منذ انطلاقة ثورة الشعب السوداني في ديسمبر قبل أعوام أربعة، والسؤال الذي يطارد الشرطة السودانية هو لماذا يشتري البوليس غضب الناس مع أن رضاءهم بالمجان؟ وعقب قرارات 25 أكتوبر حصدت الشرطة السودانية حالة غير متناهية من عدم الرضاء الشعبي، بل إنها وصلت حد فرض عقوبات امريكية على قوات الاحتياطي المركزي؛ بسببها تعاطيها العنيف مع احتجاجات الشارع الرافض للانقلاب، في ما يتعلق بقضايا مواجهة حراك الشارع لطالما أصدرت الشرطة بيانات أكدت من خلالها التزامها بالقانون واحترامها لحرية التعبير، لكن ما حدث في الأيام الفائتة سرعان ما أعاد صياغة السؤال بشكل آخر يتعلق هذه المرة بمدى التزام الشرطة بتنفيذ القانون وبمسؤوليتها عن تنفيذه. كوبر "سجن" القانون في محاكمة عدد من الثوار المتهمين بجريمة قتل العميد شرطة علي بريمة، وهي الجريمة الوحيدة مع جريمة فرد الاستخبارات التي تصل إلى المحكمة، في مقابل (122) جريمة قتل أخرى هي مجموع من سقطوا في مواكب رفض الانقلاب، وفي المحكمة أمر القاضي الذي ينظر القضية بتقييد دعوى جنائية في مواجهة مدير سجن "كوبر" الاتحادي لعدم تنفيذه أوامرها بنقل المتهم محمد آدم الشهير ب"توباك" إلى الزنزانة التي يُحتجز فيها بقية المتهمين. وأصدر زهير بابكر قاضي المحكمة التي تنظر في القضية، خلال الجلسة التي عُقدت الأحد، أمراً "بتقييد دعوى جنائية بمخالفة نص المادة (90) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 في مواجهة مدير سجن كوبر القومي، اللواء شرطة الطيب أحمد عمر، لعدم تنفيذه أوامرها بنقل المتهم محمد آدم توباك من زنزانة الغربيات إلى الزنزانة الشرقية مع المتهمين معه". وقال قاضي المحكمة في حيثيات القرار الذي تلاه، إن مدير السجن لم ينفذ أوامر المحكمة بعدم وضع القيود الحديدية على أيادي وأقدام المتهمين عند إحضارهم للمحاكمة – ونوه لأن المتهم الأول في الجلسة السابقة وصل قاعة المحكمة مقيداً بالسلاسل الحديدية إلى جانب إصابات تظهر على وجهه وفقاً للتقرير الطبي. عدم التزام الشرطة بتنفيذ أمر قضائي بدا مثيراً للجدل، وبالطبع يطعن في مهنية الشرطة في القيام بواجبها. لجنة تحقيق أعلنت وزارة الداخلية، الاثنين، تشكيل لجنة تحقيق حول القصور الذي صاحب عدم تنفيذ قرارات محكمة مقتل العميد علي بريمة، بعدم نقل المتهم الأول توباك وحبسه مع زملائه المتهمين بالزنازين الشرقية، بدلاً عن الغربية، وعدم إحضاره أمام المحكمة مقيداً بالاصفاد. وكشفت وزارة الداخلية عن عقدها اجتماعاً طارئاً لمناقشة الإجراءات التي صاحبت عدم الرد على المحكمة، وتنفيذ قراراتها حول المتهم الأول في قضية قتل العميد بريمة، برئاسة المدير العام لقوات الشرطة – وزير الداخلية المكلف، الفريق أول شرطة (حقوقي) عنان حامد محمد عمر، أكدت من خلاله على احترام السلطة القضائية والتأمين على قراراتها، إضافة إلى إقرار الاجتماع على وجوب تنفيذ أحكام المحاكم على الكافة دون تمييز، وأكد الاجتماع بحسب (المكتب الصحفي للشرطة) على تنفيذ قرار المحكمة فوراً، وتشكيل مجلس تحقيق في القصور الذي صاحب عدم وصول الرد على قرارات المحكمة الموقرة قبل وقت كافٍ من الجلسة بخصوص المتهم محمد آدم يعقوب (توباك)، وشدد الاجتماع على التزام قوات السجون بالعمل وفق قانون ولوائح السجون ومراعاة حقوق النزلاء والمنتظرين بما يضمن سلامتهم والحفاظ عليهم ومنعهم من الهروب أو الفوضى، وينظر البعض لخطوة الداخلية في تشكيل لجنة للتحقيق في كونها امتداداً للجان تحقيق قامت الداخلية بتشكيلها دون أن تعلن نتائجها. حكاية الهروب مساء الاثنين سربت مواقع إخبارية ما يفيد بهروب المتهم بقتل الطبيبة إيمان بمنزلها بالفتيحاب، وقالت أسرة الطبيبة التي تم قتلها في منزلها قبل أسبوعين إن المتهم الذي سبق أن اعترف بارتكاب الجريمة قد نجح في الهروب. وقالت شرطة ولاية الخرطوم إنها ألقت القبض على المتهم بقتل الطبيبة، إيمان الطيب، عقب نجاحه في الهروب مع متهمين آخرين من قسم شرطة أبو سعد شرق في أم درمان. وأوضحت شرطة ولاية الخرطوم، في تصريح مساء الاثنين، عقب هروب المتهم، أنها ألقت القبض على المتهم بقتل الطبيبة بحي الجامعة بعد هروبه وآخرين، أمس الاثنين، من قسم أبو سعد شرق. وبالتزامن تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمركبة تتبع للشرطة خاصة بنقل المساجين وتظهر فتحة في أحد جوانبها، يُعتقد أن المتهمين خرقوها للفرار، لكن الشرطة لم توضح كيف تمكن المتهمون من الهرب. المفارقة أن من قاموا بخرق العربة مستخدمين آليات حادة فعلوا ذلك مع العلامة المشيرة لأن الشرطة عين ساهرة، وبالطبع لم يتم الكشف بعد عن تفاصيل الهروب، واكتفى بيان الشرطة بتحديد مكان الهروب وهو قسم شرطة الفتيحاب، مما يعيد طرح الأسئلة حول الكيفية التي استطاع من خلالها موقوفون على ذمة الشرطة وداخل أقسامها في التفكير بالقيام بمثل هذه الخطوة ناهيك عن تنفيذها والنجاح في ذلك؟ ! كلاب جديدة وبحسب صحيفة (السوداني) وصلت مطار الخرطوم مساء الاثنين، (10) كلاب جمركية من دولة المجر، من أفضل السلالات تم استيرادها بواسطة إدارة المعامل الجمركية بهيئة الجمارك، بغية الكشف عن المتفجرات والمخدرات، وسيتم توزيعها على عدد من المنافذ، من بينها مطار الخرطوم والمعابر الحدودية، وتعتبر هذه الكلاب ضمن خطة متكاملة تشمل أجهزة حديثة للحد من التهريب. وبحسب صحيفة (السوداني) الكلاب تم استيرادها للسودان بإشراف مدير إدارة المعامل الجمركية، العقيد جميلة إبراهيم، وسيتم دخولها إلى الخدمة خلال 3 أشهر بعد تدريبها بإدارة الكلاب الشرطية، وتحديد مشغل لكل كلب ليتلقى الأمر منه فقط، وتم تجهيز حظائر بمطار الخرطوم ستنقل إليها، وتعتزم الجمارك استيراد (20) كلباً خلال العام القادم. وعلمت الصحيفة أن الكلاب وصلت البلاد ضمن شحنة بلغت (50) كلباً، منها (10) كلاب للجمارك و(40) كلباً تخص الكلاب الشرطية. وهي الخطوة التي تؤكد أن عمليات تحديث الشرطة ودعمها بالمقدرات تمضي على قدم وساق، كما أن كثيرين يؤكدون على توفر المهارات المطلوبة لدى الكادر البشري في الشرطة السودانية، وأنهم يملكون من المقدرات ما يجعلهم قادرين على كشف غموض أي جريمة وفي وقت قياسي. نزلاء و "مخدرات" يوم الأحد الماضي كشفت اللثام عن أخطر أنواع المخدّرات المنتشرة بالخرطوم والطرق التي تهرب بها إلى البلاد، بينما أشارت إلى تورّط تجار مخدرات "نزلاء" ببعض السجون في إدارة تجارة المخدرات من داخل السجون ومزاولة أنشطتهم. وهي الاتهامات التي تعيد السؤال مرة أخرى حول الضوابط المفروضة على نزلاء السجون في البلاد، مثلما تؤكد عمليات تنامي تجارة المخدرات وتعاطيها على ضعف في عمليات مكافحتها التي تقع على عاتق الشرطة التي تجد نفسها الآن مطلوب منها وبشكل سريع الكشف عن كيفية هروب المتهمين من أحد أقسامها، وهي المطلوب منها في الوقت نفسه كشف غموض جريمة "بري" التي راحت ضحيتها أسرة كاملة فيما تكشف تقارير عن بقاء رب الأسرة قيد الحبس في انتظار المزيد من التحريات مع التأكيد التأم على أن تأخير حسم القضية وتحديد الجناة سيضع الشرطة في مرمى نيران الأسئلة، خصوصاً أنها سبق وأن أصدرت تعميماً صحفياً مقتضباً تعهدت فيه بالكشف عن المجرم وفي أقرب وقت.