إلي اين نسير    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    أيهما تُفَضَّل، الأمن أم الحرية؟؟    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مايو الشاهد والضحية


رتبت اول لقاء بين الاستخبارات السوفيتية ومايو
منذ دخلت القيادة العامة في اليوم الثانى للانقلاب بقيت مرابطا يوميا طوال الايام الاولى للانقلاب وبصفة خاصة مع المكتب التنفيذي لمجلس الثورة والذي كان يشرف عليه النقيب عمر محقر والنقيب ابوبكر بشارة وتواصلت مهمتي حلقة وصل بين المجلس والحزب الشيوعي مجموعة عبدالخالق التي انتمى اليها وكان ثاني عمل قمت به بحكم هذه المسئولية أن طلب مني الحزب أن ارتب لدخول مندوب بعث به الحزب الشيوعي السوفيتى من رجال الاستخبارات والذي وصل السودان فور فتح المطار وكان قد حضر تحت غطاء صحفي بصحيفة البرافدا وبالفعل صحبت المستر بنلايف وكان هذا اسمه لداخل القيادة العامة حيث التقى برئيس واعضاء المجلس اكثر من مرة ووقف على افكار قيادة الانقلاب واطمأن اليها وكان سعيدا بما لمسه لديهم من رؤية حتى أن موقفه هذا انعكس على موقف السوفيت من الانقلاب لما تصاعدت الجفوة بين الحزب مجموعة عبدالخالق والانقلاب فلم يكن السوفيت سعيدين بتصعيد الخلاف بين المجموعة وقادة الانقلاب وكان توجههم دعوة مباشرة للحزب لتهدئة الاوضاع وتحسين العلاقات مع قادة الانقلاب خوفا من أن يؤدى هذا لانتكاسة الانقلاب وكأنهم يومها سبقوا الاحداث بقراءة الخطر ومخاوفهم من أن يؤدي الخلاف بين مجموعة عبدالخالق التي يراهنون عليها ويعترفون بها الممثل الشرعي للحزب الشيوعي أن يؤدي لانحراف الثورة نحو اليمين وهذا ما اثبتته الاحداث والثورة لم تكمل عمرها الثالث. حيث أن الاحداث اثبتت صحة مخاوفهم عقب انقلاب 19 يوليو وما ترتب عليه من تحول في الثورة من اليسار لاقصى اليمين والذي انتهى بوقوع النظام في احضان امريكا.
وللتاريخ اؤكد هنا انه ليس صحيحا ما اورده النميري في كتابه( النهج الاسلامي لماذا) بانه اكتشف أن بعض رفاقه من اعضاء المجلس من غير الشيوعيين كانوا على صلة بالحزب الشيوعي والسوفيت من خلف ظهره والحقيقة انه كان اكثر حماسا ويسارية من رفاقه اعضاء الثورة يؤكد ذلك خطبه السياسية في ذلك الوقت وبصفة خاصة خطابه في دار اتحاد العمال بالخرطوم بحري عندما صور نفسه اكثر التزاما بسياسة اليسار الشيوعي من عبدالخالق الذي اتهمه بتراجعه عن مبادئ الحزب لوقوفه يومها ضد المصادرات بالرغم من انه عاد نفسه بعد أن انقلب على اليسار ليتهم الحزب بانه المسئول عن المصادرة وما ينفي ما ادعاه النميري انني شخصيا صحبت اعضاء المجلس (غير الشيوعيين) وكان النميري على رأسهم صحبتهم للسفير السوفيتي بمنزله في الاسبوع الاول للانقلاب وبعربة رتب لها أن تدخل منزل السفير من باب االجراش الذي كان مفتوحا لاستقبال العربة التي حملتهم حتى لا يلحظ احد دخولهم المنزل حيث استقبلهم السفير وتفاكر معهم حول احتياجات الثورة وكان الطرفان سعيدين بذلك وقد ترتب على هذا خطوات مهمة سياتي ذكرها كان اهمها تغيير المهمة التي كان مكلفا بها وفد الجيش السوداني الذي كان متواجدا بموسكو عند قيام الانقلاب مفاوضا باسم الجيش لجلب اسلحة للسودان.
وقد عجل هذا الموقف بتعيين سفير السودان مع بداية الاسبوع الثاني للثورة حيث تم تعيين أحمد سليمان وهو التعيين الذي لم يجد ترحيبا من الحزب وبسبب هذه المخاوف كلفت من الحزب وبترتيب تم مع المستر بنلايف أن اسافر انا لموسكو في نفس الوقت لامثل وجهة النظر الاخرى وذلك بالتنسيق مع المستر بنلايف وبالفعل سافرت على نفس الطائرة التي حملت أحمد سليمان السفير وهو لا يعلم عني شيئا الى أن التقينا في موسكو وبهذه المناسبة فان صلة قربى ونسب تجمعني به بحكم اننا من سلالة واحدة تجمع اسرته من البشاقرة واهل توتي والتي يجمع بينهم الانتماء لاسرة الشيخ ارباب العقائد رحمة الله عليه بجانب صلة القربى التي تجمعه مع اسرة زوجتي وفوق كل هذا كان صديقا شخصيا لوالدي رحمة الله عليه.
هنا لابد أن اشير لواقعة مهمة وقفت عليها عند وصولنا لموسكو وفى غاية الاهمية فلقد التقى أحمد سليمان الزعيم عبدالناصر رحمة الله عليه في القاهرة قبل أن نغادر لموسكو على الطائرة الروسية من مطار القاهرة لعدم وجود طيران مباشر وقتها من الخرطوم وان عبدالناصر نصحه بأن يترك السودان الفرصة للسوفييت ليقرروا له تحديد احتياجات الجيش السوداني لخلق جيش قوي تحت مسئوليتهم وحذر من ارتكاب الخطا الذي اوضح أن القيادة المصرية ارتكبته عندما لم تترك الامر للسوفيت لتحديث الجيش المصري تحت مسئوليتهم لانهم اخطأوا حسب ما قاله عبدالناصر عندما حددوا هم ما يطلبونه من احتياجات الامر الذي كان سببا في اخفاق الجيش المصري في مواجهة اسرائيل في حرب 67 .
بهذا الفهم وعند وصولنا موسكو والتي كان الوفد العسكري المفاوض قد غادرها بعد الانقلاب اراد أحمد سليمان أن يترأس التفاوض مع السوفيت باسم الجيش السوداني وفق ما تلقاه من توجيهات عبدالناصر وللتاريخ اقول أن رأيه هذا قوبل برفض مطلق من الملحق العسكري في ذلك الوقت محمد عثمان هاشم الذي رفض رفضا قاطعا أن يفاوض السوفيت مدنيا باسم الجيش وانه هو الاولى بالمهمة وكان قويا صلبا في موقفه. حتى أن السوفييت وقفوا مكتوفي الايدي في مواجهة اصراره.
لم يكن هناك مفر من أن تستفتى الخرطوم في هذه الازمة التي اوقفت المفاوضات واستقر الرأي اخيرا على ابلاغ مجلس الثورة بالمشكلة بسرعة وتم اعداد برقية بهذا المعنى ولكن السوفييت تحفظوا في ارسال البرقية لان وسيلة الاتصال كانت تتم يومها عن طريق لندن وان الانجليز سيقفون على محتوياتها لانهم يعلمون الشفرة فكان الحل من هذه الورطة أن اعود انا للخرطوم فورا واحمل الرسالة لمجلس الثورة فوصلت الخرطوم وفي نفس اليوم توجهت من المطار للقيادة العامة وكان الوقت صباحا وابلغت المجلس بالرسالة وبعد أن تفاكر اعضاء المحلس في الامر استقر الرأي بأن يسافر عضو من مجلس الثورة ليقود المفاوضات في موسكو واذكر يومها أن النميري اعلن انه سيسافر ويتولى المهمة ولكن استبعدت الفكرة لانه لايمكن لرئيس الثورة أن يسافر والانقلاب لم يكمل اسبوعه الثاني فتم الاتفاق على سفر عضو المجلس خالد حسن عباس ولم يكن يومها يحمل جواز سفر فتم استدعاء مصور من وزارة الاعلام وتم استخراج اول جواز دبلوماسي في نفس اليوم ليسافر في نفس اليوم ليتولى المفاوضات ولم يكن بيد الملحق العسكري أن يعترض بعد أن وصل عضو مجلس ثورة يحمل على كتفه الاشارة الحمراء الخاصة باعضاء المجلس من الضباط.وهكذا انتهت مهمتى تلك بسفر خالد.
كان موكب 2يونيو والذي نظمه الحزب الشيوعي بقيادة منظماته الجماهيرية وعلى رأسها اتحاد العمال واتحاد الشباب السوداني والاتحاد النسائي بمشاركة قيادات الحزب كان بمثابة اكبر خطوة تصالحية بين الانقلاب والحزب بل كان لفضل هذا الموكب الذي حقق ثقلا جماهيريا لم تعرفه البلد فكان سببا في أن ينتقل بالانقلاب لثورة لما عكسه الموكب من قبول جماهيري واسع للانقلاب ولم يحشد له المشاركون وانما تدافعت نحوه قوى الشعب من مختلف طبقاته ليمثل مبايعة شاملة للانقلاب اخرست كل المشككين فيه يومها قبل أن تدور الايام ليخرج ذات التجمع في تظاهرات ابريل 85 ولكن هذه المرة لاسقاط الثورة التي بايعها في 2يونيو69 .
فى ذلك اليوم التاريخي بميدان عبدالمنعم لم يخل ذلك الجمع من طرفة لا يعرفها الا قادة اتحاد الشباب السوداني فعندما صعد الفنان الثوري رحمة الله عليه محمد وردي تصحبه فرقته الموسيقية ضاق بهم المسرح المعد للحفل تحت اشراف اتحاد الشباب حيث اهتز المسرح فجأة واصبح آيلا للسقوط بمن عليه وارتبك قادة الاتحاد لحظتها وسط مخاوف انهيار المسرح فيفسد تلك الليلة التاريخية ولكن فجأة ظهر رحمة الله عليه عبداللطيف عباس الرياضي الشامل وكان مشرفا على الرياضيين بنادى الخريجين من فرق الملاكمة ورفع الاثقال وكانت تجمعه باتحاد الشباب توأمة فنهض عبداللطيف بسرعة وصرخ بأعلى صوته ينادي( خريجين الى المسرح) وفي لحظة تجمع كل شباب الخريجين من ملاكمين وابطال مصارعة ورفع اثقال وامرهم بالزحف تحت المسرح ليرفعو الحمل عن الاخشاب الآيلة للانهيار وبسرعة كان جمعهم يحمل المسرح فوق كتوفهم وسارع الشيوعيون من سكان المنطقة ولجمع اكبر عدد من البراميل وكان موقفا غريبا وطريفا كلما وضعوا برميلا يخرج من تحت المسرح شباب الخريجين الذين حملوا المسرح فوق كتوفهم واكتملت العملية دون أن يحس بها احد حتى الفرقة لم تعلم بها الا بعد نهاية الفاصل.
وهكذا مثل ذلك اليوم تلاحما على ارفع المستويات ولم يكن احد يخطر بباله أن هذا التحالف سينتهى لمأساة خسر فيها الحزب والثورة بأحداث 19يوليو اكبر الغاز مايو وهو ما سافرد له حلقة خاصة بجانب ضرب الجزيرة ابا والتاميم والمصادرة وغيرها من القضليا التي اشرت لها في الحلقة الاولى.
ولكن وقبل أن اتناول هذه الموضوعات فهناك محطة مهمة ارتبطت بالايام الاولى للثورة وهي محكمة الشعب وبصفة خاصة واحدة من اهم هذه المحاكمات التي استحوذت على اهتمام الرأي العام وهي التي كانت في مواجهة رحمة الله عليه الدكتور أحمد السيد حمد وزير التجارة ذلك المناضل الوطني الغيور والزعيم الذي كان يتقدم الصفوف ويعتلى اكتاف المتظاهرين يقود هتافاتهم بينما ينزوي الكثيرون من القيادات السياسية خلف المنازل يزايدون بالمواقف ولا يشاركون الجماهير همومها في التظاهرات وتعرضها للقمع كما كان يفعل هو ورحمة الله عليه الشيخ علي عبدالرحمن وكلاهما يسجل له التاريخ مشاركة الجمهور تظاهراته.
وثانيا لان هذه المحكمة ارتبطت بنقابة مفتشى وزارة التجارة والتموين والتي كانت يومها في مسرح الاحداث وبي شخصيا بصفتي سكرتيرا للنقابة وليس بصفتي مفتشا بالوزارة. فمحكمة الدكتور المناضل انعقدت بناء على موقف النقابة قبل الانقلاب والاضراب الشهير لشهر وبناء على مذكرة النقابة للجان التحقيق ولكن ما يجهله العامة وساعد على تشويهه مسار المحكمة بسبب القائمين عليها فان مذكرة النقابة لم تكن في مواجهة الدكتور الوزير في شخصه حيث لم تتضمن المذكرة اي اتهام له بالفساد لان النقابة كانت تعلم نقاء الدكتور خاصة وأن الدكتور كان اهم حلفاء الحزب الشيوعي والاقرب لهم من كل القيادات السياسية ولكن النقابة وجهت اتهاماتها للنظام الحزبى السياسي حيث أن كل ما ورد من ممارسات كانت ذات طابع حزبي بسب هيمنة بعض التجار على مفاصل الحزب الاتحادي الذي يمثله الوزير وكان الثمن المقابل كما حددته النقابة أن الوزارة اصبحت اسيرة لطبقة معينة من التجار الذين كانوا الممولين للحزب الاتحادي في ذلك الوقت ومن هنا كان توجه النقابة ادانة لهذا السلوك الحزبي وليس ادانة الدكتور في شخصه لانه كان ينفذ سياسة حزب وليس لتحقيق مصلحة لشخصه وانا اقول هذا وسبق أن قلته اكثر من مرة واشهد الله عليه ونحن الآن امام توثيق للتاريخ فلقد كانت هذه هي الحقيقة واصحابها احياء ولكن المحكمة بسبب اندفاع القائمين عليها انحرفت نحو الوزير كمتهم في شحصه ولم تعد محكمة سياسية وتجاهلت رأي النقابة حتى أن النقابة لم تخف يومها للقائمين على المحكمة وجهة نظره أن تقتصر ادانتهم على السلوك الحزبي وليس الوزير في شخصه لثقة النقابة انه لم يكن صاحب مصلحة في سلوكيات الحزب ولهذا السبب كان تمسك الحزب عندما يشارك في السلطة بأن يأتي بالوكيل من كادره الحزبي من خارج الوزارة ليضمن تنفيذ سياساته الموالية لتجار الحزب خاصة وان الوكيل في ذلك الوقت كان يتمتع بسلطة مستقلة عن الوزير نفسه مستمدة من قانون الخدمة المدنية لهذا لو انه لم يكن كادرا حزبيا يملك أن يحول دون انحياز الوزارة لتجار الحزب وكان معروفا يومها أن حزب الامة تحكمه مصلحته في أن يهيمن على الحكم المحلي والوزارات المرتبطة بالمشاريع الزراعية حتى اصبحت هذه المواقع حكرا لكل حزب متى شارك في السلطة.
وعندما تم استدعائي يومها للشهادة فانني لم اكن متطوعا بارادتي للادلاء بشهادة امام المحكمة كما توهم البعض وانما كانت بامر المحكمة وامرها ملزم قانونا وكان استدعائى بصفة منصب السكرتارية بعد أن تم اعتقال رئيس النقابة الاخ أحمد التجاني صالح القيادي بجبهة الميثاق الاسلامي لهذا لم تكن شهادتي بصفة مفتش بالوزارة او بسبب اي ارتباط بالمخالفات وانما ممثلا للنقابة التي تعتبرها المحكمة الشاكي الذي انعقدت المحكمة بموجب مذكرتها التي رفعتها للجنة التحقيق.
يومها عندما وقفت شاهدا لم يصدر عني اي اتهام للدكتور أحمد السيد في شخصه وانما كان في الشان الحزبي و ما لا يعلمه البعض فانني على المستوى الشخصي كنت في غاية الحرج لان الدكتور صديق شخصي لوالدي الذي كان زميلا له في الحزب وعضوا معه في الهيئة الستينية لحزب الشعب اليمقراطي لما انشق عن الحزب الوطني الاتحادي.
وما لا يصدقه البعض انني بعد المحاكمة ظللت من الاقربين للدكتور لم تهتز شعرة في علاقاتنا الشخصية وطوال اقامتنا في القاهرة ويعرف هذا كل من كان في القاهرة وعلى رأسهم الاخوة السر قدور والدكتور الباقر أحمد عبدالله وبكري النعيم حيث كان الدكتور يقضي اغلب وقته بمكتبي شخصيا بل اتخذمنه مكانا لمواعيده فالدكتور لمن لا يعلم كان ولى امر اسرتي طوال اغترابي في السعودية واسرتي معه بالقاهرة في توافق اسري كل ذلك لانه يعلم انني لم اوجه له اتهاما واحدا على المستوى الشخصي.
يومها الذي اثار بعض الضبابية حول علاقتي بالدكتو يرجع الى أن المحكمة شهدت موقفا لا يخلو من طرفة كان السبب في هذه الضبابية محامي الدكتور أحمد السيد عبدالوهاب بوب الذي لجأ لاسلوب المحامين المعهود باستفزاز الشهود والتقليل من مفتشي الوزارة الذين كانت نقابتهم السبب في تفجير القضية عندما تعرض في خطبته الختامية وهو يهدف استفزاز مفتشي الوزارة لانهم وقفوا خلف هذه المحكمة فاشار في خطبته التي استهدف بها هجومه على المفتشين فاشار بالاسم لي ولزميلي حاتم عندما قال في هجومه على مفتشي الوزارة (مفتشو الوزارة الذين يصاهرون التجار من امثال حاتم والنعمان ) هكذا حدد أن مفتشي الوزارة يصاهرون التجار الذين يتهمونهم في المحكمة والسبب في اختياره لنا بالاسم هو أن الاخ حاتم كان قد عقد قرانه في تلك الايام على ابنة التاجر سعد الشيخ تاجر الروائح الشهير اما اختياره لي شخصيا يرجع الى أن الورق اختلط عليه فلقد كنت متزوجا من ابنة رحمة الله عليه محمود أحمد مالك فحسبه يومها من العائلة الرأسمالية الشهيرة (آل مالك) ولم يكن يعلم انه تشابه اسماء وان والد زوجتي الذي يحمل اسما مشابها لهم عامل بالنقل النهري وانه تشابه اسماء.
ويالها من مفارقة فمع انني عندما وقفت شاهدا امام تلك المحكمة لم يكن يجمعني والدكتور حزب واحد بل كنت عضوا في الحزب الشيوعي لهذا فان وقفت في مواجهته فهذ مبرر طالما أن لكل حزبه ولكن المفارقة انني عندما عدت للحزب الاتحادي في عام 86 ارتفعت اصوات بعض الاتحاديين تعايرني بتلك الشهادة بينما الذين يعيرونني يصمتون امام قيادات الحزب التي وجهت اكبر طعنة وخيانة لتاريخ هذا الرمز المناضل عنما عايروه بانه سدنة لمايو لمشاركته وزيرا فيها بالرغم من تأكيده بانه شارك بأمر من الميرغني الذي شارك في تهميش الزعيم المناضل في الوقت الذي كان شقيقه رحمة الله عليه عضوا في المكتب السياسي لمايو وجاءوا به رئيسا لمجلس السيادة بينما رفضوا للدكتور أن يصبح عضوا بهذا المجلس لما اسموه ارتباطه بمايو وذلك استجابة لاعتراض السيد الصادق المهدي عليه باعتباره سدنة لمايو مع أن الصادق نفسه تصالح مع مايو وعضو في المكتب السياسي فكانوا هم الذين طعنوا اشرف الرجال عندما كالوا في حقه بمكيالين ويستحقون هم المعايرة بسبب موقفهم المتناقض وان وجدنا يومها مبررا للصادق لرفضه الدكتور لانه يعلم قوة شخصيته ولكن كيف كان موقف الميرغني منه فمن الذي ظلم الدكتور هل هو انا الذي لم يكن يجمعني به حزب واحد ام الميرغني الذي يجمعه بالدكتور حزب واحد بل سكرتيره.
والى الحلقة القادمة مع احداث الجزيرة ابا والتأميم والمصادرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.