(...) لهذا السبب تركت رئاسة مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة لم يتم إبعادي من القاهرة ولم أقدم دعماً لجماعة الإخوان المسلمين!! المعارضة السودانية في مصر تغار من المؤتمر الوطني منذ ثلاثة أشهر تقريباً، ورئيس مكتب المؤتمر الوطني في القاهرة وليد السيد يقيم في الخرطوم. وتزامن عدم وجوده في مكتبه بالقاهرة مع خبر نشر قبل بضعة أيام في المواقع الإلكترونية، أشار إلى أن الرجل تم إبعاده من قبل السلطات المصرية، بسبب دعمه لجماعة الإخوان المسلمين. ما عزز تصديق البعض لهذا الخبر عدة أشياء، أهمها أن علاقة الحكومة المصرية بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي ليست بخير، ويشوبها توتر وحذر بالغ، كما أن خبر إبعاد السيد صدر عن إذاعة مونتي كارولو، أن السيد موجود في الخرطوم ويذهب زيارات خارجية لبضعة أيام ويعود مجدداً. هل المؤتمر الوطني بحاجة إلى مكتب بالقاهرة؟ وماذا يقدم هذا المكتب؟ ولماذا بالتحديد يوجد مكتب للحزب بمصر وليس غيرها؟ وما حقيقة إبعاد وليد وما هو مستقبل علاقة مصر والسودان؟.. جميعها أسئلة طرحتها (السوداني) على وليد أثناء زيارة عابرة له إلى القاهرة فإلى ما أدلى به: حوار: لينا يعقوب * ما حقيقة ما تردد أنه تم إبعادك من القاهرة لأنك تدعم جماعة الإخوان المسلمين؟ أنا مندهش من هذا الكلام، أحدثك الآن من القاهرة، ومعروف أن الشخص المبعد لا يمكن أن يدخل الدولة، هذه إحدى الدعايات المضحكة للمعارضة السودانية، التي تحاول دوماً أن تثير شبهات غير حقيقية عن المكتب ودوره.. معروف أن المكتب كسب مساحات كبيرة جداً في الأوساط المصرية والسودانية والإعلام، وهو ما أزعج المعارضة التي تعتقد أن القاهرة حكر عليها وقلصت من مساحاتها، لذا هي تحاول أن تنسج من خيالها الأكاذيب، وقبل هذه الشائعة كانت هناك أخرى تقول إني كنت في رابعة العدوية، والمعروف أن مهمة رئيس المكتب الاتصال بكل القوى السياسية. *أنت الآن لست رئيساً للمكتب؟ في أغسطس تم انتدابي كأستاذ لجامعة إفريقيا العالمية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وأخليت مهمتي للمكتب في هذا الزمن، وتصادف ذلك مع التغيرات السياسية في شهريْ يونيو ويوليو، وتم انتدابي بعدها في أغسطس، وحاولت المعارضة السودانية نسج سيناريوهات في خيالها وتساءلت: لماذا غادر رئيس مكتب المؤتمر الوطني من القاهرة؟.. ومع ذلك فقد أتيت إلى القاهرة ثلاث مرات: الأولى في حفل تكريمي الذي أقامته لي السفارة والقوى السياسية، ومنها الاتحادي في شهر نوفمبر، والثانية حينما كنت في طريقي للكويت، أما الثالثة ففي هذا الأسبوع حيث أشارك الجالية في أسوان احتفالات الاستقلال، وتم تكريمي هناك ومن ثم ذهبت إلى الأقصر والقاهرة مشاركاً في أعمال المنتدى العربي للشباب والبيئة. *(مقاطعة) منذ متى وأنت لم تعد رسميّاً رئيس مكتب المؤتمر الوطني في القاهرة؟ منذ أكتوبر. *ومن قبل هذا التاريخ توجد حساسية كبيرة واضحة بين المؤتمر الوطني والحكومة المصرية القائمة؟ نحن علاقتنا جيدة بالقوى السياسية المصرية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ولا توجد أي حساسية. *من استلم المكتب بدلاً عنك؟ هذا أمر يخصُّ المؤتمر الوطني، وإلى الآن لم يسمِّ الحزب رئيساً للمكتب، هذا أمر يخص الحزب حول الرئيس ودور المكتب نفسه، لكن إلى الآن لا يوجد أي إبعاد، وهذا نسج من المعارضة، أنا الآن لبيت دعوة الجامعة العربية واعتذرت للمؤتمر الوطني، ولم تتم تسمية شخص. * ألم تقدم دعماً مادياً أو معنوياً لجماعة الإخوان المسلمين؟ غير صحيح، فأنا لا أقدم دعماً، إنما مهمتي تتمثل في الاتصال بالقوى السياسية المصرية، ونجحت في ذلك ويشهد العدو على ذلك قبل الصديق، ومنذ أن توليت المهمة أتيت بشباب الثورة في أول زيارة، وبوفد حزب الغد والأحزاب الإسلامية. العلاقات متوازنة وليس لها دعم لفصيل على حساب الآخر، إنما نتعامل بمسافة واحدة. *هناك ورقة مروسة مكتوبة بخط اليد، وتحمل توقيعات تشير إلى استلام قيادات جماعة الإخوان المسلمين مبالغ مالية بالدولار؟ هذه أكاذيب، فالورقة كانت تحمل ترويسة المستشارية الثقافية.. السؤال هو ما علاقة المستشارية الثقافية أو حتى السفير بتقديم دعم؟ كلها إشارات حاولت المعارضة تعبئتها في الشارع المصري، والسؤال الآخر هل الدعم المالي يقدم هكذا بالأوراق؟! هذا أمر بغاية الغرابة والسذاجة السياسية. ما يحدث في مصر شأن داخلي لا علاقة لنا به، وما يهمنا عودة الاستقرار لمصر، والمؤتمر الوطني صنع علاقات جيدة مع كافة الأطراف في مصر، وهذا ما لم تستطع المعارضة أن تصنعه، تتحدث هي عن وجود علاقات جيدة لها في مصر، وهذه إحدى أكاذيبها، فليس لها علاقة مع القوى السياسية المصرية، المعارضة لديها غيرة سياسية. *يوجد لديكم سفير ينتمي للمؤتمر الوطني في القاهرة، فما هي أهمية هذا المكتب، وما الذي يقوم به ولا تقوم به السفارة؟ المكتب موجود منذ عام 2005 وليس حديثاً، وجاء لتحريك العمل الحزبي والشعبي بين السودان ومصر، ورأت قيادة الوطني أن يكون هناك مكتب ليس خصماً على السفارة، إنما إضافة لها، ومعروف أن المكتب يتحرك في الوسط الحزبي والإعلامي والأوساط السودانية، والمقامات محفوظة، وطيلة السنوات مع اختلاف السفراء الذين مروا على القاهرة، كان المكتب مكملاً لعمل للسفارة. *قلت إن المكتب كان مكملاً للسفارة، هل هذا يعني عدم وجود تعارض بين السفارة والمكتب؟ المؤتمر الوطني كحزب حاكم له رؤية، بأن يكون له علاقة مع هذا الحزب أو غيره، بعد انهيار نظام مبارك استمر عمل المكتب وبدأ يجدد في علاقاته وهي فكرة جيدة، وهذا ما قدرته أجهزة الحزب، كان هناك تناغم وتماثل وانسجام تام بين عمل السفارة والمكتب. طالما كان هناك تكامل وعدم تعارض، ما سبب وجود المكتب، فالأعمال التي يقوم بها المكتب من الممكن أن تقوم بها السفارة؟ السفارة تقوم بالتعاون مع كل الأحزاب المصرية، وكل الأحزاب السودانية، لكن المؤتمر الوطني يقدر أن يعمل مباشرة مع الأحزاب، ويتصل بها ويوقع معها اتفاقيات، السفارة لا يمكن أن تتقمص دور الحزب، فهي تمثل كل أهل السودان وكل الفصائل السياسية. مثلاً لا يمكن أن توقع السفارة اتفاقاً مع حزب الوفد لأنها أكبر من ذلك، وتعمل في أكثر من مجال، لكن المكتب يعقد الاتفاقيات والتدريب وتبادل الخبرات. *السؤال بطريقة أخرى: ألا تنفذ السفارة السياسات التي وضعها المؤتمر الوطني، والذي هو الحزب الحاكم في السودان؟ هذا ما يسبب استغراب البعض؟! السفارة تنفذ السياسة التي وضعها المؤتمر الوطني والمجلس الوطني ومجلس الوزراء، بالتشاور مع الشركاء في حكومة الوحدة الوطنية. السفارة تمثل الدولة، ومن المعلوم أن لها عدداً من الأحزاب المشاركة في الحكومة. المكتب ينفذ سياسة المؤتمر الوطني مباشرة في التعامل الحزبي مع الأحزاب المصرية، ويحقق كسباً حزبياً وليس من الدولة. *لماذا بالتحديد هذا المكتب موجود في القاهرة، لماذا لا يوجد مكتب للوطني في أديس أو الدوحة؟ أم لوجود جماعة الإخوان المسلمين في مصر؟ هذه ليست السابقة الأولى من نوعها، نحن لبينا دعوة الحزب الوطني آنذاك في 2005، ووقعنا معهم اتفاقية أفضت لبرنامج عمل مشترك بين الحزبين، وتم حراك كثيف جداً، ورأى الوطني أن يقيم مكتباً لتعزيز العلاقات التي شهدت فترة من التوتر، ودفع بقيادات ككمال حسن علي وكنت أنا نائباً له، ولذلك كان الرأي بإقامة المكتب، وهي تجربة فريدة من نوعها، وإن لم يكن المكتب في مصر، لما كان في دولة ثانية. هناك اتصال تنظيمي للحزب مع أبوظبي وأديس أبابا وجدة وغيرها.. هذا المكتب جاء لخصوصية العلاقة مع مصر. *حكومة السيسي القائمة لا تريد مكتباً للوطني في القاهرة، العلاقة بينكم ليست جيدة؟ العلاقات السودانية المصرية، وما تطرأ عليها من تغييرات، يكون فيها موقف الحزب واضحاً. إنها مشكلات وتغييرات داخلية، لكن الآن أنا شرحت حقيقة الأمر حول ما أثير عن إبعاد رئيس المكتب؛ أما سؤال إن كان المكتب سيستمر أو يجمد فإجابة السؤال أن التشاور لا زال موجوداً، وهناك تغييرات كثيرة في الأمانات وقطاع العلاقات الخارجية. *(مقاطعة) ولكن وصلكم بصورة رسمية أو غيرها أن الحكومة المصرية لا تريد مكتبكم هذا؟ لم يصلنا هذا الأمر، وكل ما يتواتر حول عدم رغبة مصر في المكتب أو رئيسه، يأتي فقط من قبل المعارضة السودانية، التي تغار من المساحات السياسية التي كوّنها المؤتمر الوطني، فليس لها علاقات وتحاول بث سمومها في الفضاءات الإسفيرية. *(مقاطعة) كيف تقول إن المعارضة ليس لها علاقات في مصر، هي تُقيم وتعقد اجتماعاتها ولقاءاتها هناك، فكيف لم تنجح في تكوين علاقات؟ قيادات المعارضة تعيش في مصر، وتتخذ فيها ملاذاً تعيش وتتحدث فيه للإعلام، لكن ليس لها علاقة بالأحزاب السياسية مثل المؤتمر الوطني. نحن وقعنا اتفاقيات تعاون مع حزب الوفد وأحزاب أخرى، نحن أحضرنا 50 شخصية في طائرة واحدة على ضيافة المؤتمر الوطني وجعلناهم يقابلون حزبيْ الأمة والاتحادي الديمقراطي، ولنا علاقات مع حزب التجمع والجبهة الديمقراطية وحزب الغد والحزب الناصري، وفي ذلك أقول إن الكسب السياسي للوطني في مصر أكثر من كسب الأحزاب المعارضة التي تعيش هناك. *وهل من المهم لقيادات المعارضة أن يكون لها علاقات أو اتفاقيات مع الأحزاب السياسية الأخرى، المهم أن تكون لها علاقة قوية مع الحزب الحاكم؟ إلى الآن لا يوجد حزب حاكم في مصر، مصر الآن تتشكل ويمكن أن نقول إن الوطني لديه علاقات مع كل الأحزاب، وإن أفضت خارطة الطريق إلى أن يكون (أ) أو (ب) هو الحزب الحاكم، ستكون لنا علاقة جيدة مع الحكومة والمعارضة. *هل المكتب الآن مغلق؟ لا، المكتب موجود وبه إداري يعمل ويتواصل مع الجالية السودانية، لكن مثلاً لا يوجد تواصل مع القوى المصرية، لأن مصر الآن تتشكل. جميع الأحزاب السياسية تنتظر الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية، لكن المكتب موجود وبابه مفتوح ولا توجد إشارة لإغلاق المكتب، كل ما هناك أن رئيس المكتب ترك العمل في القاهرة وعاد للخرطوم، وبإمكانه الذهاب للقاهرة في أي وقت.