(الفاشل لا أب له، أما الناجح فله ألف أب) هي من مأثورات الأقوال التي تجري مجرى المثل، وتعني أن الفاشلين يتهرب منهم حتى معارفهم الأقربون، أما الناجح المتميز فيتبناه كل من يعرفه ويبينون كيف أنهم قدموا خدماتهم لتحقيق هذا النجاح، ويسعى الأبعدون للتقرب منه. والبلاد على أعتاب افتتاح أكبر صرح اقتصادي بعد البترول الذي ذهب مقترباً للخط الاستوائي، وسد مروي، ألا وهو مشروع سكر النيل الأبيض الذي يستهدف منه إنتاج (450) طن سكر، ومائة مليون لتر مكعب من الايثانول، و(104) ميقاواط كهرباء، و(100) ألف طن من العلف الأخضر في السنة، أكبر مصنع في المنطقة العربية والافريقية، أمضي وأقول إنني واحد من الآباء الآلف لهذا المشروع العملاق، وإنني أعتز بذلك وإن لم يعتز أهل المشروع بأبوتي. يرجع تاريخ التبني هذا إلى الأسبوع الثاني من سبتمبر 2001م، وكنت حينها أعمل بصحيفة (الخرطوم) عندما تلقيت صورة خطاب من وزارة المالية مؤرخا بتاريخ (4/9/2001م)، يعفى بموجبه المدير العام لشركة سكر النيل الأبيض التي دشنت رسمياً قبل شهر واحد من تاريخ الخطاب وفي احتفال رسمي بقاعة الصداقة، وحدد الخطاب سبب الإعفاء في تصفية شركة سكر النيل الأبيض. وقد كان وقع الخطاب عندي كالصاعقة لما يحمله من تناقضات، كما أنه مثل لي مدخل مادة صحفية دسمة، وأجريت تحقيقا متكاملا رجعت فيه إلى الجهات المعنية من وزارة الصناعة، ووزارة المالية التي رفضت التعليق، وشركة سكر كنانة، وتجمع أبناء النيل الأبيض، الذي وفر لي الكثير من المعلومات، ونشر التحقيق في العدد (2815) من صحيفة الخرطوم الموافق السبت (22/9/2001م)، وكانت ردة الفعل سريعة من الحكومة وأبناء النيل الأبيض بالخارج وزادت جرعة الاهتمام به والترويج له للحصول على تمويل، بل مثل ذلك التحقيق قشة الإنقاذ التي تعلق عليها من نسيانه، بحسب وصف رسالة من أحد المغتربين بالسعودية حينها.. ومن هنا كانت أبوتي لمشروع ناجح بكل المعايير. حيث بررت وزارة الصناعة الإعفاء وقتها بتقليل التكلفة، وإعادة هيكلة الشركة، فيما استبعد حسن ساتي المدير العام لشركة سكر كنانة الهندسية (الشركة المنفذة) حينها، ومدير شركة سكر النيل الأبيض الحالي وجود ما يزعج، وإن كل أبناء الولاية يعملون معهم جنباً إلى جنب لإنقاذ الموقف. سبحان الله تكاد هي ذات العبارات التي استخدمها في آخر زيارة لي للمصنع الشهر المنصرم، عندما قال إن الإنسان هو المستهدف، ولذلك حرص المشروع على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بلغت تكلفتها (71.7) مليار جنيه.