تذكرون قبل أيام كتبت في هذا العمود بعد لقاء الرئيس عمر البشير بالرئيس سلفاكير بأديس أبابا وصدور بيان الوساطة التبشيري، كتبت تحت عنوان (البشير وسلفاكير..هل من جديد؟) قلت إن قناعتي الراسخة أن المشكلة الأساسية لا توجد داخل غرف التفاوض ولا بين الرئيسين (البشير وسلفاكير) بل هي موجودة في الواقع الميداني المعني بتنفيذ ما ما يتم الاتفاق عليه. وقلت إن المشكلة الآن في سلفا كير في الجنوب، فهو لا يملك الإرادة النافذة والقوة الناجزة التي تمكنه من تنفيذ ما اتفق عليه قبل أن يضمن رضاء كل جنرالاته! الرجل لا يملك كاريزما قرنق ولا قوة شخصيته وشدة قبضته التي كانت تجعله قادراً دوماً على بلوغ مراده دون أن يُكثر الالتفات إلى الوراء. سلفا يتجنب حدوث توترات وانشقاقات خاصة في الجيش الشعبي الذي من الواضح أن بعض جنرالاته لهم تحفظ على اتفاق (أديس سبتمبر). وقبل أن يتم الإعلان عن فشل جولة أديس أبابا أمس وعجزها عن حسم القضايا الأمنية أكدت صحيفة (الاكونومست) البريطانية ما ذهبنا إليه حيث ذكرت أن سلفاكير عاجز عن فك الارتباط مع قطاع الشمال بسبب جنرالات الجيش الشعبي الداعمين والموالين لقطاع الشمال، وقالت إن فكرة دعم القطاع راسخة داخل الجنرالات. ورسمت الصحيفة سيناريو وصفته بالمرعب لمستقبل سلفا كير حالما قام فعليا بفك الارتباط ولم تستبعد الانقلاب عليه من قبل الجنرالات. (الاكونومست) حصرت خوف سلفا من الجنرالات الموالين لقطاع الشمال ولم تذكر جنرالات دينكا نقوك حراس ملف أبيي ولا جنرالات دينكا ملوال المتشبثين بمنطقة الميل 14، هؤلاء أخطر على سلفاكير من الموالين للقطاع. ثلاث جهات داخل الجيش الشعبي يحسب لها سلفا الف حساب قبل أن يرفع رجله من مكان ليضعها في آخر. سلفا كير راغب في الوصول لاتفاق مع حكومة السودان ولكنه غير قادر على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه..! الجهات المعنية بملف الجنوب داخل الحكومة ظلت منذ اتفاق السلام ورحيل جون قرنق وصعود سلفاكير تراهن على سلفا بأنه قادر على تصفية او على الأقل إضعاف التيار المناوىء لحكومة المؤتمر الوطني والمتعاطف مع قطاع الشمال وفق مشروع السودان الجديد. وكما عجز سلفا قبل الانفصال من القيام بتلك المهمة، بل خضع لذلك التيار فتخلص من مجموعته بقيادة بونا ملوال ولام اكول في سبيل إرضاء تيار السودان الجديد، فإنه على ذات النهج وفي دولته الجديدة لن يدخل في صدام مع المجموعات الرافضة للتطبيع مع الخرطوم. بعد فشل مفاوضات الترتيبات الأمنية وعدم ضخ النفط أتوقع الآتي: 1- تصعيد عسكري عبر دعم مكثف للجبهة الثورية. 2- الاستعانة الواضحة بالجهات الخارجية المناهضة للحكومة في مقدمتها إسرائيل (اقتصاديا وعسكرياً) والبداية كانت أمس بتوقيع اتفاق نفطي معها، والاستعانة بأمريكا سياسياً وإعلامياً عبر مؤتمر واشنطن للجمع بين معارضة الداخل وحاملي السلاح في مارس القادم. على الحكومة الاستعداد مبكراً للتعامل مع عواصف قادمة!!