:: ومن لطائف إنشتاين، يحكى أنه كان قد سئم تقديم المحاضرات بالجامعات، وذات يوم وهو في طريقه إلى إحدى الجامعات بغرض القاء محاضرة، قال له سائقه الخاص: أعلم سيدي أنك مللت تقديم المحاضرات، فدعني أنوب عنك في (محاضرة اليوم).. وقبل أن تكتمل دهشة إنشتاين، إسترسل السائق قائلاً: شعري منكوش ومنتف مثل شعرك، وبيني وبينك شبه ليس بالقليل، واستمعت إلى كل محاضراتك ولدي فكرة لا بأس بها عن النظرية النسبية، ولذلك دعني أنوب عنك في (محاضرة اليوم)..!! :: أعجب إنشتاين بالفكرة ووافق عليها، ثم تبادلا الملابس..وعندما وصلا إلى قاعة المحاضرة، وقف السائق على المنصة وجلس العالِم العبقري - بزيّ السائق - في الصفوف الخلفية.. سارت المحاضرة على ما يرام، ولم يتلعثم السائق..ولكن، فجأة وقف أحد الطلاب و طرح عليه سؤالاً من (الوزن الثقيل).. ارتبك السائق قليلاً، ولكن لم يكشف شخصيته، بل ابتسم وخاطب الطالب ساخراً: (ياخ سؤالك دا غبي، وسواقي داك ممكن يجاوب)، ثم خاطب إنشتاين الجالس في الصفوف الخلفية: (يا سواق قوم جاوب على سؤال الغبي دا).. وأجاب إنشتاين على السؤال، ونال تصفيق وإعجاب الطلاب بمظان (السائق الذكي)..!! :: وهكذا تقريباً حال الناس والبلد حالياً مع المؤتمرين (الوطني والشعبي).. لم نعد نعرف أيهما إنشتاين هذه المرحلة؟، وأيهما السائق؟.. فالمهم، قبل شهر تقريباً، قدم المؤتمر الوطني محاضرة سياسية بلغة غريبة تحت مسمى الوثبة، وقال إنها تشمل كل قضايا البلاد وحلولها الجذرية.. ولم يفهمها السواد الأعظم من الناس والصحف والأحزاب، ثم ترك الجميع أمر تفسير محتوى المحاضرة للزمن ثم أفعال المؤتمر الوطني.. ولكن قبل أن يمضي أسبوع على المحاضرة، شرع المؤتمر الشعبي في شرح محتوى المحاضرة (بياناً بالعمل)..!! :: غابت تصريحات كمال عمر الحادة، وحلت محلها تصريحات (وديعة).. وكذلك خرج إبراهيم السنوسي للناس والحياة، بعد عقد ونيف من الصمت، ليتحدث عما أسماها بأشواق الإسلاميين، وهي (إعادة وحدة المؤتمرين)، وهذه ما لم يستبعدها كمال عمر أيضاً، بل وصف من يستبعدها ب(الواهم).. وفجأة، استقبل البرلمان الدكتور الترابي واحتفى به بعد سنوات من (الحل والمقاطعة).. ثم، فجأة سربت إحدى الجهات لصحف الأسبوع الفائت عن لقاءات -موصوفة بالسرية- كانت تتم بين قيادتي (الشعبي والوطني).. ثم لقاء البارحة، جهاراً نهاراً، وبعد أسابيع من (الغزل المتبادل).. (دي الوثبة؟)، أو هكذا لسان حال حزب الأمة، كما عبر الإمام الصادق متوجساً ومحذراً، وهكذا تقريباً لسان حال كل القوى السياسية والرأي العام..!! :: نعم، فالحوار معلن منذ ليلة قاعة الصداقة، ومتفق عليه من قبل القوى السياسية بالداخل..ولكن، كل القوى السياسية تضع شرطاً -أو شروطاً - لهذا الحوار، وهو من شاكلة توفير المناخ الديمقراطي وتشكيل حكومة قومية و..و..عدا المؤتمر الشعبي، إذ أقبل على الحوار (بلا شروط)، بل سبق الحوار بإظهار أقوال وأفعال توحي بأن الحوار قد اكتمل و (خلاص، سمن على عسل).. لماذا؟.. أي، لماذا خطى المؤتمر الشعبي هي الأسرع نحو المؤتمر الوطني؟.. لو كانت تلك الخطى المسرعة خطى حزب الأمة لما سأل سائل، فالتحول السلمي نحو الديمقراطية بآليات الحوار والتفاوض كان ولا يزال من (أجندة حزب الأمة)، ولم يكن من (أجندة المؤتمر الشعبي)، أو على الأقل لم يكن من (الأجندة المعلنة)، فالمعلنة كانت (الإطاحة).. ولذلك، أي لأن المؤتمر الشعبي كان الأشرس في المعارضة والأبعد عن لغة الحوار، يبدو غريباً عليه هذا (التحول المفاجئ).. على كل، نأمل أن تحقق الوثبة (وحدة أهل السودان جميعاً)، فهذا أسمى وأفضل للناس والبلد من وحدة (حزبين فقط لا غير)..!!