* هل الصوت الطروب وحده يمكن أن يمنح الساحة الفنية مغنياً يشكل إضافة حقيقية..؟؟ وهل ما نطمح فيه نحن كشباب هو ظهور عارض لمطرب يتجاوزه الزمن سريعاً وتلفه خيوط النسيان أم فنان حقيقي يعبّر عن هموم وآمال وآلام جيل بأكمله..؟؟ أليس ما نحتاج إليه وننشده هو فنان يدرك حقيقة أن الأغنيات تمثل وثائق للتاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي ويسعى عبرها جاهداً للتوثيق لحقبة زمنية عاشها قبل أن يعمل على تسجيل نبرات صوته وأغنياته..؟؟). * هل الحنجرة الندية وروعة الأداء وحدهما يمكن أن يكونا جناحين يحلّقان بموهوب حتى يضعانه في صدر قائمة الفنانين..؟؟ أم أن الفنان أصبح مؤسسة متكاملة يتم التخطيط لها بدراسة وعمق وتروٍ حتى يتسنى له أن يكون صاحب تجربة مختلفة وعميق أثر وكبير تأثير..؟؟ ولا شك أن الجزئية الثانية من الاستفهام تمثل ملمحاً من تعريف الفنان الحقيقي وفق المتغيرات الراهنة والأمل المنشود وسقوف الطموح التي لا تحدها حدود..!! * للأسف الشديد : الساحة الغنائية مليئة بمطربين لا يعرفون رسالية الفن وقيمة الكلمة وعمق الأنغام و(يغنون دون وعي والسلام!!) * من يعيد لكثير من الفنانين وعيهم المفقود؟؟ * تداعت أمامي كل تلك الخواطر أمس واعتدل طقس يومي وبلغ مزاجي أعلى درجات الصفاء واستبد بي الطرب حتى بلغ ذروته وأنا أردد خلف صوت كابلي المنبعث من مسجل العربة : ( أهديتك حبي من فؤاد يبعث الحب .نديا. إن يكن حسنك مجهول المدى.. فخيال الشعر يرتاد الثريا..كلما أخفيته بالقلب تنبئ عنه عيناك ولا يخفى عليا. . أنا إن شئت فمن أعماق قلبي أرسل الألحان شلالاً روياً وأبث الليل أسرار الهوى وأصوغ الصبح ثوباً بابليا ..لا تقل أني بعيد في الثرى فخيال الشعر يرتاد الثريا)..!! * حقيقة..ما اجتمع كابلي والراحل صديق مدثر إلا وكان الإبداع ثالثهما..!! * اعتذرنا للشعر وقوافيه ومتونه وحواشيه يوم رحيل صديق مدثر، وقلنا إن خياله بعد اليوم سيظل مدفوناً في الثرى ولن يكون بوسعه التحليق في الفضاء وارتياد الثريا .. كيف لا، والرجل صاحب (عصا خيال الشعر السحرية) أغمض إغماضته الأخيرة مودعاً الحياة مع أن (جمال الدنيا الخداع غشنا في لحظة استغراق داخل نص شعري باذخ الجمال ومنحنا « وعداً كذوباً» بأن المدثر سيبقى بيننا ويا له من (وعد ضنين) استفقنا منه سريعاً على واقع حزين وروح صديق مدثر تحلق بعيداً ، ونحن نردد : (كل نفس ذائقة الموت) .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. إنا لله وإنا إليه راجعون)..!! * تسربل الشعر الرصين بالسواد، وأعلنت السلاسة والبلاغة وجزالة التعابير وروعة التصاوير الحداد بعد رحيل أديب أريب وشاعر نحرير سحرنا حد التأمل والإشباع وهو ينشد :(كان بالأمس لقانا عابراً كان وهماً كان رمزاً عبقرياً.. كان لولا أني أبصرته وتبينت ارتعاشاً في يديّا..بعض أحلامي التي أنسجها في خيالي وأناجيها ملياً ومضة عشت على إشراقها وانقضت عجلى وما أصغت إلي كلمة خبأتها في خافقي وترفقت بها براً حفياً.. من دمي غذيتها حتى غدت ذات جرس .. يأسر الأذن شجياً وافترقنا وبعيني المنى .. قالها الدمع فما أبصرت شيئاً) *لله درك يا أبا المدثر ..!! *لو لم يكتب صديق مدثر سوى (ضنين الوعد) لشهدنا له بالنبوغ والعبقرية ومنحناه كامل حقوق البلاغة والامتياز في الأغنية السودانية ..!! *سبحان الذي جعل (كلمات الغناء السوداني) تنحدر إلى أسفل سافلين وتهبط من (خيال الشعر يرتاد الثريا) إلى (حرامي القلوب تلب وأنا في نومي بتقلب) ... سبحان الذي جعل الشعر ينحدر حد التمرغ بالوحل لتخلع المفردة ثوب (الوقار والجمال) و تصل من لدن (كلمة خبأتها في خافقي وترفقت بها براً حفيا .. من دمي غذيتها حتى غدت ذات جرس يأسر الأذن شجيا) إلى (كلمة دسسناها من الأسر حتى لا يشعر الأب والأم عند وجودها بالحرج .. كلمة ترفقنا بها عندما أكتفينا بوصمها بالهابطة والداعية إلي إفساد الذوق العام وتغذية خطوط التفلت الحمراء ومفارقة مربع الإبداع والاحترام .. كلمة غذاها «شعراء الغفلة» من دماء الإسفاف والابتذال والركاكة والسطحية ففارقنا زمن كل مفردة ذات جرس يأسر الأذن شجيا..!! * و الكابلي قصة لوحده...!! * ميزة المبدع العلامة عبدالكريم الكابلي بجانب قدراته التطربية والأدائية العالية أنه فنان ذوعقل ناضج ومتجدد .. باحث صاحب رؤية ثاقبة ووجهات نظر كاملة العمق .. يحسن التفكير قبل الحديث ويتقن الحديث عن الأفكار .. تشعر معه بقيمة ثقافة الفنان وبلاغته ولباقته .. تتفتح براعم الحوار عندما يتحدث عن إحدى القضايا الفنية او الاجتماعية أو السياسية .. يضرب الأمثلة من القرآن الكريم والسنة النبوية والأدب العربي وتحس معه بمتعة المشاركة الذهنية..!! * كم أنت كبير يا كابلي.. (ورد الله غربتك من بلاد العم سام حتى تعود لوطنك بلبلاً غريداً يا فنانا جديراً بالاحترام). أنفاس متقطعة * (جبال الأطلس .. سلسلة جبال لبنان الغربية .. ونجوي كرم) من أهم المرتفعات بالمنطقة العربية ..!! * نجوي كرم (مرتفعة) بما تقدمه من أعمال عالية و«شامخة» بمنتوجها الفني الرفيع ، و«شاهقة» المكانة لما تتمتع به من صوت (جبلي) يزلزل أوتاد الثبات ويدغدغ الوجدان ويشنف الآذان ويطرب الأبدان ..!! * شمس الأغنية العربية لا تزال تشرق إبداعاً وطلاوة وتطريباً مؤكدة أن موهبتها الفذة لا تعرف الأفول والمغيب ..!! * ما يميز نجوى كرم عن معظم المغنيات اللائي ملأن شاشات الفضائيات ضجيجاً أنها تجيد الغناء وتعرف سحر الاختيار وروعة الاصطفاء ..!! * الباحث عن الفجور لا يحتاج ليوم الاحتفال برأس السنة..ومن يمشي على صراط مستقيم لن يغير مساره لأن السنة تلملم أشياءها وترحل وينبغي له أن يصطاد لحظة معصية قبل مغيب العام..فالرجاء مخاطبة عقولنا ببعض منطق وشيء من احترام..!! * الرجاء من بعض أئمة المساجد والدعاة ورجال الدين ضبط خُطبهم وفتاويهم ..!! نفس آخير * (عام جديد..فرح أكيد إني أفضل أن نقول لبعضنا حب سعيد).