البلولة...حكاية (سيد لبن) بالسوق العربي..!! الخرطوم : يوسف دوكة كان يتجول وسط الخرطوم بين تلك (العمارات الشوامخ) وهو يمتطي حمارا به (تمنتان من لبن)، واضعاً قدمه فوق الاخرى على (رقبة الحمار) ،وهو يدندن بكلمات بعضها تسمعه وبعضها الاخر لا تستطيع تمييزه لضجيج السيارات من حوله، وهذا المنظركفيل بأن يجعل كل شخص ينظر اليه يفرك عينيه من الدهشة ، لا سيما انه (بائع لبن) في زمن انقرضت فيه تلك المهنة بأمر (المغلف) و(المبستر) الذى دفعها دفعاً لهواية النسيان، أما الاغرب فأنه بائع لبن يقوم بتوزيع بضاعته في وسط السوق العربي..!! الرطل بقرش: في البداية امتنع عن الحديث لنا، ورفض ان نلتقط له صورة وبعد ان اخرجنا له مايثبت هويتنا قال بعد ان ارتسمت علي وجهه علامات الغضب: (يا ولدي اخير تمشي مني انا لا بعرف اقرأ ولا بعرف بكتب)، وبعد اصرارنا عليه، قال انا اسمي البلولة حمد من مواليد 1941 بطحاني ومتزوج من ثلاث (نسوان) ولدي خمسة اولاد وأعمل في بيع اللبن منذ 1955 من زمن (الرطل بقرش)، وعند زيادات الاسعار نحن برضو رفعنا سعر اللبن، وانا بجي ابيع اللبن من (الغار)، ودي منطقة جنب الوادي الاخضر، ومن هناك بجيب معاي اللبن وحماري بربطو في السكة حديد. ياحليل زمان: ويواصل البلولة في الحكي ويقول :( انا جيت الي الخرطوم في عام 1956 يعني (الانجليز فاتوا بي هنا وانا جيت بي هنا ) وفي تلك الفترة الخرطوم ما كانت فيها عمارات زي الشايفنها دي، والشغل ذاتو كان كتير وكنت ببيع (لبن كتير) لكن الان الوضع اختلف والناس (اتفلهمت) واصبحت تشرب اللبن المغلف، ولكن رغم ذلك عايش مبسوط والحمد لله. لف ساااكت: وعن زبائنه يقول البلولة : ماعندي زبائن محددين غير بتاع بقالة في السوق العربي وتاني (بلف) ساااكت، والرزق لو ربنا كاتبو ليك بجيك في محلك، ويضيف : (في اسر متعددة في السوق العربي بشتروا مني في اوقات متفرقة). خلو رجل: وعن المهن التي إمتهنا غير بيع اللبن يحكي البلولة قائلاً: (عملت بكثير من المهن، في كمائن الطوب لفترة من الزمن، وعملت في بيع الزجاج الفارغ والجوالات و(الجركانات)، ونفى في ختام حديثه للسوداني ان يترك هذه المهنة في يوم من الايام، قائلاً: (على الطلاق بيع اللبن دا مابنخليهو لو ادونا خلو رجل)، وصمت قليلاً قبل ان يضيف: (يازول..جناً تعرفو...اخير من جناً تاني)..!!