نعمة لم تكن استثناءً عمن سبقوها من حاصدي الجوائز العالمية من أصحاب القلم ممن حققوا التميز والإبهار في مجالات العمل الصحفي على المستويين المحلي والدولي، أبرزهم عميد الصحافة السودانية محجوب محمد صالح الذي منحته الجمعية العالمية للصحف جائزة "القلم الذهبي" في عام 2005م، وفيصل محمد صالح الحائز على جائزة "بيتر ماكلر" للشجاعة والنزاهة، بجانب الصحفيتين رفيدة يس باختيارها "فتاة الثقافة العربية"، وأمل هباني الحائزة على جائزة حرية الصحافة لعام 2018م من لجنة حماية الصحفيين الأمريكية. من هي نعمة؟ نعمة الباقر التي أعلنت مؤسسة دانييل بيرل فوزها أمس، ابنة الكاتب الصحفي وناشر صحيفة (الخرطوم) الباقر أحمد عبد الله، والدتها ابتسام عفان.. نعمة أو نعماء الباقر ولدت في العام 1978م، وصفت تقارير إعلامية مسيرتها الصحفية والإعلامية بأنها خليط من الإبداع الذاتي والشجاعة الاستثنائية المصقولة بالعلم والتأهيل الأكاديمي الرفيع. مراحل نعمة الدراسية طبقا للمتاح من سيرتها كانت بين السودان وبريطانيا التي حصلت خلالها على الإجازة في الفلسفة من كلية لندن للاقتصاد. بداية عملها الاحترافي فقد كان عبر بوابة وكالة (رويترز) الأمريكية الموصوفة بأنها أشهر الوكالات الإخبارية العالمية حيث عملت مراسلة للوكالة من داخل السودان في ديسمبر عام 2002م، وخلال تلك الفترة شهدت البلاد أحداثا سياسية وعسكرية صاخبة، جعلت نعمة في عمق التغطية الصحفية والمهنية لتلك الفترة خاصة النزاع المسلح في دارفور، لتنتقل سريعاً إلى قناة "مور 4" الخاصة بالقناة الرابعة البريطانية لتواصل تغطياتها للعديد من القضايا الساخنة التي شكلت أبرز الاهتمامات الدولية لنزاع دارفور. وبحسب التقارير الإعلامية فإن نعمة أجرت أول حوار مع شركة أيجيس للخدمات الدفاعية حول مقاطع فيديو تُظهِر موظفيها يقتلون عشوائيا المدنيين في العراق، وحاورت رئيس زيمبابوي روبرت موقابي قبل محاكمته بتهمة الاغتصاب. وكانت الصحفية الوحيدة التي غطت من مقديشو خلال القصف الأمريكي بالقنابل للصومال في يناير 2007م، وبعد فترة من العمل المستقل مع (سي إن إن) بدأت في أغسطس 2010م انطلاقا من مكتب القناة في جوهانسبورغ غطت فيها عدة قضايا من أهمها استفتاء استقلال جنوب السودان، قبل أن تلتحق بصفة كلية بالقناة في فبراير 2011م بدرجة "مراسلة دولية". كانت إلى جانب أعمالها عبر الصحافة والوكالات العالمية التي وصفت بالتميز عملها لقناة (سي إن إن) الذي حمل عنوان "كنتُم تشاهدون مزاداً علنياً لبيع البشر"، وهو تحقيق استقصائي أجرته حول عمليات الاتجار بالبشر وبيع المهاجرين في ليبيا، الذي وجد تفاعلا بشكلٍ كبير منذ لحظة عرضه، محدثا تحرّكات أممية ودوليّة بعد الفضيحة انتشرت حول العالم. ما هي جائزة (دانييل بيرل)؟ وتعتبر الجائزة الأخيرة لنعمة من أرفع الجوائز المقدمة من مؤسسة الصحفي الأمريكي (دانييل بيرل) الذي ولد في عام 1963م، واغتيل في الأول من فبراير 2002م. بعد أن جرى اختطافه وتعذيبه قبل مقتله في مدينة كراتشي في باكستان على يد عناصر منتمية لتنظيم (القاعدة). وقد كان دانييل يعمل في وظيفة رئيس تحرير مكتب جنوب آسيا لصحيفة (وول ستريت) متخذا من موباي الهندية مقراً له، وكان قد ذهب إلى باكستان لإجراء تحقيق صحفي حول مزاعم ارتباط بين ريتشارد رايد وتنظيم القاعدة. وعقب اغتياله قامت عائلة بيرل وأصدقائه بتأسيس مؤسسة دانيال بيرل، وهي تهدُف إلى استكمال رسالة بيرل، ومخاطبة من يعتبرونهم السبب الرئيسي لموته، وذلك عن طريق الروح، والأسلوب، والمبادئ التي شكَّلت أعمال بيرل وشخصيته.