فور انتهاء جلسة المؤتمر العام للحركة الاسلامية التي حسم فيها المؤتمرون مسألتي اختيار الأمين العام والقيادة العليا بالأغلبية الميكانيكية ،خيم الحزن على كثيرين من أعضاء الحركة ، ولذا ظن صديقي أنني سأرفع صوتي عاليا لرفض الأمر وكتابة مقالات (راجمة) لهذا القرار فقلت سأروي لك قصة: مر أعرابي يمتطي جملا بقوم أمامهم جنازة لم يصلوا عليها، ربط (الجمالي) جمله وذهب لعزاء القوم وسألهم عن سبب تأخير دفن هذا الميت فافادوه أنه لم يكن طيب العمل وأنه يفعل (السبعة وذمتها) ولذا فلا أحد يستطيع الصلاة عليه، رد عليهم الأعرابي بأنه سيصلي عليه، كبر الأعرابي ثم صمت برهة ثم سلم ثم دفن الرجل. بعد فترة رأى ابن الميت أباه _ فيما يرى النائم _ فقال له أبوه: والله أنا في أحسن حال نفعتني صلاة الجمالي! ذهب ابن الأعرابي وسأل الجمالي عما دعا به لابيه فقال الأعرابي ، قلت: ياربي الزول دا جاك بلا عمل ، علي الطلاق انا الكعب دا كان جاني اضبح ليه جملي الفد واحد دا، وياربي انت اكرم الاكرمين الداير تسوي فيهو سوي! والقصة على شعبيتها وبساطتها تعني عندي تفويض الأمر الى الله مصحوبا بحسن الظن ! أقول: تعتبر فترة مؤتمر الحركة الاسلامية الثامن من أخصب مراحل الحراك في الوسط الاسلامي اذ اتضح أن عددا ? يستهان به ينشد ا?صلاح والتغيير وهم السواد الأعظم من أهل هذه الحركة مما يطمئن على حالها ويبشر بحسن مآلها، وأكثر ما يعجب في هذا الحراك أنه أتاح الفرصة للجميع لقول رأيهم وهذه محمدة تحسب لصالح الاسلاميين فعند غيرهم يدفع الناس ثمن آرائهم غاليا حتي وان كانت داخل أروقة الحزب أو داخل حيطان قاعة المؤتمر،كما أن هذا الحراك كان فرصة ذهبية للقيادة لمعرفة الواقع كما هو وبكل تفاصيله وحتى معالجاته و(مساحيقه) وكل ذلك يحسب لرصيد التجربة الاسلامية في السودان ويعطي القيادة فرصة الاصلاح مستقبلا! أنا ما زلت وسأظل من انصار تعديل المادتين(1/20و22) اللتين تتحدثان عن انتخاب الأمين العام والقيادة العليا _ والأخيرة دخلها تعديل مناسب_ وسأظل عند رأيي فيما ?يعني ذلك رفض رأي الجماعة فمهما كانت التحفظات حول معركة الدستور فخلاصة الأمر، هذا رأي المؤتمر وأعضاء المؤتمر عاقلون أحرار فيما يختارون ومفوضون من قواعدهم يفعلون مايرون ، فان اوفوا فقد أفلحوا وان خانوا أماناتهم فأمرهم إلي الله، بهذه المثالية فهمنا وبها نتعامل غير متجاهلين الكياسة والفطنة. أخي القارئ: ?بد من الاشارة الي أن الواجب قبل اجازة الدستور قتله بحثا وابداء الرأي فيه و الواجب بعد اجازته الالتزام برأي الجماعة بينما يحق لكل انسان الاحتفاظ برأيه لحين مؤتمر آخر ما دام عضوا في الجماعة، فالمؤتمرات (ما أكلها الفار، ان الله مد في العمر)! والأعوج رأي والعديل رأي! ومن ناحية أخرى، فمؤكد أنك تذكر قصة الأعرابي التي ذكرتها صدر المقال، أها ...عليّ القسم الحركة الاسلامية دي أكان أمرها عندي - أنا الكعب دا_ كنت عدلت الدستور وضبحت ليها الجمل والناقة كمان ! ومادام ا?مر غير ذلك فليذب رأي الفرد في رأي الجماعة وليقل كل منا ما يريد في اطار الحرية ضمن منظومة الجماعة وبعيدا عن الحجر أو الوصايا أو الرهبة أو الرغبة ِ، هذا والله الموفق!