يرهق الدكتور غازي نفسه ويحرج دعوته للاصلاح عندما يحاول ربط هذه الدعوة بإعادة البعد الأخلاقي في الصراع السياسى ويشعرك أنه الداعية الأوحد والأمثل لذلك، الدكتور يرفع هذا الشعار بيديه عاليا وينسى موطئ قدميه مغبرا في ميدان احتشد بالممارسه البراغماتية ولمدة عشرين عاما كان الدكتور هو نجم خط وسطه وصانع الالعاب فيه، وأحيانا طرفه المدافع وفي أحايين كثيرة طرفه (المهاجم ) !! نعم الناس والذاكرة المراقبة لا تنسى فاولات غازي التي له والتي عليه خاصة تلك المتعلقة بانتخابات غريمه الشفيع أحمد محمد ولكن غازي يريدنا أن ننسى ونتلقف دعوته بذاكرة أشبه بلوحة الاعلانات ... كل يوم بخبر وحدث جديد دون أن تخبرنا ماذا فعل الله بخبر الامس. الرجل فوت على نفسه فرصة لا تعوض ... ومن خلال المواقع التنفيذية والتشريعية التى تسنمها خلال الفترة التي مضت وهي فترة طويله للغاية، ثم من خلال قربه من هيئة قيادة الدولة والحزب، ومن خلال انفراده مع قلة أخرى تجيد التشخيص واكتشاف العلل والتعبير عنها واتخاذ مواقف عملية واضحة ومعلنة مبرئة لذمته التصحيحية ومتطابقه مع ما ينثره عبر الصحف من آراء نظرية، كان بإمكان غازي أن يعقد في أي لحظة من اللحظات مؤتمرا صحفيا يعلن فيه نفض يده من كل مواقعه التنفيذية والتشريعية والقيادية الحزبية ويقول بالفم المليان إن الممارسه الماثلة لا تعبر عنه ولا عن رضاه ولا عن تطلعاته وأنه بهذا سيتفرغ للعمل الدعوي والاصلاحي ومناصحة الاخوة في مشروع الحكم والحزب حتى يسمعوا له في غير مخاشنة أو عنف، وانه سيتجه لملء الفراغ الذي حدث في الحركة الاسلامية ومحاولة ترميم المفاهيم العصرية والواقعية التي يدعو الآن للالتفات اليها .... لو فعل الدكتور غازي هذا ومن قبل انعقاد مؤتمر الحركة الاسلامية ودون ربط ما ينادي به بترشيحه لموقع الامين العام للحركة لسارت الامور في غير الاتجاه الذي نكتب ننتقده الآن .. ولما أدخل الرجل نفسه في حرج العبارة الحادة (كلمة حق أريد بها موقع ) .... ولما تساءلنا عن كفاءة قوله مع كفاءة فعله ... فكيف يتبنى الرجل شكاية الحركة الاسلاميه من تغول الحزب الحاكم على مشروعها وحريتها ثم نعد فنجد أن مقعد الرجل في الحزب المشكو ضده لا يتجاوز مواقع العشرة الأوائل ؟ كيف يلبس الدكتور روب المحامي المدافع عن الحركة وهو أصلا ضمن الموجودين في قفص الاتهام ؟؟؟ مرة اخرى يدخل الرجل بقدمه اليمنى في موقع الازدواج المزعج والمثير للسخرية، فبعد أن كان القنطرة التي تنمحي فيها الفواصل بين الجهاز التنفيذي والتشريعي، ها هو يريد ارباك الدعوات المنادية بالتصحيح والاصلاح عندما يتسلق سور الحركة الاسلامية ويزج بها في صراع المواقع داخل الحكومة والحزب .. نعم هكذا سيفهم من هذا الالتباس الذي أوجده الدكتور لنفسه بأن صراعه داخل الحركة هو صراع من باب المناورة لتحسين (نمرة) مقعده وموقعه داخل الحزب والحكومة !!! سنلاحظ بعد أيام وبعد أن تهدأ الأحوال داخل الحركة ويأخذ كل صاحب موقع موقعه سيصمت الدكتور الى حين موسم انتخابي قادم مع أن الأوضاع المزرية التي تمر بها الحركة والحزب والدولة لم تعد تحتمل الانتظار واضاءة أنوار التصحيح من النافذين في مواسم الانتخاب فقط، فأمام السيد غازي فرصة ذهبية لتأكيد دوره كمصلح حقيقي ومتجرد وامامه فرصة تكذيب كل من كتب مشككا في اتجاهاته الاصلاحية هذي ... ولكن كيف ؟؟ نعم يستطيع الرجل ومن موقعه في البرلمان أن يظهر كنجم اصلاحي يشن هجوما قويا وشرسا ومضبوطا في ذات الوقت على كثير من الافعال والاقوال والسلوكيات الخاطئة التي يمارسها الجهاز التنفيذي ووزاراته وكل الهيئات الحكومية التابعة له، لماذا لا ينفض الرجل ما تحت يديه ثم يتجه لاصلاح الحال بين الحكومة والحركة ؟ لماذا لا يملأ جيدا موقعه النيابي وموقعه القائد لأكبر كتلة في البرلمان ويقض مضاجع المفسدين وأصحاب الحسابات المجنبة ؟ هنالك عشرات بل مئات الملفات التى يستطيع غازي من تحت قبة البرلمان اذا صدق وأحسن في تبنيها أن يحول احترام وتقدير الناس والتاريخ له إلى قوة دافعة ورافعة تحمله الى ما يشتهي من مناصب .... الاسعار وانهيار القطاع المروي .. تردي البيئة واستشراء الفساد . الفساد في كل شيء .... في القطاع الصحي والدوائي والتعليمي والتصنيعي ... التردي الذي يجتاح كل شيء، نعم يستطيع غازي أن يظهر كمصلح حقيقي إذا قاد كتلته ذات يوم لإقالة مسؤول واحد مقصر من موقعه وما أكثرهم .. لو نجح في رد مشروع واحد لنحر الجهاز التنفيذي ....ولو ... ولو ... عزيزي غازي .. بعد أن تصفق مع نوابك في البرلمان لمرور الميزانية المودعة بين أيديكم .. وبعد أن تنجحوا في تمرير طلبات رفع مخصصات النواب وصلاحياتهم ... تعال وحدث اخوتك في الحركة عن الاصلاح !!!