أمس وعلى نحو مفاجئ وصل وزير الخارجية البحريني إلى الخرطوم، وبدا أن أي محاولة لايجاد أي تفسيرات لزيارته لكن لاحقًا وفجر "أمس" الخميس غرد صحفي إسرائيلي بأن طائرة إسرائيلية تحمل الاسم (4 إيكس- سي يو زد) أقلعت من مطار بن غوريون شرق تل أبيب نحو العاصمة الخرطوم وبدا أن المسؤول البحريني ما هو إلا رسول تل أبيب للخرطوم لاستقبال الضيف الإسرائيلي ايلي كوهين في ثاني زيارة له . وفي 23 أكتوبر 2020 أعلن السودان تطبيع علاقته مع إسرائيل، لكن قوى سياسية عديدة أعلنت رفضها القاطع للتطبيع، بينها أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم السابق وتستعد الآن للعودة مجددا للحكم بعد انقلاب قاده البرهان في العام المنصرم، لكن سؤالًا ملحًا يفرض نفسه هل ستدعم الحكومة الإسرائيلية بقاء العسكر في سدة الحكم حال أكمل رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان عملية التطبيع. يوم الزيارة وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، بأن "طائرة إسرائيلية تحمل وفدًا توجهت فجر أمس الخميس إلى السودان، وهبطت في العاصمة الخرطوم. وأشارت هيئة البث إلى أن هذه الزيارة تأتي على خلفية الأنباء عن استعداد السودان للتوقيع على (اتفاقيات أبراهام) للتطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي بارز أن "السودان يستعد للتوقيع على اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل"، مضيفًا بأن الاتصالات الجارية بين إسرائيل والسودان تتم بوساطة أمريكية، وأن هذه الاتصالات حققت تقدمًا ملموسًا بين الجانبين يبشر بقرب التوقيع على (اتفاقات أبراهام). وأضافت الصحيفة، بأن "العلاقات الجيدة بين القيادة السياسية الأمنية الإسرائيلية والسلطات العسكرية في السودان أحيت الجهود من جديد". وكان السودان قد أعلن في أكتوبر من عام 2020 عن نيته الانضمام إلى هذه الاتفاقيات، لكنه امتنع عن ذلك بعد وقوع انقلاب عسكري تسبب بتوقف الاتصالات العلنية بين البلدين. وسينضم السودان إلى نحو "8" دول عربية ستوقع على اتفاقيات أبراهام، إذ إنه وفي 2021وخلال زيارة وزير الخزانة الامريكية للخرطوم وقع وزير العدل نصر الدين عبدالباري نيابة عن الحكومة على إعلان اتفاق أبراهام بمقر السفارة الأمريكيةبالخرطوم. ترفيع كوهين ويعد وزير الخارجية إيلي كوهين أرفع مسؤول إسرائيلي يصل السودان منذ لقاء (عنتبى) بيوغندا بين رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ونتنياهو بوساطة الرئيس موسفيني، ومن ذاك الوقت لم تتوقف الاتصالات بين البرهان مع إسرائيل عبر وساطة أمريكية وعربية، بل وتوالت زيارة المسؤولين الاسرائيليين حيث سبق وان قام إيلي كوهين وعندما كان يتولى حقيبة الاستخبارات في حكومة نتنياهو بأول زيارة لمسؤول مخابراتي، رغم أن وفداً إسرائيلياً كان قد زار السودان نوفمبر الماضي، الوفد المكون من مجموعة محددة من المسؤولين الإسرائيليين التقى مسؤولين عسكريين، وضم الوفد خبراء في مجالات الاقتصاد والزراعة والمياه. ويلاحظ ان الطابع للوفود الاسرائيلية التي وصلت البلاد كانت امنية وعسكرية ، وعمد الوفد السابق لزيارة هيئة الصناعات الدفاعية وقابل بعض المسؤولين العسكريين ، فيما قابل وزير الاستخبارات الاسرائيلي رئيس مجلس السيادة ووزير الدفاع وبعض المسؤولين العسكريين ، و من الواضح ان اسرائيل (تفضل) التعامل في امر التطبيع مع المكون العسكري بمجلس السيادة تحديدا . ما بين الخرطوم وتل ابيب وفى وقت سابق من ليل الاربعاء قالت القناة الحادية عشرة الإسرائيلية إن السودان ينوي توقيع اتفاقيات أبراهام بشكل رسمي، وأضافت أن هذا الأمر قد طُرح خلال الاجتماعات التي عقدها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع كبار المسؤولين في اورشليم القدس. لقاء البرهان وكوهين ولاول مرة يعلن مجلس السيادة عن نتائج للقاءات مع الجانب الاسرائيلي وقال تعميم للمكتب الصحفي للمجلس اطلعت عليه (السودانى) ان رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان التقى امس الخميس بمكتبه، وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين والوفد المرافق له. بحضور وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق. وتطرق اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي الذي وصل البلاد في زيارة رسمية استغرقت يوما واحدا، لسبل إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل أبيب في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم لاسيما في المجالات الأمنية والعسكرية. وبحسب التعميم فان الجانب السوداني (حث) الجانب الإسرائيلي على تحقيق الاستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطيني.كما تناول اللقاء أيضا الدور الذي يلعبه السودان في معالجة القضايا الأمنية في الإقليم. لقاءات الظلام ظلت الخرطوم ومنذ نظام الرئيس السابق عمر البشير -تدير ملف العلاقات السودانية الإسرائيلية بصورة سرية وبعيدًا عن الاضواء إذ حرص البشير ومن بعده البرهان بوضع هذا الملف في "أيدي قلة" وأديرت جميع اللقاءات مع أي من الوفود الاسرائيلية التي تزور السودان بعيدًا حتى من شركاء العسكر في السلطة وتتم اللقاءات بمقر بيت الضيافة في القيادة العامة وليست بالقصر الجمهوري. بل إن الجانب العسكري لم يظهر في أي وسيلة إعلامية عقب زيارة أي وفد إسرائيلي وتولت وسائل الإعلام الإسرائيلية الكشف عن كل تلك اللقاءات وبصورة طفيفة عما يتم فيها. ليست الآن واستبعد مصدر دبلوماسي رفيع تحدث ل(السوداني) بان تشمل خطوات التطبيع اي تبادل دبلوماسي بين البلدين في الوقت الراهن واضاف ربما يكون في الخرطوم مكتب اسرائيلي للمتابعة فقط لكنه عاد وقال انه لا يوجد ما يمنع بعد التطبيع من اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين لكن يبقى الجانب "الاخلاقي" اذا افتتح السودان مقر بعثة دبلوماسية فى القدس خاصة فى ظل تصريحات سابقة ل(البرهان) اكد فيها على استمرار دعمهم للقضية الفلسطينية. قبل عامين تم التوقيع على اتفاقيتي التطبيع بين الإمارات والبحرين، و"إسرائيل"، في 15 سبتمبر 2020 في الولاياتالمتحدة، وأطلق عليها "اتفاقات إبراهيم" ولاحقا، انضم السودان والمغرب لعملية التطبيع، الذي ما لبث أن توقف. الا ان اتصالات امريكية وعربية مع المكون العسكري بقيادة البرهان اعادت السودان مجددا الى خط التطبيع مع اسرائيل. ووفقًا لما هو مبذول على شبكة النت فإن مفهوم الإبراهيمية اطلقه المصري سيد نصير عام 1991 لتكون مخرجا له من السجون الأمريكية؛ فبعد اتهامه بقتل الحاخام مئير كهانا الإسرائيلي، برأه القضاء الأمريكي، ولكن اللوبي الصهيوني تدخل ليستمر في محبسه ورغبة منه في الخروج؛ سلم الإدارة الأمريكية مشروعا اسمه الاتحاد الإبراهيمي الفيدرالي، كحل يخدم الأمن القومي الأمريكي، يقدم حلا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر إقامة دولة إبراهيمية، تتلاشي خلالها الحدود ويعيش الفلسطينيون مع الإسرائيليين بجواز إبراهيمي. وأخذت الإدارة الأمريكية الفكرة وبدأت في اختبار المفهوم عام 2000 في المنطقة، وتم استخدام الإبراهيمية وفقًا لجامعة هارفارد، لتكون مدخلا لقبول التطبيع الذي فشلت فيه "اسرائيل" منذ إعلان وجودها عام 1948.