ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أنه في الوقت الذي ما تزال تتردد فيه أخبار سقوط البشير في جميع أنحاء العالم، فقد حل المجلس العسكري الحكومة وأوقف دستور البلاد وأعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر. وقال الجيش إنه سيبقى تحت السيطرة لمدة عامين على الأقل للإشراف على "انتقال السلطة"، مما أدى إلى استياء المتظاهرين والمراقبين الخارجيين من أنه لن يتم إجراء الانتخابات في أي وقت قريب. مشيرة إلى أن الاتحاد الإفريقي قال في بيانه أن السلطة العسكرية "إجراء غير مناسب للتحديات التي تواجه السودان وتطلعات شعبه"، مشدداً على أن السودان ضمن الموقعين على المعاهدات الدولية التي "تدين بشدة أي تغيير غير دستوري للحكومة وتلزم الدول الأعضاء باحترام سيادة القانون والمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان". فصل البشير عن النظام من جانبها قالت صحيفة (نيويورك تايمز) التي تعتبر من أكثر وسائل الإعلام تأثيراً، في تقريرها بعنوان "الرئيس السوداني البشير يغادر ولكن ليس نظامه"، مشيرة إلى انفجار "موجة فرح قصيرة" عند إعلان الجيش السوداني إقالة البشير، خارج المقر العسكري في الخرطوم حيث تجمعت حشود ضخمة من المحتجين للاحتفال بالإطاحة بالبشير الذي حكم البلاد 30 عاماً اتسمت بالحرب والجوع، إلا أن الاحتفال تحول إلى غضب عقب الإعلان عن إجراءات المجلس العسكري. وقالت الصحيفة الأمريكية إن حالة الفزع التي استقبل بها خليفة البشير - رجل عسكري آخر، ذات العباءة - مشيرة إلى أن المحتجين تعلموا دروساً من إخفاقات الربيع العربي في العام 2011 في مصر وليبيا واليمن. مطالبة بالدعم ومضت وكالة (بلومبيرج) الإخبارية في ذات الاتجاه حيث قالت في مقال بعنوان "السودان أطاح بالديكتاتور إلا أن نظامه باقٍ"، ودعت الوكالة الأمريكية المجتمع الدولي بدعم الثورة الشعبية التي ما تزال تناضل من أجل الحرية. فيما قالت "واشنطن بوست" في مقال لها بعنوان "مأزق السودان والجزائر: كيف يمكن تجنب التحول إلى نموذج مصر"، أنه في غضون أسبوع غادر اثنان من "الأوتقراط" اللذين حكما لفترة طويلة في العالم العربي سلطة الشعب. أسبوع الانتصارات أولاً، لقد كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الشخصية البارزة على كرسي متحرك لنظام راسخ، انحنى في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية الأسبوع الماضي بعد عقدين من الحكم. ثم جاءت أخبار الخميس عن الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي وضع قيد الإقامة الجبرية من قبل السلطات العسكرية في البلاد بعد أربعة أشهر من المظاهرات المستمرة في الشوارع، مشيرة إلى أن المحتجين في السودان والجزائر يدركون بعمق هشاشة مكاسبهم الحالية حيث تحولت الاحتجاجات على المظالم الاقتصادية إلى ضجة بعيدة المدى للإصلاح السياسي، مضيفة أن الشباب الذين لم يعرفوا سوى الحياة تحت حكم بوتفليقة أو البشير استيقظوا يوم الجمعة مع رحيل الزعيمين واستعداد دولهم للتغيير. على الرغم من اختلاف المواقف، إلا أنهما تشتركان في نفس الخوف من احتمال عودة الحرس القديم للنظام القديم إلى مكانه، مما يوقف زخم ما يبدو أنه انتفاضات مؤيدة للديمقراطية في قالب الاضطرابات التي هزت العالم العربي في العام 2011م. الديمقراطية أولاً من جانبها ترى آمي هاوثورن نائبة مدير "مشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط" لشؤون الأبحاث أن هناك مخاوف مشروعة تماماً للمحتجين، محذرة من أن حركة الاحتجاج ستنتقل الآن إلى الانقسام، ثم تسحق بعنف. مضيفة أن حركات الاحتجاج الشعبية التي حفزت هذه التطورات الملحوظة. "لن يكون الأمر سهلاً، لكن على المحتجين الجزائريين والسودانيين المؤيدين للديمقراطية أن يبقوا موحدين بشأن مطالبهم الأولي بما في ذلك التحولات الديمقراطية التي يقودها المدنيون وأن تظل الحشود في الشوارع لممارسة الضغط من أجل هذه المطالب". من جانبها اعتبرت صحيفة (وول ستريت جورنال) أن ما يحدث حالياً في السودان والجزائر قد يكون استنساخاً للربيع العربي الذي أطاح بعدد من الحكام الطغاة.