من أخبار نهاية العام الماضي أن المجلس الأعلى للثقافة والسياحة والإعلام بولاية الخرطوم الذي يرأسه الدكتور محمد عوض البارودي، أعلن سنة 2012 عاماً للسينما، وجاء في الخبر أنهم اتصلوا بأصحاب دور السينما لإرجاعها سيرتها الأولى، مؤكدين سعيهم الحثيث لسد النواقص في المواعين الثقافية وإزالة جميع العوائق التي تعترض الفنان السوداني". وكان رئيس المجلس، د. محمد عوض البارودي، يتحدث في ندوة بصحيفة "الوطن"، يوم الخميس 22 ديسمبر الماضي، وقال إن المجلس سيعمل على توظيف الثراء والتنوع الذي يتميز به السودان ليخرج منه إنتاجاً إبداعياً في كل المجالات داخلياً وخارجياً. والمهم في الأمر أن الوزير العائد من بريطانيا ذكر أن العام 2012 سيكون عاماً للسينما وإحيائها كنشاط ثقافي مهم، خاصة وأن السينما ما زالت تحافظ على دورها في تنمية المجتمع، خلافاً لما يثار بأنها تراجعت أمام الديجتل والفيديو، موضحاً أنهم شرعوا في اتصالات بأصحاب دور السينما للعمل على إرجاعها سيرتها الأولى. وفي الأيام القليلة الماضية قرأت تأكيدا لهذا المنحى من الوزير نفسه، وقد أعجبني أنه لا يقتنع بالمبررات التي تُرجع تدهور السينما الى انتشار الفضائيات وقد ضرب مثلا بماهو موجود في بريطانيا رغم ثورة الاتصالات حيث لا تزال السينما هناك تمثل أحد متنفسات الأُسر. ويحاول الوزير أن يعيد العبارة الشهيرة "أين تسهر هذا المساء" الى الوجود بعد أن شيعها الواقع الى دار الوثائق السودانية. كتبتُ عدة مرات حول هذا الموضوع ، وظللت أغتنم أية فرصة لإدارة حوار ونقاش حول "السينما في السودان والسينما السودانية" ويعلم المهتمون بهذا المجال الفرق بين هاتين العبارتين، ولعلنا نبدأ بالسينما في السودان ومن ثم يتم الاتجاه لإنتاج سينما سودانية وليس هذا ببعيد إذا توفرت الإرادة والطموح واستعدّ الجميع لإدارة المعركة بوعي وبموضوعية. ولتكن البداية حسب خطة الوزير باختيار مجموعة من دور العرض السينمائي العريقة وليكن الاختيار جغرافيا "سينما النيل الأزرق، سينما كلوزيوم، سينما حلفايا وسينما أمدرمان" على سبيل المثال بحيث تتم إعادة هذه الدور للعمل بطريقة مدروسة تحقق الهدف المنشود من جعل السينما في جدول سهرات الأسرة السودانية ، ويتم ذلك باختيار أروع وآخر الأفلام العالمية، والنجاح في المعادلة الدقيقة بين القيمة الفنية للأفلام والعامل التجاري هي الفيصل في ذلك. ويمكن أن يلتقط نادي السينما السوداني مثل هذه المبادرات ويسلط الضوء عليها من خلال نشاطه الراتب، وذلك بإقامة الندوات التي تهدف للارتقاء بالثقافة السنمائية للعامة والمتخصصين، ويتزامن ذلك مع الحديث عن السينما السودانية وربط الماضي بالحاضر استشرافا للمستقبل، ولابد أن يواكب ذلك اهتمام بالبرامج التلفزيونية التي تناقش الشأن السينمائي عبر القنوات السودانية المختلفة ويرتكز ذلك على النجاح الكبير الذي قدمه برنامج "عالم السينما" من قبل في التلفزيون القومي وإذا تكاملت هذه الأدوار فإن الناتج سوف يكون إيجابيا بكل تأكيد. ويجب أن يلتقط وزراء الثقافة والإعلام في الولايات مثل هذه المبادرات لتطويرها حسب ظروف ولاياتهم وتأريخها في هذا المجال، وضربة البداية يجب أن تكون في استرداد دور السينما التي تحولت الى دكاكين تجارية وثكنات عسكرية في بعض الأحيان!