لم يخف الكثيرون يأسهم من خروجها بنتائج مقنعة لأسر الضحايا، بوجه الخصوص، وللشارع السوداني بوجه العموم، فبعد مرور ثلاث سنوات على تشكيلها ما زالت اللجنة الوطنية للتحقيق في فض اعتصام القيادة تباشر التحقيق وسط أنباء عن عدم ترحيب حكومة ما بعد (25) أكتوبر بها، ومطالبتها بإخلاء مقرها، قبل أن ينفي رئيس اللجنة، نبيل أديب، هذا الطلب، ويأتي هذا في وقت توجهت فيه أسر الشهداء لسوح المحكمة الدولية، وتأكيد الأسر على عدم اعترافهم بلجنة أديب، فما مصير اللجنة؟
وكانت وزارة المالية قد طلبت من لجنة التحقيق في فض الاعتصام إخلاء مقر اللجنة، وأرسلت خطاباً بهذا المعنى إلى رئيس اللجنة، نبيل أديب، وذكر مقرر اللجنة، صهيب عبد اللطيف، لمنبر إعلامي أن وزارة المالية طلبت منهم إخلاء المقر الذي خصصته لصالح مجلس شؤون الأحزاب، داعية اللجنة إلى البحث عن مقر آخر.
واعتبر صهيب من خلال تصريحاته أن هذا القرار يمثل طرداً مباشراً للجنة من مقرها، وقال: إن الأوضاع العامة عقب قرارارت (25) أكتوبر الماضي أصيبت بالتغبيش، وأضاف: "تملكنا إحساس بأن اللجنة غير مرحب بها من قبل الحكومة، رغم أن اللجنة كانت تتعامل مباشرة مع رئيس الوزراء في الجانب المالي حسب ما جرى عليه العمل في السابق، وحسب قرار التكليف، رغم أن مسألة التمويل تتحملها الدولة، ولا يحق للجنة الحصول على أي دعم مالي خلاف ذلك".
انتقادات لاذعة
لجنة التحقيق في فض الاعتصام التي طالها النقد اللاذع منذ مرور وقت ليس بالطويل من تأسيسها، ما زالت تتلقى النقد، فقد وجه الناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، المهندس عادل خلف الله، انتقادات لاذعة للجنة التحقيق في قضية فض الاعتصام، مشيراً إلى أن رئيس اللجنة، نبيل أديب عبد الله، ترك مهمته وأصبح مهتماً بقضايا وفتاوى، مما أثار تساؤلات حول استقلالية اللجنة.
ووجه عادل خلف الله من خلال تصريحه لمنبر صحفي، انتقادات لاذعة لرئيس لجنة التحقيق الوطنية في فض اعتصام القيادة العامة، نبيل أديب عبد الله، مبيناً أن اللجنة لم تقدم تقريرها رغم مضي عامين وثمانية أشهر على فض الاعتصام، لافتاً إلى أن رئيس اللجنة أخذ يشتغل بأمور تتعلق بالفتاوى في قضايا أخرى، بدلاً عن اهتمامه بإنجاز المهمة التي أوكلت له، التي يهتم كل الشعب السوداني بنتيجتها؛ مما أثار تساؤلات حول استقلالية اللجنة.
العمل يمضي
نبيل أديب رئيس اللجنة نفى من جهته طلب وزارة المالية بإخلاء مقر اللجنة، موضحاً أن المالية طلبت أن يشغل مجلس شؤون الأحزاب الطابق الأول في المبنى؛ بسبب أن المبنى متعدد الطوابق، ونحن نستغل الطابق الأرضي، وقد رفضنا طلبهم؛ لجهة أن عملنا سري، ولايمكن أن يكون معنا أحد، وانتهى الموضوع على ذلك.
وأضاف أديب في تصريحه ل(السوداني): "لاتوجد مضايقات للجنة من أي جهة، ويمضي العمل بها بصورة جيدة، ولم يوقف أحد وتعمل في تحقيقها".
لن تصل لنتيجة
رئيس منظمة أسر الشهداء، فرح عباس، قال إن اللجنة ليس لها مصير، ولن تصل لنتيجة؛ لجهة أن لها ثلاث سنوات، ولم تفعل شيئاً، الأمر الذي دفعنا للقيام بمبادرة ترتكز على ركيزتين هما إصلاح الجهاز العدلي، وإصلاح الأجهزة النظامية.
وأضاف: "الجنرال البرهان قال خيارين استفتاء عام أو انتخابات، وهي حق أريد به باطل، وهذه المواكب استفتاء ونحن لا نكره المؤسسة العسكرية، وإنما القادة القتلة، ونريد من أفراد تلك المؤسسة أن يذهيوا ويباشروا المهمة الرسمية المنوطة بهم من حماية الحدود والأمن والدفاع عن البلاد، وليس الجلوس لممارسة السياسة لمصالح ذاتية ضيقة".
وأشار فرح في تصريحه ل(السوداني) إلى ذهابهم بقضاياهم لسوح العدالة الدولية، وأردف: "سرنا بقضايانا في المحكمة الدولية خطوات، بسبب هذا الوضع وعدم وجود الرغبة والإرادة من القضاء السوداني لحقيق العدل، لا نريد من جبريل أي شيء أو أي شخص من حكومتهم المتداخلة الاختصاصات وبالأساس هو نظام غير شرعي، ولن نعترف به إلى أن يتم إسقاطه".
وأضاف:"قضايانا في المحمكة الدولية وأوكلنا محامين هولنديين وسودانيين بهولندا".
أصل اللجنة
بموجب نصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية للعام 2019، أصدر رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك قراراً في (سبتمبر من ذات العام) بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في فض اعتصام القيادة العامة، وتتشكل اللجنة من المحامي، نبيل أديب، رئيساً، وعثمان محمد عثمان، مقرراً، ومن النيابة الجنائية، صهيب عبد اللطيف مقرراً مناوباً، بالإضافة لعضوية آخرين.
ومُنحت اللجنة صلاحيات "التحقيق بغرض تحديد الأشخاص المسؤولين عن فض الاعتصام بالتحريض أو المشاركة أو الاتفاق الجنائي أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى".
وتختص اللجنة بتحديد وحصر عدد الضحايا من القتلى والمصابين والجرحى والمفقودين، وقيمة الخسائر المالية والجهات والأشخاص المتضررين من ذلك.
ويحق للجنة استدعاء أي شخص أو مسؤول حكومي أو نظامي أو موظف عام بغرض الإدلاء بشهادته أو التحقيق، وأيضاً من اختصاص اللجنة "طلب العون الفني من الاتحاد الإفريقي عبر وزارة الخارجية" .
منح القرار للجنة حق تجميد الحصانات القانونية للقيام بعملها.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت سقوط (61) قتيلاً خلال فض الاعتصام، بينما تقول قوى الحرية والتغيير إن عدد الضحايا (128) قتيلاً، وتحمل المجلس العسكري مسؤولية مقتلهم، بينما يقول المجلس إنه لم يصدر قراراً بفض الاعتصام.