاعتقال، ساطع الحاج رفض التعليق على الاتهام المصوب له لكنه عاد وقال ل"السوداني" إن الاتهامات عبارة عن شائعات يقف خلفها رئيس حزبه السابق جمال الكنين. وذكر انه بصدد إصدار بيان صحفي يوضح من خلاله الحقائق، فيما اتهم جعفر حسن، القيادي بحزب البعث السوداني محمد وداعة بالتقارب مع مدير المخابرات السابق صلاح قوش. صراع التطبيع في الأشهر القليلة الماضية بدأ السودان خطوات عملية للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل عبر لقاءات جمعت ما بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق نتينياهو ثم تبادلت وفود سودانية واسرائيلية الزيارات لاكمال عملية التطبيع التي توقفت عن محطة التوقيع على الاتفاقية الابراهيمية، اثناء الحراك التطبيعي الذي كان يقوده المكون العسكري بالمجلس السيادي برزت خلافات داخل (الحرية والتغيير) حول الموقف من التطبيع. بعض الاحزاب العروبية أبدت سخطها على الخطوة ورفضت المقابلة التي جمعت بين البرهان ونتيناهو ووصفت الخطوة بالاحادية، أحزاب اخرى مثل الحزب الجمهوري أيدت الخطوة وأعتبرت في الامر مصلحة للسودان، فيما أعلن حزب الأمة القومي موقفاً صريحاً أعلن من خلاله رفضه للتطبيع مع اسرائيل من حيث المبدأ، فيما اتخذت أحزاب داخل قحت موقفاً محايداً ضد التطبيع رغم أنها كانت ترفضه في اوقات سابقة، تباين الآراء حول التطبيع مع إسرائيل كاد أن ينسف تماسك الحاضنة السياسية التي تعاني من الهشاشة بشكل واضح . صراع اليمين واليسار ايضا هنالك وجه آخر للصراع داخل (الحرية والتغيير) هو صراع ايديلوجي بين اليمين واليسار تمظهر ابان موزانة 2020م بين الأمة القومي والشيوعي حيث رفض الحزب الشيوعي وبمعيته حزب البعث العربي الاشتراكي تطبيق موزانة ذلك العام التي كانت يقودها الوزير إبراهيم البدوي المحسوب على حزب الأمة القومي الذي غادر منصبه لاحقاً بسبب الصراعات بين اليمين واليسار داخل (الحرية والتغيير)، ايضاً انتقل الصراع الى وزارة الصحة التي كان يقودها أكرم علي التوم المحسوب على اليسار حيث اتهم بتمكين كوادر تحالف الاطباء الاشتراكيين "راش" داخل الوزارة وبسبب ذلك دخل التوم في صراعات عنيفة مع كوادر الوزارة افضت في خاتمة المطاف لاقالته من منصبه بقرار صادر من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ايضا دخل اكرم التوم في صراع حول موارد وأموال مكافحة جائحة الكورونا في موجتها الاولى مع وزير المالية ساعتها إبراهيم البدوي، وصف ذلك الصراع بواسطة مراقبين بأنه صراع يمين ويسار لجهة أن البدوي ينتمي لحزب الأمة القومي وهو من أحزاب اليمين المحافظ، فيما يحسب اكرم علي التوم من اليسار. صراع قحت والحركات ابرز الصراعات التي شهدتها الحرية والتغيير) هو الصراع بين الاحزاب والحركات المسلحة والذي ارتفعت وتيرته بشكل كبير ابان مفاوضات جوبا في جولتها الاولى عندما رفضت الحركات المسلحة مشاركة (الحرية والتغيير) في فريق التفاوض ودخل القيادي ب(الحرية والتغيير) ابراهيم الشيخ في ملاسنات حادة مع رئيس حركة جيش تحرير السودان مني اركو مناوي بجوبا بعد غادر ابراهيم الشيخ جوبا مغاضباً عائداً للخرطوم ثم اتبع غضبه باعتزال العمل السياسي الذي اشار في فحوى قرار الاعتزال الى أن الصراع السياسي داخل قحت واحد من اسباب اعتزاله قبل أن يتراجع عن قراره في أوقات لاحقة، ايضاً الصراع بين الحرية والتغيير لم يتوقف عند حد الملاسنات بين ابراهيم الشيخ ومني اركو مناوي، بل برز هذه الايام صراع بين لجنة ازالة التمكين ووزارة المالية وهو صراع يصنفه البعض بصراع الحركات المسلحة والمدنية لجهة قيادة جبريل ابراهيم لوزارة المالية في مقابل سيطرة (الحرية والتغيير) على ازالة التمكين. إصلاح التحالف الصراع داخل (الحرية والتغيير) استدعى البعض للتفكير في مخرج يوقف الصراعات الحالية عبر قيام مؤتمر عام للتحالف يعيد هيكلته على اسس معلومة تقلل من حدة الصراع بيد أن المؤتمر العام الذي بدأ التفكير فيه قبل أكثر من عام لم يرَ النور حتى الآن. تقول المتحدثة باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير أمينة محمود الشين إن اسباب تأخير انعقاد المؤتمر العام هو الانشغال بمناقشة اللائحة التابعة للهيكلة وقالت ل"السوداني" إن لجنة كتابة اللائحة سترفع تقريرها للمجلس للمركزي الثلاثاء القادم ومن ثم مناقشته في اجتماع سيعقد الخميس القادم ومن ثم تحديد موعد للمؤتمر العام لاصلاح قوى الحرية والتغيير .