تلك الزيارات فرضت البحث حول دوافعها، ولماذا الدقير دون القيادات الأخرى؟ ويذهب رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى في حديثه ل(السوداني) إلى أنه يستبعد أن يكون وراء الزيارات دوافع لتسوية سياسية بحكم أن السفراء قوم ليسوا على قلب رجل واحد، فجزء من عملهم التعرف على ما يحدث بالسودان بالنظر إلى الأزمة الكبيرة التي يمر بها. مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن تتواصل السفارات مع القوى السياسية ذات التأثير، والمؤتمر السوداني مؤثر لأنه من قيادات التحالفات المعارضة، معتبراً الأمر محاولة للتعرف على مآلات الواقع السوداني. وأوضح مصطفى أن للسفارات تقييما للحزب الأقرب والأبعد عنها ويعلمون قوة كل حزب، مضيفاً أن الحزب الشيوعي رغم أنه حزب (عجوز) إلا أن مسيرته محفوظة وليست كبيرة ولم يُحدِث اختراقا في الشارع السوداني ولم يجد القبول. مشدداً على أن المؤتمر السوداني هو الأقرب للشارع السوداني والمجتمع بثقافاته وهويته، مؤكداً أن الدقير حزبه الأقوى والأكثر تأثيراً في مستقبل السودان لأنه مصادم في المجتمع. يتطلب البحث أما القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي فيذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن الزيارات اجتماعية لعلاقة الشخص بالسفراء، واصفا إياها بالعادية والمقبولة لجهة أن السودانيين بطبعهم اجتماعيون، واستدرك: العلاقة السياسية تتطلب الدقة والمعلومات، موضحاً أن التشكيلات تختلف لأن العلاقات الخارجية عالم كبير فيه مسائل متداخلة والسير فيها محفوف بالجوانب التي تتضمن معلومات صحيحة، بالتالي ترك الأمور عائمة لا يجوز، موضحاً أن الأمر يتطلب البحث وذلك يقع على عاتق المحللين. ماذا قال الحزب؟ الأمين العام للمؤتمر السوداني خالد سلك يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن الزيارات جاءت بغرض الاطمئنان على صحة الدقير عقب شهرين من الاعتقال وللتفاكر والتباحث حول تطورات الراهن السياسي ومالآته، نافيا بشدة أن تكون دوافعها بغرض تمرير تسوية سياسية أو لمعرفة التجمع الذي يقود الشارع الآن. وأشار سلك إلى أن الدقير رئيس حزب سياسي مؤثر ورئيس لقوى نداء السودان بالداخل ومن الطبيعي أن تهتم الدول التي ترتبط بالسودان بالاستماع لرأيه ومناقشته، وأضاف: ما دار بين الدقير والسفراء هو نقاش عام حول الأوضاع السياسية في السودان، حيث نقل لهم الدقير موقف المؤتمر السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير المنحاز لمطالب الشارع بتنحي النظام وتسليم السلطة لحكومة انتقالية تضطلع بمهام إيقاف الحرب وحل الأزمة المعيشية والتحول الديمقراطي والتمهيد لانتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب ممثليه. وأوضح سلك أن مصدر مشروعية الدقير وحزبه هو عملهم على أرض السودان وتمثيلهم لرغبات وآمال شعبهم، مستدركاً: لكل شخص الحق في أن يقيم الأمر كما يشاء ولكن من جهتنا فإننا منخرطون في عمل المقاومة اليومية لتخليص بلادنا ولسنا مهمومين بقضية من يحكم؟ فهي أمر يخص الشعب السوداني الذي سيختار الأنسب. لماذا الدقير تحديداً؟ فيما يذهب الكاتب الأكثر تعليقا على هذه المواقف حسين ملاسي في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن الزيارات ليست بهدف معرفة تجمع المهنيين وإنما هو شعور أكيد من المجتمع الدولي بأن الأمر لا يُحل إلا سياسيا، ولا بد من وجود قائد سياسي للتفاكر ولقيادة الحراك، موضحاً أن المجتمع الدولي وصل لقناعة بأن الحراك لا يقود للتغيير ما لم يقده السياسيون لأنهم يملكون الأدوات والحلول، مشيراً إلى أن الدقير واحد من الوجوه الجادة الشابة ولدى حزبه تأثير على الأرض، مضيفاً: لذلك الاهتمام به جاد وواضح لأنه يُحدث اختراقا في المشهد السياسي. ضيوف بجوازات حمراء شهران قضاهما الدقير موقوفا لدى السلطات بعد أيام من اندلاع الحركة الاحتجاجية في ال 19 من ديسمبر الماضي.. وأثناء اعتقاله طالب السفير البريطاني بإطلاق سراحه عبر حسابه في تويتر. وطبقا لرصد (السوداني)، فإن الدقير استقبل وأجرى جميع مقابلاته مع السفراء كل واحد على حدة، دون مساعدة أي مترجم، مما جعل مراقبين يصفون الدقير بأنه شخص يتمتع بإمكانيات دبلوماسية. عدد من السفراء الأوروبيين سجلوا زيارات لرئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير حيث زارته السفيرة الهولندية كارين بوفن في منزله للاطمئنان عليه بعد إطلاق سراحه وأدارت معه نقاشاً حول الوضع السياسي الراهن، مؤكدة اهتمام بلادها بشأن حقوق الإنسان في السودان. وكذلك قام كل من سفير كندا بالخرطوم ادريان نور فولك وسفير إسبانيا البيرتويوسلاي، بتسجيل زيارة له في 27 مارس، ودار نقاش حول بعض القضايا السياسية. أما في (12) مارس فسجل القائم بالأعمال بسفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسودان زيارة له للاطمئنان على صحته، في وقت دعا فيه الدبلوماسي السودانيين إلى إنجاز توافق وطني للسلام والتحول الديموقراطي. إلا أن زيارة السفير البريطاني عرفان صديق للدقير كانت مختلفة إذ قال صديق في تغريدة على (تويتر) إنه (مسرور جداً للقاء عمر الدقير بعد إطلاق سراحه بعد 67 يوما من الاعتقال)، وشدد: لا يمكن التوصل إلى توافق سياسي في الآراء في السودان دون وجود بيئة سياسية مواتية. الاتحاد الأوروبي وآخرون سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم جان ميشيل دوموند لم يكن استثناءً، وقام بزيارة الدقير وتبادلا وجهات النظر حول القضايا الحالية، حيث طالب الدقير الاتحاد الأوروبي بمواقف واضحة تجاه ما يحدث في السودان فضلا عن الضغط لإطلاق سراح المعتقلين. من جهته أكد السفير دوموند على أن الاتحاد الأوروبي مهتم بملف حقوق الإنسان في السودان، وأنه سيستمر في التواصل مع الجهات المختصة لحثها على إطلاق سراح المعتقلين وضمان الحريات الأساسية. الدقير استقبل سفيرة الجمهورية الفرنسية إيمانويل بلاتمان أيضا، وسفير جمهورية ألمانيا الاتحادية أولريتش كلونكر كل واحد على حدة، لتهنئته بإطلاق سراحه. وأوضح السفيران اهتمام بلديهما بما يحدث في السودان وحرصهما على استقراره وأن يتمكن السودانيون من تسوية خلافاتهم ومعالجة الأزمة الحالية بصورة سلمية. أما في (17) مارس التقى الدقير بعضو الكونغرس الأمريكي غوس بيلير إكس، ونقلت تقارير إعلامية أن نقاشا مستفيضا عن الراهن السياسي في السودان دار بين الرجلين.