وأضاف: "لقد كان وما زال دعم أشقائنا في اليمن في مقدمة أولويات المملكة عبر عقود من الزمن، تأكيداً على روابط الجوار، والدين، واللغة، والعلاقات الاجتماعية والأسرية بين الشعبين السعودي واليمني. وكما تعلمون فإن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قام بدور كبير لمساعدة الأشقاء في اليمن، تمثّل في تقديم (262) مشروعاً، تعدّت كلفتها الإجمالية مليار و600 مليون دولار أمريكي، توزعت على مشاريع الأمن الغذائي، والصحي، والإيوائي، والدعم المجتمعي، والتعليم وغيرها من البرامج الإغاثية المهمة والضرورية، وما يزال المركز يعمل بكل جهد وحيادية لرفع المعاناة عن كافة المحافظات اليمنية". تدمير البنية التحتية وتابع: "تقوم القوى الانقلابية في اليمن بتدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى صناعة الألغام وزراعتها بطريقة عشوائية غير مسبوقة في أماكن تستهدف المدنيين العُزل، مما تتسبب في إصابات مستديمة وخسائر بشرية عديدة استهدفت النساء والأطفال وكبار السن، وغير ذلك من أعمال مهدّدة للأمن والحياة. فقد تم حتى الآن حصر ما تعداده أكثر من 600 ألف لغم في المناطق التي تم تحريرها من المليشيات الانقلابية، بالإضافة إلى 130 ألف لغم بحري مضاد للزوارق والسفن وهي من الألغام المحرمة دولياً، و40 ألف لغم في محافظة مأرب، و16 ألف لغم في جزيرة ميون". ولفت د. الربيعة إلى أنه وبحسب تقارير صدرت عن الحكومة اليمنية منذ شهر ديسمبر عام 2014م، وحتى شهر ديسمبر لعام 2016م، فقد تم تسجيل ما مجموعه 1539 قتيلاً، وإصابات جراء ما تم زراعته من ألغام لأكثر من ثلاثة آلاف من العسكريين، ومن المدنيين والنساء والأطفال، تسببت في إعاقات دائمة وكلية لأكثر من 900 شخصاً. وكذلك تم تسجيل أكثر من 615 قتيل منهم 101 من الأطفال و26 امرأة، فيما بلغت الإصابات 924 إصابة بينهم 10 أطفال و36 امرأة، بينما ما تم تسجيله بمحافظة تعز وحدها 274 حالة بتر لأطراف وإعاقات دائمة منهم 18 حالة لفقدان البصر. ضحايا الالغام وبين أنه خلال عام واحد فقط سجل البرنامج الوطني لنزع الألغام عدداً كبيراً من الضحايا والإصابات فقد وصل عدد ضحايا الألغام في كل من محافظاتعدن، ولحج، وأبين، وتعز 418 ضحية، في حين أنه تم في نفس الفترة تسجيل 1775 إصابة، وسجل في كل من محافظتي الجوفومأرب 380 ضحية و512 إصابة ومما يؤسف له أن هذه الأرقام المسجلة تعتبر أقل بكثير من الحوادث التي وقعت فعلياً ولم يتسنّ للبرنامج الوطني لنزع الألغام مباشرتها أو تسجيلها. وأوضح أن مركز الأطراف الصناعية بمحافظة مأرب التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة، قام بتركيب 305 أطراف صناعية لأكثر من 195 ضحية تعرضت لبتر بأحد الأطراف بسبب هذه الألغام التي لا تفرق بين ضحاياه، فهي تستهدف النساء والأطفال الذين يشكلون أغلب ضحاياها. وقد قام المركز بتوفير العلاج والتأهيل اللازم لعدد كبير من المصابين الذين تراوحت أعماهم ما بين 12 و72 عاماً. وأضاف: "بلغ عدد المصابين الذين تلقوا علاج في مركز الأطراف بمأرب خلال المرحلتين الأولى والثانية حتى تاريخ 2018/6/24م أحد عشر سيدة، و12 طفلاً و346 رجلاً، حيث ما زالت المرحلة الثانية مستمرة إلى هذا اليوم، بالإضافة إلى تلقي عدد من الحالات للرعاية الطبية بالمراكز الطبية العامة والخاصة باليمن، وداخل المملكة العربية السعودية على حساب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، كما أن هناك أيضاً عدداً من الحالات التي تم علاجها خارج اليمن، ومنها 13 حالة في جمهورية السودان، و45 حالة في الأردن، و106 حالات في مدينة جدة منهم طفلان. ليصل الإجمالي إلى 533 حالة. دعم بمليارات الدولارات وأكد الربيعة أن المملكة العربية السعودية قدّمت خلال السنوات الثلاث الماضية مساعدات لليمن بقيمة تجاوزت 11 مليار دولار أمريكي، تنوّعت بين مساعدات إنسانية وأخرى لدعم اللاجئين، ومساعدات تنموية لدعم الاقتصاد والبنك المركزي اليمني وغيرها من المساعدات، كما أن المشروع السعودي الإنساني والحيوي لنزع الألغام "مسام"، الذي تمت الإشارة إليه في كلمتي هذه سيخدم المواطن اليمني ويضمن له الأمن الحالي والأمان المستقبلي، فهو واحد من مشاريع ومبادرات عدّة تقدمها المملكة بهدف رفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق في كافة المناطق والمحافظات، إذ أخذت المملكة على عاتقها الاستمرار في تنفيذ هذه المشاريع والمبادرات حتى يتحقق لليمن الاستقرار، والنماء، والرفاه، ويُرى كما كان يمنا سعيدا بأرضه وشعبه. ورفع ربيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى سمو ولي عهده الأمين، آيات الشكر والتقدير والعرفان لما يقدّمانه من جهود عظيمة ساعدت مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تقديم الدعم للعمل الإغاثي والإنساني في العديد من دول العالم، وفي اليمن الشقيق على وجه الخصوص. مشروع الحياة من جانبه قدم وزير خارجية الجمهورية اليمنية خالد حسين اليماني خلال كلمته، شكره باسم الحكومة اليمنية والشعب اليمني إلى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز على ما قدموه ويقدمونه لليمن منذ الانقلاب المشؤوم على السلطة الشرعية، كما عبر عن شكره للدكتور عبد الله الربيعة المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة على إطلاق مشروع نزع الألغام في اليمن. ووصف اليماني "مسام" بأنه مشروع الحياة في مواجهة مشروع الموت، ويضاف إلى سجل الخير والعطاء لمركز الملك سلمان تجاه الشعب اليمني، والذي خصص في عامه الأول فقط مبلغ مليار ريال سعودي لإغاثة الشعب اليمني، وتتابعت جهوده الإنسانية لتشمل كل مناطق اليمن من المهرة إلى صعدة ومن سقطرى إلى الحديدة. كارثة انسانية وقال الوزير اليمني: لقد تسبب الانقلابيون الحوثيون من خلال الحرب التي أشعلوها ونتيجة نهبهم لموارد الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها بكارثة إنسانية كبيرة، وهم يسعون من وراء تردي الوضع الإنساني لتحقيق مآرب سياسية وحشد الرأي العام العالمي ضد التحالف العربي والحكومة الشرعية بهدف تثبيت الانقلاب وفرض الأمر الواقع. وأضاف: "ولتحقيق ذلك أمعن الانقلابيون بالتنكيل بالشعب اليمني لخلق معاناة حقيقية وكارثة إنسانية من خلال الاستيلاء على موارد الدولة وعائدات الضرائب وحرمان موظفي الدولة من الرواتب، وإنشاء مؤسسات اقتصادية موازية لنهب مقدرات البلد وفرض جبايات غير قانونية عبر إنشاء مراكز جمركية إضافية غير مشروعة في مداخل المدن الرئيسية، وخلق سوق سوداء للوقود لمضاعفة معاناة المواطنين والاستمرار في تدمير النظام الصحي والنظام التعليمي وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وحصار المدن والقرى والقصف العشوائي على المناطق السكنية وتنفيذ الاعتقالات التعسفية والخطف والإخفاء القسري، وتجنيد الأطفال، وزراعة الألغام، ورفض كل مبادرات السلام. وأكد اليماني، أن زراعة الألغام هي إحدى الوسائل التي انتهجتها المليشيات الانقلابية لمعاقبة الشعب اليمني وزيادة معاناته بالانتهاكات المجرمة في القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات المرتبطة به، ومنها اتفاقية أوتاوا لحظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد، مضيفًا أنه مع ذلك فقد ابتكرت المليشيات الانقلابية طرقاً جديدة لاستخدام الألغام المضادة للمركبات وتحويل استخدامها ضد الأفراد وذلك بغرض إحداث أكبر قدر من الضحايا والذين هم في الغالب من المدنيين الأطفال والنساء وحتى الحيوانات لم تسلم من ذلك. وأوضح اليماني أن المليشيات الانقلابية ابتكرت ألغام متفجرة فردية ومموهة وارتجالية IED متنوعة الاغراض والأهداف بما فيها العبوءات المتفجرة الارتجالية بواسطة أجهزة الراديو بعضها قادمة بشكل مباشر من إيران (كما ورد في تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017) والبعض الآخر تم تطويرها في اليمن عن طريق خبراء إيرانيين. مضيفًا أن تلك الألغام تأخذ أشكال وألوان وأحجام مختلفة مطابقة لطبيعة الأرض والمكان الذي تزرع فيه مما يؤدي إلى صعوبة اكتشافها وتميزها عن محيطها، وزرعها بكميات عشوائية كبيرة في مناطق سكنية وداخل منازل المواطنين وفي الطرقات ومداخل المدن والمزارع، وكذا ألغام بحرية في الشواطئ والسواحل، لافتاً إلى أن تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017 أشار إلى تطابق تلك الألغام البحرية مع الألغام الإيرانية وأنها تشكل خطراً على النقل البحري التجاري وخطوط الملاحة البحرية، ويمكن أن يظل تهديد هذه الألغام لمدة تتراوح بين 6 إلى 10 سنوات. وأشار إلى أن الإحصائيات الأولية تبين أن المليشيات الحوثية زرعت حوالي مليون لغم في أنحاء متفرقة من اليمن، كما تشير الأرقام الخاصة بضحايا الألغام خلال الفترة من مارس 2015 إلى مارس 2018 إلى سقوط أكثر من 693 قتيل و704 مصابين نتيجة الألغام معظمهم من المدنيين بينهم 216 طفلاً و72 امرأة. مضيفاً: نحتاج إلى عشرات السنين لانتزاع الالغام، ولن يكون بمقدور المزارعين العودة لزراعة أرضهم ولن يتمكن الرعاة من رعي ماشيتهم وسيواجه الصيادون مخاطر الألغام البحرية، حيث أن بقاء تلك الألغام سيتسبب في حصد المزيد من الأرواح بين المدنيين الأبرياء. مشيرًا إلى أن الألغام البحرية قد تشكل خطراً على الملاحة الدولية في البحر الأحمر مستقبلاً وهو ما يحتاج وبشكل عاجل إلى جهود إنسانية دولية ضخمة لنزع تلك الألغام وتطهير الأرض اليمنية وسواحلها من تلك الألغام، وتحييد خطرها وإعادة روح الحياة إلى الأراضي اليمنية المحررة من قبضة المليشيات الحوثية. وفي ختام كلمته، جدد اليماني التذكير بدعوة الحكومة الشرعية وتحالف دعم الشرعية للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية وخاصة الأممالمتحدة لمساعدة الحكومة اليمنية في التخلص من الألغام من خلال تبني مشاريع مماثلة وبصورة خاصة مسح الألغام التي زرعها الانقلابيون في الممرات المائية الدولية جنوبالبحر الأحمر، وفي نفس الوقت أدعو المجتمع الدولي لإدانة المليشيات الانقلابية لانتهاكها القانون الدولي الإنساني واستمرارها في زراعة الألغام العشوائية ومحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات والجرائم. فيما قال الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني د. فلاديمير كلاشينكوف: "تأتي مشاركتي اليوم في حدث مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المهم والحيوي لتكون الثانية بعد مشاركتي السابقة في منتدى الرياض الدولي الإنساني الأول في فبراير والذي كان استثنائياً وناجحاً.. اليوم نجتمع من أجل قضية لا تقل أهمية، وهي تهديد الألغام الأرضية وخاصةً تلك التي أودت بحياة الكثيرين ليس فقط في اليمن، ولكن أيضاً في العديد من البلدان الأخرى بما في ذلك ليبيا وسوريا والعراق". وأضاف: "لطالما شكلت الألغام منذ إنشائها خطراً كبيراً وتهديداً خطراً على حياة البشر، ليس فقط على الأفراد العسكريين، بل أيضاً على المدنيين، وبشكل مأساوي، وفي بعض الأحيان تسلب الألغام المدنيين أجزاءً من أجسادهم، لذلك يجب علينا نحن المؤسسات المكلفة بتقديم المساعدة والحماية للمدنيين أن نُلبِّي توقعات العالم وأن نأتي بنتائج واستنتاجات ملموسة بشأن كيفية تحسكين آليات مكافحة الألغام. وأشار إلى أن أنه مما لا غبار عليه أن المملكة العربية السعودية، ومن خلال مركز الملك سلمان للإغاثة قد ساهمت بشكل كبير في الجهود التي تركز على حماية المدنيين وتخفيف المعاناة الجسدية والنفسية الناتجة عن الألغام، مُعرِباً عن استعدادهم للمشاركة في هذه الجهود أيضاً لتحسين حماية المدنيين. وتضمن حفل التدشين معرضاً مصاحباً عرض فيه لأول مرة نزعاً حياً للألغام.. واستعرض المعرض أبرز الإنجازات لنزع الألغام وتركيب الأطراف الصناعية لضحاياه، عبر أربعة أركان تشمل: "ركن زراعة الأطراف الصناعية، ركن عرض الحالة الإنسانية باليمن، ركن نزع الألغام، ركن نزع الألغام الحية". وعرض المعرض المصاحب 50 صورة حية للأركان، إضافة لعرض أفلام وثائقية عن معاناة الإنسان لما يتعرّض له من جراء الألغام.