السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السودانية (7)
نشر في السوداني يوم 24 - 09 - 2021

ارتباط الإنسان بالمكان والانتماء إليه أمر فطري، لأن المكان يمثل الوطن والمسكن والمأوى للفرد والجامعة، وهو يرمز لكينونتهم ووجدوهم ويرتبط بذكرياتهم وأمجادهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، ولذلك شاع في التراث الغنائي أشعار تعلي من قيمة الانتماء إلى الوطن والمحافظة عليه من قبيل:
جدودنا زمان
وصونا على الوطن
على التراب الغالي
الما ليهو تمن
ومن جانب آخر يقول الشاعر الأستاذ محمد عثمان عبد الرحيم:
كل أجزائه لنا وطن
إذ نباهي به ونفتتن
نتغنى بحسنه أبدا
دونه لا يروقنا حسن
حيث كنا حدت بنا ذكر
ملؤها الشوق كلنا شجن
نتملى جماله لنرى
هل لترفيه عيشه ثمن
خير هذي الدماء نبذلها
كالفدائي حين يمتحن
ولذلك لا غرو أن يكون السوداني غيوراً على وطنه ومحباً له ومستعداً للذود عنه تحت كل الظروف؛ نظراً لما له من ارتباط وجداني بالأرض وانتماء وطني خالص على الرغم مما يجتاح البلاد الآن من تحركات جهوية وقبيلة توشك أن تعصف بوحدة التراب السوداني وتفريق أهله على أساس لا يتوافق مع انتمائهم التاريخي والوجداني لوطن واحد يسع الجميع، ولعل هذا الإحساس الجارف هو ما دفعني لتناول جدلية المكان وتعزيز الانتماء؛ خاصة وأن المكان هو وحدة أساسية من وحدات العمل الأدبي والفني والتراثي.
ومع تزايد موجة الجهوية والقبلية والإحساس بالرفض وعدم المقبولية للآخر من أبناء الوطن، وتزايد الكراهية ونبرة العنصرية والإثنية البغيضة، من الضروري اللجوء إلى المجال الثقافي، وخاصة التراث الغنائي باعتباره أحد أهم مكونات الوجدان الشعبي، بل احد ممسكات النسيج الاجتماعي، من أجل تعزيز الانتماء الوطني. وهذا يتطلب تناول كل أطراف الوطن بحيث يكون هنالك شعور قومي يحول دون تفتيت البلاد والزج بها في أتون صراع قبلي وجهوي لا طائل منه بل سيقضي على الأخضر واليابس ويورث الحسرة والندم لا محالة.
أخي وصديقي الأستاذ يوسف محمد مالك أبو عاقلة رجل له أسلوبه المتفرد يقول في هذا في الصدد: "عند أيام الطلب الأولى ونحن صبية كنا نسافر عبر مليون ميل مربع من القولد إلى يامبيو، ومن محمد قول وريرة إلى الجفيل وبابنوسة دون أن نتخطى ود سلفاب والبقعة، وبف قطارنا الرابض في عاصمة الحديد والنار عطبرة. مدن وبلدات شدنا إليها حنين ضاقت به جوانحنا وتعلقت به أحلامنا وآمالنا فننام على هدهدة الكلمات التي باحت بها سبل كسب العيش وذلك السفر المهيب الذي خطه لنا فحول أساتذتنا فعاش السودان عشقا أبديا بين الجوانح. ثم أين بساط الريح الذي نعتليه ونحن في أيام الطلب فيجوب بنا السودان وخدا وخببا نعلو جباله ونهبط سفوحه ونشق بواديه وسهوله". ويشير يوسف بذلك لرائعة عبد الرحمن علي طه التعليمية التي يقول فيها:
في القولد التقيت بالصديق
ثم قصدت من هناك ريرة
ومن هناك قمت للجفيل
ما زلت في رحلاتي السعيدة
حتى وصلت يامبيو البعيدة
حتى نزلت في محمد قول
هذا التطواف بدون شك يرسخ الهوية ويعزز الانتماء الوطني خاصة في أذهان ووجدان النشء في تلك السن المبكرة. وكم طفنا مع مبارك المغربي حبا للأديم من ثغرنا الباسم، إلى نخيل الباوقة وحتى رهيد البردي ومريدي ونحن نردد كلماته مع الراحل ابن البادية:
ما عشقتك لجمالك
إنت أيه من الجمال
أو هويتك لخصالك
أنت أسمى الناس خصال
أو لي روحك لجلالك
إنت هالة من الجلال
الفؤاد دايماً بنادي
في اغترابي وفي ابتعادي
ليك لأنك من بلادي
شلت من النيل صباهو
ومن جمال النيل بهاهو
من مناظر السبر صفحة
من رهيد البردي لوحة
من نخيل الباوقة طرحة
من مريدي السمحة نفحة
الطبيعة حنت عليك
أما الشاعر الفنان عبد الكريم الكابلي فيسرح بخيالنا مشاعرنا وهو يرنو إلى جبل مرة في غربنا الحبيب بقوله:
مرسال الشوق يا الكلك ذوق
أغشى الحبان في كل مكان
قليهم شفنا جبل مرة
وعشنا لحظات حب ومسرة
بين غيمة تغازل كل زهرة
وخيال رمانة على المجرى
وهذه لعمري لوحة فنية رائعة تسبي الفؤاد وتسعد الروح المعنى، وتشد المستمع لزيارة تلك البقعة الجميلة من وطننا السودان. وثمة لوحة وطنية أخرى نجدها عند الشاعر عمر العوض الذي يقول:
في بربر السلوى
وفي الدامر الخلوة
في عطبرة الصحوة
من مروي طنبارا
ومن راجا نقارة
من كسلا لبارا
كردفانا يا غرة
خيرك كتير برا
ومن الأغاني التراثية الجميلة التي تغنى بها الموسيقار محمد الأمين نتخير هذه الأبيات:
غنّي وشكِّري
يا أم قرقدن سايح
من دار كردفان
جانا الشناع فايح
في الفاشر الكبير
طلّعوا الصايح
دقّوا الجوز عديل
أصله العمر رايح
أما الشاعر الناصر قريب فيهيم حباً ببادية شمال كردفان ويغازل أم بادر بقوله:
أي حظ رزقته في الكمال
واحتوى سره ضمير الرمال
فتناهي إليك كل جميل
قد تناهي إليه كل جمال
وتعالت هضابك المشرئبات
إلى مورد السحاب الثقال
قادني نحوهن كل كثيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.