المثل يقول: (إن شاء الله يوم شكرك ما يجي)... لأن الشكر عندنا يرتبط برحيل الشخص المراد شكره... وبالأمس تكسر جماهير نادي المريخ العظيم، تقاليد هذا المثل، وتشكر وتكرم ابنها وربان سفينتها جمال محمد عبد الله الوالي، بمناسبة فوزه بلقب أكثر رئيس نادٍ عربي شعبيةً، في استفتاء قناة العرب ال(mbc)... رئاسة الجمهورية منحت وسام الرياضة الذهبي لجمال الوالي، تقديرا وتكريما وعرفانا له ولما قدمه للرياضة السودانية، وإسهاماته الكبيرة والمقدرة... البشير قلد جمال الوسام في الاحتفال، واشتعل الملعب -الذي ارتدى حلة انيقة- فرحاً بهذا التكريم الذي صادف اهله، فالجماهير ملأت المدرجات بالشيبة والشباب، والأطفال والنواعم، الذين رسموا بحضورهم لوحة تشكيلية باهية... فجمال بالنسبة لأهل المريخ ليس رئيس نادٍ وحسب، بل هو محبوبهم الذي لا يطيقون فراقه، فكم مرة حاول الابتعاد وأعادته الجماهير إلى كرسي الرئاسة محمولا على الاعناق... هم يعلمون جيداً ما يقدمه ويبذله الرجل للنادي خصما من وقته وماله، ويقدرون جداً ما يقوم به... لذا دوما يحيطونه بالحب الكبير... قبل أن يتقلد جمال رئاسة المريخ، كان يدعم النادي بسخاء كبير، هذا الامر بشهادة رؤساء المريخ السابقين... لم يكن يطمع في نجومية أو سطوع، فهو كما اعلمه ينأى بنفسه عن الأضواء... وعندما تم تعيينه في المريخ بالتكليف قبِل التحدي، وبذل كل جهده حتى يعيد البهاء للنادي، وفعلاً اعاد الرجل للقلعة الحمراء بريقها ولمعانها، حتى صارت مفخرة السودان الرياضية، وتقدم الفريق في البطولات الافريقية، وعادت له هيبته وقوته وسط كبار اندية القارة السمراء... 10 سنوات في الرئاسة صنع فيها الرجل العديد من الانجازات، التي سطرت في سجلات تاريخ المارد الأحمر... المحبة التي يجدها جمال من الجميع، والتوفيق في حياته، لم يأتيا من فراغ، فالجانب الآخر من حياة الرجل، الجانب الانساني، فتلك قصة وحكاية اخرى - اعلم أنه لا يرضى الحديث عنها، إلا انني استمحيه عذرا في التحدث عن بعضها- ملأى وحبلى بالمواقف النبيلة، فتجده دوما سباقا في فعل الخيرات، يساعد الفقراء والمساكين والمحتاجين، يساهم في علاج مرضاهم، يتكفل بتعليم ابنائهم، يكفل اليتامى والأرامل، يقضي حوائجهم دون من أو اذى... تجده أول من يقف في اتراح وافراح جيرانه واصدقائه ومعارفه... باراً بوالدته واخوانه واهله، وأهل فداسي مسقط رأسه... هاشا باشا مبتسماً، ودودا ، متواضعا لأبعد الحدود يخدم ضيوفه بنفسه، لم يغير المال والثروة صفاته، لم يجعلاه متكبراً، لذلك قلت إن الحب المحاط به الرجل لم يأت من فراغ، فالله عز وجل يكرمه لإكرامه الآخرين. اجمل ما في جمال من خصال، هو التسامح والعفو عند المقدرة، فقد تمت محاربته بصورة مبالغة في الإعلام، اشاعات رخيصة هدفت للنيل منه، ولم تزده إلا قوة وصلابة ومحبة في قلوب الناس... آخر الاشاعات المفبركة التي اطلقها الذين في قلوبهم مرض انه دفع مليون دولار حتى يتم تكريمه، اقول: كل جنيه دفع في حفل تكريم جمال بمشاركة نادي القرن الاهلي المصري، يدفعه الجمهور العاشق لهذا الرجل من حر ماله، فهم كما قلت يردون جمائله لهم بالحب والتقدير... وبعد كل هذا تجده يصفح عن من رموه بسهام الأباطيل، والأعجب من ذلك يمد اياديه بيضاء لهم، رجل يعالج امراض اعدائه بالحب والتسامح... أشهد الله أني لم اقل إلا الحق في حق الرجل... انها كلمة حق في يوم شكر جمال.