برغم اعتراض البعض على قيام الندوة السياسية لقيادات بالحرية والتغيير، قبل إقرارهم بالفشل إبان توليهم السلطة، وتقديم اعتذار للجماهير، إلا أن العنف الذي صاحب الندوة استنكره الجميع، وعلى مستويات واسعة امتدت من القوى السياسية مروراً بلجان المقاومة وأجسام ثورية أخرى، واكتنف الجدل المشهد، ليس بالعنف فقط بل بمن قام بالعنف، ومن يقف خلفه. أصل الحكاية أطلق مجهولون عبوات غاز مسيل للدموع على حشد كبير تجمع بالخرطوم بحري لحضور ندوة سياسية دعا لها تحالف الحرية والتغيير مساء الجمعة. واضطر منظمو الندوة والحضور لمغادرة "ميدان الرابطة" بشمبات مع تكاثف الدخان الذي غطى المكان، وحال دون إكمال الندوة، كما تم سحب قادة التحالف من المنصة بعد تراشق بالكراسي، وسقوط عدد من الحضور جراء الاختناق بالغاز. واستهل الحديث في الندوة ماهر الجوخ، وتلاه خالد عمر يوسف، وأطلق المهاجمون القنابل المسيلة للدموع عند انتهاء الأخير من كلمته، الأمر الذي أدى إلى فض الندوة بعد محاولة المنظمين استئنافها نتيجة لكثافة الغاز. وكان مخططاً أن يتحدث في الندوة كل من سلمى نور، ومحمد الفكي سليمان، وياسر عرمان، والصديق الصادق، وآخرين. رواية الحاضرين وقال شاهد عيان ل(السوداني) إن الندوة بدأت بأغاني وطنية وهتافات، وبعدها قام ماهر أبو الجوخ بتقديم خالد عمر (سلك) ليتحدث عن الانقلابيين وسط هتافات من بعض الشباب مناوئة للحرية والتغيير وهتافات أخرى من مجموعة ثانية من الشباب داعمة لها. واضاف: "قبل أن يختتم خالد عمر حديثه تم إلقاء الغاز المسيل للدموع وسط الحشود، وتم تدارك الأمر من قبل الشباب، وبعدها تواصل إلقاء الغاز، إلى أن وصل العدد إلى 15 علبة بمبان ". وتابع: "كثافة البمبان جعلت من المستحيل استمرار الندوة (تم الاكتفاء بمتحدثين اثنين فقط، وهم سلك والصديق المهدي). وأردف: "أغلب الشباب الذين ألقوا البمبان (أقل من 20 سنة)، وكانوا يلقونه على مرأى ومسمع من القوات النظامية، أتى ذلك وسط اتهامات لأجسام ثورية بقيامها بالعنف منهم (ملوك الاشتباكات وغاضبون) الاشتباك وغاضبون سرعان ما أصدر المتهمون (ملوك الاشتباك وغاضبون) بياناً مشتركاً نفوا من خلاله علاقتهم بما حدث، وأكدوا أنهم ظلوا يتابعون ردود الفعل التي تتهمهم صراحة بالقيام بهذا الفعل الذي وصفوه بالمشين، مشددين على عدم صلتهم بما حدث. وأضاف البيان: "ظلت هذه الثورة وما زالت تعلمنا معنى الحريات التي ارتقى من أجلها شهداؤنا، فلا مصلحة لنا في إيقاف ندوة للحرية والتغيير، بالرغم من اختلافنا الكبير معها." وتابع: "كل تركيزنا وجهودنا فقط لإنجاح مليونية 19 ديسمبر والمضي قدماً لتحقيق أهداف ثورتنا." عناصر الانقلابيين اللجنة الإعلامية للحرية والتغيير بدورها أصدرت بياناً اتهمت من خلال عناصر تابعة للانقلابيين وواجهات مرتبطة بهم عمدت إلى تخريب الندوة. وقالت في البيان إن هذه العناصر قصفت الندوة بقنابل الغاز المسيل للدموع والهجوم عليها بالأسلحة البيضاء وتحطيم الكراسي ومعدات الندوة والاعتداء على أجهزة الإعلام والحضور من المواطنين. وحملت اللجنة "الانقلابيين مسؤولية تخريب النشاط السلمي الجماهيري". ورأت في التصرف برهاناً جديداً على أن انقلاب البرهان لا يحمل للشعب سوى القمع، وأن ما حدث أكد مجدداً على سقوط اتفاق 21 نوفمبر في كل الاختبارات. ودعا البيان المجتمع الدولي والإقليمي إلى الإدراك أن اتفاق 21 نوفمبر لن يؤدي إلى إصلاح انقلاب 25 أكتوبر الذي أتى لإجهاض التحول المدني الديمقراطي، وما منع هذه الندوة الجماهيرية إلا دليل آخر على ذلك. الإقصاء المتبادل ويرى المحلل السياسي، عثمان ميرغني، أن ما شهدته الندوة السياسية للحرية والتغيير من أعمال عنف واستخدام الغاز المسيل للدموع من قِبل مدنيين نوع من الإقصاء بذات الأدوات التي تم استخدامها ضد الخصوم بالأمس، عندما كانت الحرية والتغيير على السلطة. وقطع ميرغني من خلال حديثه ل(السوداني) بأن اللعبة السياسية قائمة على الإقصاء المتبادل، مشيراً إلى أن للإقصاء أسلحة كثيرة تصل للعنف واستخدام الغاز المسيل للدموع، بل ويمكن أن تكون بالأسلحة النارية. ونوه ميرغني إلى أن الحصول على أدوات العنف ليس بالأمر الصعب، وليس بالضرورة أن يأتي من جهات نظامية، ففي دارفور توجد أسلحة نارية متطورة لدى المواطنين. من أين يأتي؟ واستخدم الغاز المسيل للدموع من قِبل مدنيين لم يكن الأول من نوعه بندوة التغيير، فقد أكد شهود عيان استخدامه من قبل في تظاهرتين، الأمر الذي أظهر بعض التحليلات لاتهام جهات معادية للثورة بمد الشباب بالبمبان، واستنطقت (السوداني) مصدراً أمنياً عن مصدر البمبان، وأوضح فقدانهم لعدد (3) كراتين بمبان في أمدرمان، إبان احتراق (دفار الشغب)، وتابع: "البمبان يتكون من (3) طبقات، وعند إطلاقه وإخماده بسرعة تحترق طبقة، الأمر الذي يجعله صالحاً للاستخدام مرة أخرى.