(...) هذه هي الترتيبات الجديدة بخصوص أوقاف السعودية +++ سيتم خصخصة الحج +++ نعمل على تعديل مناهج التربية الإسلامية وحذف ما يتعلق بعقيدة الولاء والبراء +++ الايدلوجية لا تفرض بالقهر والحوار المفتوح خفف وتيرة التكفير فى زحمة انشغاله بأعمال ندوة مقاصد الشريعة استغلت (السوداني) سانحة المناسبة والتقت بوزير الدولة د. محمد مصطفى الياقوتي، وطرحت عليه العديد من الأسئلة حول عمل الوزارة والعديد من القضايا المتصلة بالفكر الإسلامي، وعندما فرغنا من الحوار أبدى الياقوتي أمله فى أن يكون قد أجاب على أسئلتي بوضوح وشفافية، فقلت له ليس تماماً، ولم أشأ ان أضغط عليه أكثر فحساسية موقعه تحتم عليه الإجابة بلباقة تخبئ بين السطور أكثر مما تظهر. حوار: محمد عبد العزيز كيف يتم التوفيق بين وجهات النظر الإسلامية المختلفة تجاه مقاصد الشريعة؟ هذا يقودنا للحديث عن أن ندوة المقاصد الشرعية التى نقيمها حالياً لديها محوران أولهما يتعلق بالجوانب النظرية حتى يواكب فقهنا تطلعات الأمة، وثانيها يتعلق بالتطبيقات العملية فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخلاصة المسألة أننا نسعى لربط الناس بغايات الدين ونخلق توازناً بين حراك المجتمع وطموحات الدولة، خاصة أن الشريعة الإسلامية جاءت لترعى المصالح تحصيلاً وتكميلاً وتعطل المفاسد، وكما تابعتم فقد أرادت وزارة الإرشاد والأوقاف من هذه الندوة التأصيل للمقاصد الشرعية في السودان، وقد استعنا بتجارب علماء ومفكرين من داخل وخارج السودان. لكن ثمة من يرى أن الحكومة تتعامل بانتهازية تجاه مقاصد الشريعة لتأخذ القروض الربوية؟ مقاصد الشريعة قضية موضوعية وليست منحى انتهازياً، وهى راسخة منذ عهود قديمة ومن اجتهدوا فيها لم يكونوا على علاقة بالسلطة، وهذه دعوة للتقارب بين مختلف فئات المجتمع للتقارب، ومن خلالها إن كانت هناك ريبة فى النوايا يمكن لنا أن ننتقل لمرحلة التناصح وإن فشلنا لمرحلة التعاذر. ألا ترى أن المناهج الدراسية الحالية تكرس لثقافة تلقينية ولا تنسجم مع التفكير النقدي الذى يتجاوز ظاهر النصوص لمقاصدها؟ نعم لقد خرجت العديد من التوصيات لتحويل المنهج من تلقيني لمنهج إبداعي نقدي، وتجرى الآن مراجعات عبر خبراء ومختصين لمنهج التربية الإسلامية، وقد توصلوا الى أن العديد من النصوص تحمل إشكالات حتى فى المسائل الفقهية وتعبر رؤى متشددة، والآن المراجعات تتم ولدينا تنسيق مباشر مع وزارة التربية والتعليم. متى ستكملون هذه التنقيحات؟ الأمر مربوط بتعديل السلم التعليمي، ولكن الترتيبات الفنية اكتلمت، وسيتم إجراء الإصلاحات بشكل تدريجي. وماذا إن تأخر تعديل السلم التعليمي؟ إن كان الأمر سيأخذ وقتاً فقد طالبنا وزارة التربية بإصدار منشور لتعديل النقاط التى تثير التوتر لأن الناس لن تنتظر. هل يمكن أن تشير لبعض نقاط التوتر التى لا تقبل التأخير؟ مثلاً ما يتعلق بتقسيمات التوحيد وهذه الجزئية محل اختلاف بين الفقهاء، خاصة عندما تصف الحاكم بالطاغوت وتحدد فكرة (من لم يحكم بما ينزل الله...) وتحصرها فى الحاكم فقط وليس كل شخص مكلف بالأمر الإلهي، كما تتواصل خطورتها حد تقسيم المجتمع لمسلمين وكفار عبر عقيدة الولاء والبراء والممايزة وعدم احترام الرأي والرأي الآخر، والتى قد تكفر حتى من قد يشهد بألا إله إلا الله. ألا تتحمل الحكومة مسئولية هذه المناهج المتطرفة؟ قد يكون الأمر حدث بحسن نية، والحكومة مجتهدة لتكل الأمر للخبراء وتأتي بالمختصين من مختلف المجالات، وإن كانت هناك تحفظات على المنهج فهناك أيضا إيجابيات كإدخال مقاصد الشريعة التى كانت يسمع بها لطلبة الدكتوراة. لكن ألا ترى أن المنهج الإسلامي الموجود فى المدارس يكرس لحفظ الكثير من النصوص القرآنية بشكل يفوق احتمال الطلاب، وفى المقابل تقل مناهج التربية التى تنعكس على السلوك؟ مسألة الحفظ نسبية، وفيما يتعلق بالتربية فقد كانت موجودة فى المنهج السابق واختفت فى هذا المنهج، وهى مسألة مهمة أن ننتقل بالمعرفة لعمل مخلص ومن ثم لنتائج سلوكية والصوفية يسمونها مرتبة الإحسان. وهذا نتاج لحشد المنهج بالمعارف بحسبان أنها كافية للتربية. وماذا عن آيات الجهاد؟ لا خلاف عن أن الجهاد أمر مقدس رعته الشريعة، ولكن الخلاف يتعلق بالتكييف الفقهي بالجهاد وفهم المراد منه خاصة أنه فى بعض معانيه لا يعني القتال. ما أعنيه تحديدا بالجهاد هو القتال والحرب وليس جهاد النفس؟ نعم ونحن نؤمن بأن الجهاد فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الراشدين كان من أجل درء الحرابة ولم يكن لدرء الكفر، ولم يكن لفرض الإيمان قسرا وهذا أمر تحكمه الكثير من الآيات، وما يحدث هو عبارة عن عيوب دخلت على فهم الناس. ما تفعلونه يؤكد أحاديث عن تنفيذ الحكومة لإرادة أمريكية تحارب الإرهاب فى المنطقة بتعديل المناهج وسحب كل ما من شأنه تفريخ متطرفين؟ بالطبع لا، الحكومة كانت واعية منذ البداية أنها تعمل على أسلمة الحياة، وهى مجهودات يمكن لك أن تراجع فيها وأن تجد فيها خللا تطبيقيا محددا، والحكومة إن كانت مستكينة لكان حالها الآن غير الذى تراه، وهى مستمسكة بمبادئها ومنفتحة على الآخر من غير عدوان، وما يثار فى هذا الصدد اتهامات غير موضوعية. والخلاف الأساسي حول الجهاد يتعلق بكونه من أحكام التبليغ الذى يقوم به أي فرد من عامة الشعب، أم من احكام الحاكم الذى يعلنه ويضع اعتبارات محددة له، وأعتقد أن الحوار المثمر هو أفضل السبل لعرض الآراء وتدافع الافكار، والحكومة تدعم الحوار ولا تنحاز لطرف بعينه. ولكن هذا الأمر يخالف الواقع تماماً فالتيار السلفي يسيطر على أجهزة الإعلام وشيوخه يتصدون للفتوى دون غيرهم؟ هذه المسألة ليست بتخطيط من الحكومة، وتخضع لحراك المجتمع. هل تعني أن الصوفية ليس لديهم رؤية فكرية وفلسفية جاهزة لتقديمها عبر الإعلام؟ بالطبع الصوفية لديهم رؤى وخطاب فلسفي، ولكن الأمر تسأل منه أجهزة الإعلام التى يجب ان يكون لديها رؤية واضحة تجاه هذه القضايا ولا تجعل المسألة كيفما اتفق، ويمكن لهم ان ينسقوا معنا كجهة تراقب حراك المجتمع وتحرص على التوازن الموضوعي بين الجماعات الإسلامية المختلفة، فلا نفرض فكرة مجموعة بقوة الإعلام، والحكومة ليس من مصلحتها أن توالي جماعة وهى تفتح الحوار أمام الجميع. من القضايا المهمة موقف الدولة تجاه الحركات المتطرفة حتى وصل الأمر الى مرحلة التكفير في منابر المساجد ووسائل الإعلام؟ إذا كانت المسألة في إطار الأفكار فالدولة لا تتدخل، أما إذا كُفّر الناس فتوجد لوائح تنظم عمل المساجد، وتمنع أن يصعد المنبر شخص ويكفر الآخرين. هنالك شيوخ على المنابر كفّروا آخرين مثل الشيخ محمد عبد الكريم الذي كفّر الحزب الشيوعي؟ هذا حراك مجتمع فيه تسديد ومقاربة، ونظرة الجهات المنظمة واضحة إذا تأذى شخص فمن الممكن أن يفتح بلاغ حسب الإجراءات العدلية، ويمكن أن يوقف الشخص عن إمامة الناس. هل من الممكن أن تتم محاسبة محمد عبد الكريم لتكفيره الحزب الشيوعي؟ الأمر يخضع لتقديرات المحكمة إذا ثبت لديها تجريح قوي، ولكن من الصعب إثباتها فأحيانا يأتي شخص ويقول الشيخ فلان كفر كذا ويأتي الجدل الفكري حولها مثل أن يقال إن الأمر الفلاني من لوازمه الكفر، وتصبح جدلا فلسفيا هل لازم المذهب مذهب؟! أم ليس بمذهب؟!، وهذا يختلف عن تكفير المعين، ولكن نحن جميعا نؤمن أن الدولة حريصة أن يكون هنالك توزان وعدل وحريات مبسوطة والأيدلوجية لا تفرض بالقهر وإنما بالحوار المفتوح، الذي من ثمراته الطيبة أن هذه الفترة شهدت خفة وتيرة التكفير بعض الشيء. بسبب الحوار؟ نعم ولابد أن ينظر للحوار كأمر مقدس حتى في العمل السياسي. كيف تنظر للشاب الجهادي السوداني الذي يخرج للقتال في الصومالسوريا ومالي وغيرها من الدول؟ هي ظاهرة طبيعية وفي عهد علي بن أبي طالب خرج الخوارج وكفروه واستحلوا دماء الناس بفكرة ساذجة، مفادها تحكيم الناس بدل كتاب الله، والشاهد أن وجود مجموعة لديها رؤية مخالفة لمسيرة الناس وغير مطابقة للحراك الديني المعهود لا يعني أن هناك تراجعاً للدولة. ألا تتحمل الدولة مسئوليتها تجاه هذه المجموعات؟ هذا الأمر فيه جانبان: أولهما جانب فكري يرتبط بالحوار وتغيير الأفكار، وثانيهما يرتبط بالجانب الجنائي ويتم التعامل معه وفقا للترتيبات العدلية. هنالك سؤال حول دور الوزارة بعد خروج تنظيم عملية الحج والعمرة واعتبار أن الوزارة أصبحت دون صلاحيات تذكر؟ الحج والعمرة لم تخرج من الوزارة وهي أساسا وحدة خارجية يشرف عليها الوزير، والآن العمرة خصصت وفقا لاتجاه الدولة، والوزارة تضع اللوائح وتحاسب الوكالات، وفى الحج مايزال في يد الوزارة وتدريجيا ستخصص الحج وفقا لتوصيات سابقة، لكنه حتى الآن ماتزال معظم ترتيباته بيد الوزارة وحصة الوكالات ستزاد يوما بعد يوم، وصلاحيات الوزارة كبيرة وكل أسئلتك من اختصاصات الوزارة من الناحية الدعوية وملف الحج والعمرة من حيث التخطيط عند الوزارة المركزية والتنفيذ عند الولايات. أثيرت قضية إدارة الأوقاف السودانية بالسعودية فى الفترة الأخيرة هل ثمة ترتيبات لحسم هذه المسألة نهائياً؟ ما ذهب للعدالة وقالت فيه كلمته انتهى أمره، أما بالنسبة للأوقاف في السعودية فهي تشهد نهضة كبيرة كانت هناك إشكالات قانونية ووكيل الناظر لم يكن معيناً منذ فترة وبعض الأوقاف عين عليها ناظر سعودي خطأً فتمت مراجعات وألغيت وكالته، وتم تعيين ناظر اختير بعناية وهو د.عادل بترجي وهو رجل ذو صلة بالمسائل الدينية والتثمير والمال، وبدأ فيها خطوات عملية وهو يأتي بتقرير شبه شهري للوزير، وتوجد الآن عطاءات قدمت لاستثمار هذه المواقع وهي سبعة مواقع، ثلاثة في المدينة وثلاثة في جدة وموقع في مكةالمكرمة وبعضها انتهت تعاقدات إيجاره السابقة وسيتم إجراء تعاقدات جديدة تتناسب مع التطورات الجديدة وبسعر مناسب. هل يوجد نزاع مع السعودية في بعض الأوقاف؟ في جدة المواقع جيدة واستراتيجية وكانت هناك اشكاليات تم بموجبها إسقاط النظارة بالمحكمة وآلت النظارة لوزير الإرشاد والأوقاف، وسيأتي وكيله بالمقترحات الاستثمارية المناسبة. كما يوجد موقع في المدينةالمنورة في شارع ابوذر سيكون في المنطقة المركزية لتوسيع الحرم المكي، وبالطبع سيتم دفع تعويض مجزٍ بموجب المحكمة، وسيتم شراء مكان بذات الأهمية وبذات الأموال. تشير تقارير المراجع الى أن أموال الأوقاف تذهب فى منصرفات إدارية؟ أموال الأوقاف لا تذهب لجيوب الناس وحتى الوكيل عليها يكون مراقباً، لك أن تعلم أن أموال هذا الوقف اشترت الموقعين الآخرين بإشراف المحكمة. ماهى الإجراءات التى تم اتخاذها لتفادي ماحدث فى الفترة الماضية؟ نعم هناك تدقيق وسيكون هنالك وكيل فى مستوى المسئولية، وكذلك ستكون السفارة حاضرة، وسيكون هناك تقرير شهري يرفع لوزير الإرشاد والأوقاف بحضور أمين عام ديوان الأوقاف، وهذا يضبط الأمر بجانب الإمساك بالصكوك الأصلية. كيف هي أوضاع غير المسلمين في السودان بعد انفصال الجنوب؟ هم يعيشون في حرية ويؤدون صلواتهم. هنالك حديث عن إزالة بعض الكنائس؟ لا توجد إزالة إلا إذا كانت هنالك مخالفات بحسب وزارة التخطيط العمراني وبهذا الأمر أزيلت بعض المساجد أيضاً. هنالك تخريب لعدد من الأضرحة أيضا هل تم التوصل للجناة؟ لقد تم تجاوز الأمر بعد أن برّىء من اتهموا وبقيت المسألة فى طورها الجنائي والبحث عن الجناة، وتم طرق المسألة فقهياً وأبان الصوفية موقف الأئمة الأربعة الذى لم يعارض بناء القباب. يبدو أنك استفدت شخصياً من تلك الأحداث بعد غضبة الصوفية فتم تعيينك وزيرا لإرضائهم؟ لا أدري الظروف والتقديرات التي تمت بالتحديد، ولكن الذي أؤكد عليه أنه عندما تم تعييني وجدت عددا من الملفات اجتهدت فيها، وإذا كان التعيين إرضاء للصوفية باعتباري جزءا منهم فليس فى ذلك إشكال.