من خلف مأساة السيول والأمطار التي اجتاحت المناقل ، رسم الأطباء ورابطة طلاب كلية الطب جامعة المناقل ، ملحمة إنسانية نادرة وهم يتجولون بين الحطام والأوحال لمحاصرة انفجار الوضع الصحي والبيئي المترتب على هذا السيل الجارف .. (السوداني) التقت رئيس المبادرة استشاري طب الأطفال والأستاذ المساعد بكلية الطب د. فرحات محمد دفع الله لمعرفة تطورات الأوضاع الصحية بالمنطقة .. معًا لإفاداته. دعنا أولًا نتعرف على مبادرة كلية الطب بجامعة المناقل ، كيف بدأت وماذا حققت ؟ في اليوم الاول لاجتياح السيول والامطار لمدينة المناقل والقرى المجاورة قمت بجوله داخل مدينة المناقل خاصة الأحياء الشرقية والشمالية والغربية من المدينة وتواتر الاخبار من المناطق المجاورة وقد هالني حجم الكارثة التي حلت بأهلنا في المنطقه والدمار لعدد كبير من المنازل وتشريد الأسر وذهاب ممتلكاتهم ونفوق حيواناتهم ودمار للأراضي المزروعة في الموسم الزراعي الحالي. وماذا فعلتم بعد هذه الجولة ؟ كان لابد من التحرك السريع والعاجل وقمت بالاتصال بأبنائنا الطلاب برابطة كلية الطب جامعة المناقل وشرحت لهم حجم الكارثة وتشاورت معهم في الكيفية التي يمكن بها إعانة وإغاثة أهلنا بالمناقل والمناطق المجاورة وضرورة التحرك السريع والعاجل. وقد وجدت تفهمًا وحماسًا كبيرًا من الطلاب وتجاوبًا منقطع النظير. كما تمت مناقشة الأمر مع الأساتذة بالكلية وأمنوا جميعًا على ضرورة التحرك السريع والعاجل لدرء آثار الكارثة. كيف بدأتم عملكم ؟ اتفقنا مع الطلاب على عمل بوستر يوضح حجم الكارثة ويدعو الجميع للدعم والمساندة والوقوف مع المبادرة..وكعادة طلابنا في وقت وجيز كان البوستر جاهز وتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي ، في ذات الوقت كون الطلاب فريق عمل وتقسيم الطلاب إلى مجموعات كل مجموعة تختص بعمل معين وتم الاتفاق على تسيير قوافل صحية من الطلاب وأساتذة الجامعة بها عدد مقدر من كبار الاستشاريين والأخصائيين بالمنطقة واستعنا ببعض نواب الأخصائيين في مختلف التخصصات كما تضم القوافل عددًا من الأطباء العموميين وأطباء الامتياز وفنيي المعامل والصيدليين.. بعدها قمنا بالطواف على الصيدليات العاملة في المنطقة لتجميع المعينات الدوائية والمعملية وكانت الاستجابة أكثر من رائعة. هل تلقيتم أي دعم آخر؟ بدأنا في تلقي الدعم المالي من داخل وخارج المنطقة ومن خارج السودان. صف لنا الوضع الصحي الراهن في المناقل ؟ الوضع الصحي الحالي ينذر بكثير من المخاطر، خاصة عدم توفر المياه الصالحة للشرب بعد اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية مما ينذر بانتشار الأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل الإسهالات المائية والنزلات المعوية والتيفويد والإلتهاب الكبدي النوع (أ)…ونتيجة لانتشار الحشرات الضارة مثل الذباب والبعوض قد تنتشر أمراض مثل الملاريا والتيفويد …ايضًا لدغات العقارب والثعابين السامة….والإصابات بالجروح والكسور نتيجة للتحرك داخل المياه والمنطقة تحتاج لكثير من الدعم الصحي خاصة في وجود بنية تحتية صحية ضعيفه وهشة لا تتحمل المزيد من الضغط وتحتاج لإعاده تأهيل ودعم عاجل بكل المعينات الصحية. ماهو موقف الاجهزة والمعدات الطبية والادوية ؟ كما ذكرت سابقا فإن البنية الصحية بالمنطقة ضعيفة ومتهالكة ونحتاج لكثير من الأجهزة والمعينات الصحية وزيادة سعة المستشفيات "السراير". هل لكم عيادات ميدانية وسط المتضررين ؟ نحن نسير قوافل صحية يوميا للمناطق المتضررة بما يتوفر لدينا من أجهزة ومعدات ونعتمد على همة وعزم الشباب ولدينا فكرة مستقبلية لإنشاء مستشفى ميداني متحرك للتدخل السريع في حالة الكوارث وما زال في طور الفكرة حتى يتوفر لنا الدعم اللازم . يتحدث البعض عن احتمال انفجار الوضع الصحي على خلفية هذه الاحداث الى اي مدى يمكن ان يحدث ذلك؟ حقيقة الوضع الصحي هش جدًا وقابل للانفجار في اي وقت. اذا لا قدر الله حصلت كوارث صحية مثل الإسهالات المائية قد يصعب السيطرة على الوضع ونحن في كلية الطب لدينا خطط للتحرك في حالة تأزم الوضع . كم عدد الكوادر الطبية والمتطوعين الذين يعملون الآن وهل هو كاف ؟ الشيء الوحيد المطمئن لنا هو العدد الكبير من المتطوعين في المجال الصحي ولدينا طلاب شغوفين للعمل الطوعي ولديهم قدرة هائلة على التنظيم والتحرك والبذل وكثير من الحماس لتقديم العون والمساعدة وخدمة المجتمع. ماهي أبرز الامراض حاليًا وماهي أنواع الامراض الاخرى المتوقعة في ظل هذه السيول ؟ يوجد الكثير من حالات النزلات المعوية ولإسهالات الحادة والإلتهابات كما بدأت تزداد حالات الملاريا والملاريا الوخيمة…كما توجد حالات كثيرة للدغات العقارب والثعابين . ماذا يستفيد الطلاب من تجربة كهذه في مستقبلهم المهني وكيف تقيمون كأساتذة للطب هذه التجربة ؟! بالنسبة لطلابنا ستكون تجربة قيمة ومفيدة لهم وتضاف لرصيدهم المعرفي والتنظيمي وتزرع فيهم حب الوطن والإنتماء لتراب الوطن كما تقوي فيهم الحث القومي والعمل كفريق واحد وتربط الطلاب بالمجتمع تجسدًا لرؤية الجامعة والكلية. بالنسبة للأساتذة كانت أيضًا تجربة مفيدة وأتاحت للأساتذة مواصلة دعمهم للمجتمع والوقوف مع أهليهم لزيادة الترابط بين الطلاب والأساتذة والعمل بروح الفريق.