المفوضية قالت إن تأجيلها لأسباب فنية.. شواغر البرلمان.. هل من انتخابات مكملة؟! تقرير: الهضيبي يس الموت وحده من لا يترك للإنسان مساحة لترتيب أغراضه، ولا يستأذن حين اكتمال المعدودات، وربما الساسة هم الوحيدون من لا يضعون في حسباتهم سد الثغرات التي يخلفها الموت في الكثير من مؤسسات الحكم، ويبدو أن تلك الحالة تحكمها القوانين الوضعية التي تختلف من بلد إلى آخر. السودان خلف الموت في مؤسساته الكثير من الشواغر والفراغات في مؤسسات الحكم، وبعضها سرعان ما يتم ملؤه والبعض الآخر انتظر وينتظر إلى حين رغم وجود نصوص قانونية تحكم ذلك، والبرلمان السوداني وحده غيب الموت العديد من أعضائه في الدورة الأخيرة التي أعقبت الانتخابات الأخيرة في البلاد. صف الغياب بعض الأسماء التي يمكن ذكرها ممن غيبهم الموت، ممثل دائرة حلفا بالولاية الشمالية المهندس محمد صالحين بعد تعرضه لحادثة اغتيال أودت بحياته أمام منزله بالخرطوم – كذلك وفاة ممثل الدائرة 2 بمنطقة أم درمان فتحي شيلا خلال الأيام القليلة الماضية وذلك نتيجة لوعكة صحية لم تمهله طويلاً – إضافة إلى ذلك تجميد عضوية نائب الدائرة 5 مروي صلاح عبدالله قوش إثر اتهامه بالضلوع في التخطيط لمحاولة انقلابية على النظام أيضاً شمل الفراغ عضوية مقاعد عدد من النواب الجنوبيين نسبة لنتائج ترتبت على انفصال جنوب السودان بناء على ما نص عليه قانون الانتخابات. زاوية قانونية يبدو أن هذا الفراغ لم يغب عن قانون الدولة ودستورها، ففي هذا الصدد يقول الخبير الدستوري ومسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية الأسبق في السودان مولانا محمد أحمد سالم في إفادته ل(السوداني) إن في مثل حدوث حالات فراغ فإن على البرلمان أن يفعل لائحته الداخلية التي تقول إنه في حال وفاة العضو أو تقديمه لاستقالته أو انتقاله لمنصب دستوري أو تنفيذي جديد فعلى رئيس البرلمان إخطار مفوضية الانتخابات بذلك بعد مرور 60 يوماً على مغادرة العضو لمقعده، فيما قال نائب رئيس مجلس الولايات د. إسماعيل الحاج موسى ل(السوداني) إن على رئاسة المجلس اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في ذلك والشروع في تحديد مواعيد إعلان الانتخابات في تلك الدوائر التي قال إنها أضحت شاغرة وطالب بضرورة التنسيق مع المفوضية القومية للانتخابات في ذلك، بيد أن موسيى ارجع حالة التأخر التي طالت عدداً من الدوائر لما يزيد عن العام إلى ما تمر به البلاد من أوضاع سياسية وأمنية مشيراً إلى أن تكلفة العملية الانتخابية في تلك الدوائر تحتاج لما يعادل 6 مليارات من الجنيهات لضمان نجاحها بشفافية ونزاهة بينما رفض موسى اتهام الحكومة بالتقاعس في تفعيل لائحة إعادة الانتخابات في تلك الدوائر مبيناً أنه مازالت هناك فترة كافية لإقامة الانتخابات واستكمال ما تبقى من الدوائر الشاغرة لافتاً إلى أن ما تشهده تلك الدوائر من فراغ لايعني تطبيق البرنامج الانتخابي للمرشح سواء كان ذلك على مستوى تنفيذ المشروعات التنموية والخدمية مؤكدا أن تلك القضايا لاتكاد ترتبط حلقاتها فقط بالمرشح في شخصه، وقال إن مؤسسات الدولة مسؤولة عن متابعة ما يستجد من قضايا أو حتى مشكلات والعمل على حلها من بعد ذلك وأضاف "نفعل نحن في مجلس الولايات في متابعة خطط وبرامج الولايات وأداء وزاراتها"، وفي المقابل يتفق مولانا محمد أحمد سالم مع د. إسماعيل موسى من حيث ضرورة البدء في الإعلان عن الانتخابات على صعيد الدوائر الشاغرة مسترشداً في ذلك بالمادة 78 من قانون الانتخابات والتي تقول إنه في حال غياب نائب الدائرة لأي ظروف استثنائية فإن على المفوضية مباشرة عملها في الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات في الدائرة الجغرافية الشاغرة ويضيف سالم إن ذلك الأمر يتم تطبيقه حيال عدم وجود أي معوقات سياسية وأمنية تحيط بالمنطقة المعنية كان تكون المنطقة قابعة تحت قانون الطوارئ نسبة لظروف أو مهددات أمنية تعتبر أحد المعوقات في تنفيذ الانتخابات بالكيفية المطلوبة ويمضي محمد أحمد سالم في حديثه ويقول إن مثل تلك القضايا أو الأوضاع القانونية لم تكن هي الأولى على صعيد البرلمان، وقال إنها قديمة. وأضاف "قد حدثت من قبل"، بيد أن سالم عاب على الجهات القائمة في متابعة مثل تلك القضايا عدم التعامل معها بشكل موضوعي فور فراغ المقعد، ويقول إن ظهور التعقيدات السياسية يمثل أحد الأسباب في البدء الفعلي بإجراء الانتخابات في دولة مثل السودان بها استنزاف اقتصادي وحروبات متفرقة. بداية فعلية نائب رئيس المفوضية القومية للانتخابات البروفيسور مختار الأصم جزم بأن المفوضية لم تتأخر أو حتى تتقاعس في أداء واجبها تجاه الإعلان عن فتح باب الترشيحات لملء الفراغ الذي طال بعض الدوائر مؤكداً أن هناك إجراءات قد اكتملت للإفصاح عن انطلاقة الانتخابات التكميلية لبعض الدوائر على صعيد ولاية الخرطوم، وقال الأصم في إفادته ل(السوداني) إنه لاعلاقه للبرلمان فيما يتعلق بإجراء الانتخابات على صعيد الدوائر التي سقطت عضوية بعض ممثليها سيما في الولاية الشمالية والخرطوم وكشف الأصم عن بدء الإجراءات الفعلية من قبل المفوضية لإخطار الولايات التي ستتم فيها الانتخابات ونفى الأصم في ذات الوقت أن يكون تأجيل الانتخابات مرتبط بتوجيهات أو إملاءات سياسية فرضتها أجهزة الدولة بناء على ما تمر به البلاد من أوضاع سياسية أو اقتصادية مبيناً أن التأجيل جاء وفقاً لتقديرات رأتها المفوضية وهي تكاد في الأصل تتعلق بأمور فنية ليس إلا.