أكد محللون اقتصاديون أن وصول السودان لنقطة القرار يمثل مرحلة جديده فى مسيرة إعفاء الديون . وقال المحلل الاقتصادي د. هيثم محد فتحي في حديثه ل السوداني إن هناك اتفاقا بين حكومة السودان الانتقالية وصندوق النقد الدولي لتنفيذ خطة وبرنامج لمدة عام بعدها يستطيع السودان طلب مساعدات عبارة عن منح وقروض لتنفيذ مشروعات تنموية إلى جانب إعفاء ديونه المتصاعدة. وتابع "ربما يكون من المتفق عليه أن الدعم الإقليمي والدولي للسودان قد جاء لأسباب متنوعة، منها ما هو سياسي بالأساس لدعم السودان في تخفيض ديونه ودعم قدرات الاقتصاد السوداني عبر تخليصه من الديون هو حجر الأساس لدعم الحكومة الانتقالية، ورفع قدراتها التنموية، كأحد أهم شروط الاستقرار السياسي في السودان خاصة أن مستويات الفقر أصبحت واسعة، حيث لا يتخطى دخل الفرد 590 دولارًا سنويا، وبذلك يعد السودان واحدا من اثنتين فقط من الدول المؤهلة المتبقية (والدولة الأخرى هي إريتريا) التي لم تبدأ بعد عملية تخفيف عبء الديون في إطار مبادرة الهيبك. ولفت إلى أن مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، وبالتالي تقليل القيود المفروضة على النمو الاقتصادي والحد من الفقر التي يفرضها عبء خدمة الدين والتي استفادت منها 36 دولة وكان من المفترض أن يكون السودان ضمن هذه الدول، لكن واشنطن اعترضت بسبب وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبالتالي أصبح الوضع الآن مختلفاً عن السابق، وتم إلغاء العقوبات الاقتصادية الأميركية التي كانت حجر عثرة في تعامل البلد مع المجتمع الدولي ومؤسساته المالية. وأشار المحلل الاقتصادي فاروق كمبريسي إلى أن الهدف من تخفيف أعباء الديون عبر آلية الهيبيك هو الوصول بمستوى ديون السودان الحالية والجدول الزمني لسدادها إلى مستوى يمكن الاستمرار في تحمله (أي تخفيض أعباء ديون السودان ليصل صافي القيمة الحالية للدين إلى 150% من صادراته في سياق إطار الهيبك حتى تتماشى مع قدرته على السداد)، والوصول بمدفوعات خدمة الدين إلى مستوى يتسق مع قدرته المحدودة على السداد وهذا أصبح متاحاً خلال الفترة الانتقالية لإعفاء الدين (يونيو 2021- يونيو 2024)، بعد صدور موافقة مجلسي الصندوق والمؤسسة الدولية للتنمية واقرارهم بوصول السودان لنقطة اتخاذ القرار وتعهداتهم بشأن تقديم الدعم في شكل حزمة شاملة لتخفيف ديون السودان في إطار مبادرة الديون المُعزّزة وقال إن السودان يحتاج إلى أكبر عملية إعفاء ديون تتم في إطار مبادرة الهيبك، وبعد تطبيق آليات تخفيف الديون التقليدية على نحوٍ كامل، تقدّر ديون السودان، بصافي القيمة الحالية بمبلغ 26.3 مليار دولار كما في ديسمبر 2019 (ولا نقصد هنا إجمالي رصيد الديون البالغ 58.8 مليار دورلار) وعليه يجب التمييز وبما أن السودان حالياً غير مؤهل لإعفاء الدين في إطار النافذة المالية (Fiscal Window)، لأنها تتطلب أن تكون نسبة صافي القيمة الحالية للايرادات الحكومية 250% (وحالياً تبلغ 1,260%). فإن الخيار الممكن هو إعفاء الدين عبر نافدة الصادر (Export Window) لمبادرة الهيبك، وبالرغم من أن نسبة صافي القيمة الحالية للدين إلى الصادرات السودانية هي 495% (وتفوق العتبة المحددة بنسبة 150%) كأحد المؤشرات المهمة لاستدامة الدين (الحد الآمن)، إلا أنه يمكن تخفيضها إلى المستوى المعياري المطلوب، ومن المتوقع أن تنخفض النسبة إلى 61% في يونيو 2024 (وهي أقل من النسبة المعيارية المطلوبة لاستدامة الدين) وهنا يكمن جمال القصة. وتابع "بناءً على ما تم ذكره أعلاه، يستدعي تخفيف معدل صافي القمية الحالية للديون إلى الصادرات من 495% إلى 150% تخفيف الديون في إطار الهيبك يتطلب إعفاء 18.4 مليار دولار من إجمالي صافي القيمة الحالية البالغة 26.3 مليار دولار، كما يستدعي ذلك معامل تخفيض (CRF) قدره 70%/ واستناداً إلى تقاسم الأعباء بالتناسب، ستبلغ المساعدات المتعددة الأطراف 3.9 مليارات دولار، ومساعدات دول نادي باريس 13 مليار دولار، ومساعدات من الدائنين التجاريين 1.4 مليار دولار بصافي القيمة الحالية (وهي تعادل جميعها مبلغ 18.4 مليار دولار المذكور) وأضاف بافتراض التطبيق الكامل لتخفيف أعباء الديون سيتم إعفاء ديون السودان الخارجية، واعتماداً على موقف الدين في ديسمبر 2019، سيتم تخفيض الديون من حوالى 49,7 مليار دولار إلى 8 مليارات دولار عند بلوغ نقطة الإنجاز (في يونيو 2024م. وقال المحلل الاقتصادي د. عادل عبد العزيز ن المبادرة تعمل في مجال الديون بكل أنواعها سيادية وغيرها، حقيقة الأمر أن السودان استوفى المتطلبات الفنية للادراج في مسار المبادرة منذ وقت مبكر، يعود للعام 2005، وقد ظلت البعثات الفنية لصندوق النقد الدولي التي تزور السودان دائمة التأكيد على استيفاء الشروط الفنية، ولكنها تشير بوضوح لصعوبة الوصول لنقطة اتخاذ القرار بسبب المقاطعة الأمريكية للسودان. وتابع أن الأوامر التنفيذية الصادرة عن مؤسسة الرئاسة الأمريكية وعلى مدى أكثر من عشرين عاما كانت تلزم الموظفين الأمريكيين في المؤسسات المالية الدولية بمعارضة أي قرار في مصلحة السودان، وبما أن للولايات المتحدةالأمريكية القوة التصويتية الأكبر في مؤسسات برايتون وودز كان من الطبيعي توقف معالجة ديون السودان وفق مبادرة هيبيك وبعد الثورة الشبابية والاطاحة بنظام الإنقاذ والمعالجات التي تمت لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب انفتح الباب أمام السودان لاستكمال خطوات إعفاء الديون، وهو ما توج بالوصول لنقطة اتخاذ القرار، وهذه مرحلة متقدمة جدا في مسيرة الإعفاء الشامل و التي ستأخذ ثلاث سنوات على الأقل.