منذُ بدء الحراك في 19 ديسمبر تنوعت وتعددت الاتهامات تجاه الحراك القائم، ولعل أول ما صرُح به جاء على لسان مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول صلاح عبد الله قوش بمؤتمر صحفي في ال21 من ديسمبر كاشفًا فيه عن تورط خلية تتبع لحركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد محمد نور، مشيرًا إلى أنهُ تم تجنيدها بواسطة جهاز المخابرات الإسرائيلي، وإلى تشكيل غرف تخريب في عدد من مدن السودان، وانه تم القبض على إحدى الخلايا. مخابرات أجنبية بطبيعة الحال لم يغب عن أذهان البعض حديث مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني عن ضلوع جهاز (الموساد) الإسرائيلي في الاحتجاجات، إذ تمضي آراء للقول بأن الأحداث المتنامية في السودان تقف وراءها أيادٍ خارجية. أيضًا لم يقف الاتهام إزاء أجهزة مخابرات خارجية فكان التحذير من مصير يمكن أن يواجه السودان شبيه ما آلت عليه الأوضاع بسوريا من دمار وتشريد، ولاجئين يحملون متاعهم طوفًا ببقاع الأرض، ورغم أن هذه المخاوف وجدت أرضًا لتستقر عليها، مضى آخرون للتذكير بما آلت إليه الأوضاع بتونس أو أن مصير السودان قد يكون مختلفًا كليًا عن أيّ منهما. أحزاب اليسار الاتهامات لليسار كانت حاضرةً أيضًا على لسان بعض الكتاب إسلاميين وبعض الدعاة وأئمة الجوامع، وهي إحدى المخاوف التي جعلت بعض الأحزاب والدعاة لا يتخذون أيّ موقف سلبًا أو إيجابًا، أما حزب المؤتمر الشعبي الذي ظل موقفه من دعم الاحتجاجات واضحًا عبر تأكيده في أكثر من مؤتمر صحفي أن الحزب سيظل مشاركًا ولن يقفز من السفينة مع دعوته لمحاسبة من ثبت تورطهم في أحداث القتل التي سقط على أثرها 22 بحسب رواية الأجهزة المختصة. الشعبي لم يُخف خوفه من اليسار حيثُ وضحت قيادة الحزب سابقًا ووفقًا لوسائل إعلامية أنهم لا يمكن أن يخرجوا من الحكومة ويشاركوا في تظاهرات تقود إلى استيلاء اليسار على السلطة، وإن استمرار النظام أفضل بمائة ألف مرة من الإتيان باليسار. حوار الشباب الملاحظ أن الاحتجاجات التي انتظمت في الولايات والعاصمة في الأيام الماضية هو سيطرة الشباب بمختلف أعمارهم في الحراك، لكن بالمقابل برزت أيضًا مشاركات لرجال ونساء فوق الثلاثين، لكن دعوة المؤتمر الوطني للحوار مع الشباب وقادة المحتجين اعتبرت إقصاء من قبل الوطني لفئات أخرى هي جزء من الحراك. الناظر لكل هذه الاتهامات المتفرقة، إلا أنهُ بذات الوقت خرجت تصريحات متعددة من قبل بعض قادة المؤتمر الوطني وذلك باعترافهم في أكثر من محفل بالتقصير وبأن الأزمة اقتصادية ولها تداعياتها وأنهُ يحق للشعب أن يعبر تعبيرًا سلميًا عن مطالبه وذلك وفق ما كفلهُ الدستور والقانون. احتجاجات عفوية المحلل السياسي الصادق الزعيم ذهب في حديثه ل(السوداني) قلل من إمكانية إضعاف الحراك الدائر الآن لجهة أن الاحتجاجات بطريقة عفوية ومن مدن مختلفة وكانت نتيجةً مباشرة لأن السياسات الاقتصادية أثرت عليهم بشكل مباشر مشيرًا إلى التحاق بعض القوى السياسية بها وإلى ارتفاع سقف مطالب المتظاهرين. ويرى الصادق أن اعتراف المؤتمر الوطني بالأزمة الاقتصادية يناقض تصريحاتهم المتعددة حول من يقف وراء الاحتجاجات. وعلى الرغم من تمسك بعض الأحزاب المشاركة بالحكومة بمواقفها الداعمة للنظام كحزب المؤتمر الشعبي أو الحزب الاتحادي الديمقراطي أعتبر الصادق أن ذلك على مستوى المؤسسات فقط أما بعض قواعد الأحزاب فقد انخرطت فعليًا في الحراك الحاصل. انسلاخ أحزاب من جانبه وفي مقابل تمسك بعض الأحزاب بمواقفها الداعمة للنظام وتمسكها بالحوار الوطني انسحبت عدد من أحزاب الحوار من عملية الحوار منحازة للمطالب الشعبية أبرزها حركة الإصلاح الآن بقيادة غازي صلاح الدين التي قررت سحب ممثليها من البرلمان، وحزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل. في ذات السياق قلل القيادي بالشعبي عمار السجاد في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أن هذه المحاولات لا يمكن أن تضعف من الحراك الحالي لجهة التوصيف المتناقض والمتعدد من قبل المؤتمر الوطني للأزمة الحالية والحراك.