عمران الجميعابي تلفزيون الجزيرة.. ولد عملاقا ومات قزما تلفزيون الجزيرة هذا المبنى الذي ولد عملاقا اصبح للرثاء والحسرة على عزيز قوم ذل. سجلت زيارة إلى احد استوديهات التلفزيون كدت ابكي قبل الدخول إلى الاستديو فشاهدت مدخل قسم الديكور فبابه (مخلع) ومتآكل ويعكس مدى الاهمال في ابشع صوره فتحسرت الف مرة على ما كان عليه الاستديو قبل سنين عددا كنت قد دخلتها من قبل وشاهدت انضباطها وشياكتها واناقتها والآن اراها وهي تحتضر فالآن ادارة الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون استغلت المساحة بفناء المبنى بزراعة (الليمون ) بدل العمل بالارتقاء بالنهوض بالتلفزيون حتى ينطلق من المحلية ويصبح فضائية فأصبحت صورة (التلفزيون ) ليست للمشاهد بل للمارة شجر الليمون الذي يسر المارين. ونعود لخلفية انشاء تلفزيون الجزيرة الريفي في سبعينيات القرن الماضي كتجربة رائدة في مجال الاعلام تضمنت رسالته قضايا الانتاج الزراعي باعتبار انه داخل مشروع الجزيرة اكبر مشروع زراعي تحت ادارة واحدة في العالم وكانت الخارطة البرامجية تحتوي كل ما يرتبط بالتنمية البشرية اضافة إلى التوازي مع البرامج العادية برامج التلفزيون التعليمي كالارشاد الزراعي والارشادات الصحية اضافة إلى الرعاية الصحية الاولية نسبة لوجود امراض مستوطنة مثل الملاريا والبلهارسيا ثم توسعت الخارطة البرامجية بحكم أن الجزيرة قد حظيت بالاستقرار وخدمات التعليم ووجود النخب من مهندسين واطباء وعلماء هيئة البحوث الزراعية والدارسين ثم اساتذة جامعة الجزيرة وانضم إلى التجربة مجموعة من الادباء فتم تنفيذ برامج ثقافية واجتماعية ولكن خلال التسعينيات ومع تضخم الجهاز التنفيذي والتركيز على النشاط السياسي اخذ التلفزيون يفقد خصوصيته وتقلصت مساحة الابداع الحقيقي في الوقت الذي ظهرت فيه الفضائيات داخل وخارج السودان واصبح تلفزيون الجزيرة يفقد مشاهديه الذين ظلوا يذكرون برامج تلك السنوات على شاشة تلفزيون الجزيرة تبث برامج (محراب الآداب والفنون وهذا المساء نداء الحصاد اصوات وأنامل يوميات صحفي ) برامج كان وراءها مبدعون حقيقيون. ولكن السؤال الذي يسأله العاملون بالتلفزيون الآن لماذا نجد ونتعب في عملنا ؟ وما المردود ؟ هل يشاهدنا احد؟ هل يسمعنا مواطن ؟ تلفزيون الجزيرة انشئ منذ سبعينيات القرن الماضي ما المردود؟ وما الحصيلة؟ وهل اجريت دراسة اعلامية احصائية لنسبة المشاهدة ام اننا نمارس الهراء على الهواء ؟ فتلفزيون الجزيرة حمل معه ذكريات جميلة عاشها جميع مواطني الولاية ببرامج جميلة حفرت على مر الزمان بذاكرتنا فأغلب التلفزيونات الولائية التي جاءت بعده تطورت واصبحت فضائية يشاهدها العالم وليس على نطاق الوطن وعلى سبيل المثال فضائيتا البحر الاحمر وكسلا اللتان اصبحتا فضائيتين تعكسان الوجه المشرق لمواطن الولاية. والآن تلفزيون الجزيرة يموت اكلينيكيا ولابد من ثورة وتدخل سريع من قبل والي ولاية الجزيرة بالدفع بإدارة فاعلة تنهض بالتلفزيون وتحوله إلى فضائية، ادارة ذات تخصص ليست ادارة ترضيات قبل أن يصبح تلفزيون الجزيرة جثة ونعلق شواهد مكتوبا عليها (هنا كان تلفزيون الجزيرة ) ولد عملاقا ومات قزما. ونواصل في الحلقه القادمة ونحدثكم عن اذاعة ودمدني وسر استمرارية ملتقى الاصدقاء والثلاث جنيهات حافز نشرة الاخبار ..