هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته الإهمال المُر أصابعهم المرتعشة التي تتوجه لمعانقة يدك ربما تكشف حقيقة المعاناة... على الرغم من ملامح الصبر على ذات الوجوه، نظراتهم لا تتعدى سقف الغرفة التي تتمدد أجسادهم تحتها، وأحلامهم كذلك ترفض مغادرة ذات الغرفة، لسبب لخّصه الكثيرون منهم بأن لا أحد يهتم بأمرهم.. يتبادلون (الونسة) بوهن، معللين أن كثيراً من الإهمال يؤثر على مجريات عمليات الغسيل التي تتعرض لها أجسامهم بعدد من مراكز غسيل الكلى. جلسنا كثيراً وتبادلنا كثيراً كذلك من الأحاديث مع أولئك المرضى، الذين كان بعضهم يتحدث بصوت عالٍٍ بخلاف ما نتوقع، وعندما ينخفض صوته يعتذر، قبل أن يرفق اعتذاره بعبارة في غاية الأسى: (معليش يا أخوانا... التعب حصل)... ومعهم حق؛ فالحديث في حضرة مرض الفشل الكلوي ربما يكون صعباً جداً. ذات التفاصيل والأحاديث التي تناولتها معهم مرة بمفردي وأنا أتجول في (مركز غسيل الكلى ببحري)، ومرة برفقة الزميلة: ولاء عبد الله ونحن ننقل معاناة المرضى بمستشفى شرق النيلبالخرطوم. نبرة آلآمهم أخذت ترن بأذني أثناء متابعتي لما بين أسطر تحقيق أستاذنا رئيس قسم التحقيقات ياسر الكردي (مرضى الفشل الكلوي بمستشفى الخرطوم... أحياء في عداد الموتى). حقيقة لاغرابة ولا استغراب على الأقل بالنسبة لشخصي في كل ماذكر من معاناة المرضى من إهمال الجهات المختصة فالشمس لايحجبها غربال. ومرد تعجبي أننا نكتب ولانزال ومعاناة المرضى لاتزال مستمرة وتهرب المسؤولين من الاعتراف بتقصيرهم والإدلاء بإفاداتهم كذلك لاتزال القاسم المشترك بين الجميع، مع العلم بالضرورة أننا لا نود من أصحاب الحظوة ممن هم على رأس العمل استدعاء كل ذخيرتهم اللغوية ولا نطمح في توجيه عبارات القدح تجاه مايحدث من فوضوية وإهمال وإنما نرمي إلى فتح قنوات الاهتمام والدعم المتواصل بحثاً عن موقع للمسؤولية بمفهومها العميق لتفهم حقوق مرضى الكلى وبحثها ودراستها بعمق وشمولية وتعرف على العوائق التي تحول دون خدمة المريض. ونشير إلى ضرورة أن تكون لدى الجهات المختصة اتخاذ الآليات المناسبة وتشكيل لجانٍ لتنفيذ هذه التوصيات. ننشد وعياً مجتمعياً واعترافاً بحقوق مرضى الفشل الكلوي قبل أن يتحول الأمر إلى مأساة. (ماكينة غسيل الكلى) وسيلة يفترض أن تسهم في العلاج بدلاً من الوصول إلى تطاحنات أشد قسوة لتكريس المعاناة. خط أخير: إلى مسؤول مع التحية: الواقع وحده هو محك وشاهد قوي يوثق نجاح أو فشل هذا وذاك... وحتى إشعار آخر تبقى معاناة مرضى الفشل الكلوي (تفاصيل موت غير معلن).