من أسوأ آثار التقارب الإسرائيلي الجنوبسوداني أن دولة الجنوب ستصبح بعد ذلك هدفا مشروعا لما يوصف بالإرهاب الإسلامي. هذه الجماعات التي لم ترحم القاهرة ولا الرياض و لا جاكرتا ولا غيرها من المدائن الإسلامية واستحلت سفك دماء المسلمين والاطفال إذا لم يكن ممكنا سفك دماء الإسرائيليين والأمريكان إلا بتفجيرات واسعة النطاق لا اعتقد انها ستحمل نوايا خير أو شفقة أو رحمة على أهل جوبا ..! جرت بيني وبين مثقفي الجنوب مناقشات كثيرة قبل الإنفصال ووجدت من بعضهم تخوفا مماثلا لما أحمله ولكن للأسف بعضهم كان يفكر في هذا التقارب الإسرائيلي الجنوبسوداني من باب النكاية بالشمال وتعزيز الإستقلال من الهوية العربية الإسلامية وذلك بالتحالف مع اعدى اعدائها ودائما ما يرددون بطريقة بغبغائية وسطحية ... لماذا تغضبون منا؟ حتى مصر والأردن لديها علاقات مع إسرائيل. وعندما أجيبهم أن الإرهاب سيطرق أبواب جوبا حتما في حالة ظهور الوجود الإسرائيلي تماما مثلما يتبع الذباب الروائح الكريهة يردون علي ولماذا لا يطرق الإرهاب أبواب مصر والأردن ... نعم قالها مرة السياسي الشهير أتيم قرنق في لقاء في تلفزيون السودان كنا فيه قطبي الحوار حول الإنفصال والوحدة ... ولكن سرعان ما تدارك أتيم خطأه القاتل إذ أن أبسط الناس معرفة بالسياسة يعرف أن الإرهاب طرق أبواب مصر قبل (زمان طويل) والسبب هو التقارب المصري الإسرائيلي مع أنه تقارب المضطر والمجبر وليس المعادي للهوية العربية..! ودخل بعض المثقفين في أخطاء اخرى عندما علق قائلا إن كان هنالك ثمة إرهاب فإنه سيأتي من الشمال ونسي هؤلاء أن جماعة الشباب الصومالية عندما قررت سفك دماء المدنيين في كمبالا لم تستأذن الخرطوم ولم تطلعها لأن الخرطوم (متعاونة) في مكافحة الإرهاب مع أمريكا ..! لقد شرعت حكومة سلفاكير في المزايدة بالعلاقات مع إسرائيل في الوقت الذي باتت فيه العلاقات مع إسرائيل بصمة دولية وأفلحت أساطيل الحرية التركية في تقبيح صورة إسرائيل في اوربا وانتشرت حملات مقاطعة منتجات المزارع الإسرائيلية التي غصبها المستوطنون بعد أن جرّفوا منازل الفلسطينيين وشرّدوهم ..! ولى الزمان الذي كان فيه (الكرت) الإسرائيلي رابحا والآن هذا الكرت ربما يكون خطرا على حامله ..! لم تعد أمريكا معادية للنفوذ الإسلامي ، لقد حاولت قهر الإخوان المسلمين في مصر قبل الإنتخابات وخططت لعزلهم من بقية القوى السياسية وقال أوباما حرفيا: (خيارات مصر ليست هي الدكتاتورية وحكم الإخوان المسلمين) وقررت وزيرة الخارجية الامريكية زيارة مصر بغرض التهنئة بالثورة وقالت انها ستلتقي بالقوى السياسية كلها خلا الإخوان ..! وبعدما تأكدت امريكا أن بقية القوى السياسية (مواسير ساكت، بالدارجي السوداني) قررت التعامل مع الإخوان والإشادة بتحولهم الديموقراطي ... وجاءت النتيجة بفوز حزب النور السلفي لتزيد أمريكا تشبثا بالإخوان المسلمين وفرحا بهم من باب (ما جبرني على المر إلا الامر منو!) وباركت أمريكا وفرنسا إسلاميي تونس، ثم نكصت على أعقابها في سياسة معاداة السودان وصارت تتحدث عن بقاء نظام عمر البشير مع إحداث إصلاحات، واضطرب آخرون مثل جنداي فرايزر (ما زالت خارج الشبكة) ..! كل هذه التحولات ليست بسبب حب الإسلاميين ولا حب الديموقراطية ولكنها بسبب الربيع الذي اتضح انه ربيع عربي، إسلامي، إخواني، سني سلفي، علماني وطني ولكنه بالتاكيد ليس ربيعا إسرائيليا ..!