بزنس الاختطاف.. رحلة البحث عن طرائد بشرية تقرير: محمد حمدان هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته وضعت الخطة بإحكام لاختطاف الامريكي الذى يعمل فى إحدى المنظمات الأجنبية بنيالا، فبعد ان باغته مسلحون وتحت تهديد السلاح اجبروه على ركوب سيارتهم ذات الدفع الرباعي وفى لمح البصر غادروا الى كهوف جبل مرة. تراجيديا لا يصدقها العقل إلا لمن عاش أيامها السود، دهاليز مايدور فى عالم عصابات الإجرام والاختطاف. أسباب مالية تنامت فى الآونة الأخيرة ظاهرة اختطاف الأجانب فى دارفور، وقد انتهز مئات المجرمين فرصة الانفلات الامني للقيام بعمليات اختطاف وطلب الفدية المالية مقابل الرهينة المحتجز لديهم بادئين بالأجانب وتطور ليشمل كبار رجال الأعمال والأطباء وكل من يعتقدون استعداد ذويه لدفع فدية مالية كبيرة مقابل إطلاق سراحه وتكمن المفارقة ان معظم المختطفين يعملون فى منظمات إنسانية لخدمة ضحايا النزاعات والكوارث، وانتشرت قصص عديدة عن هذه العمليات والمساومات التى تجرى لتخفيض الفدية المطلوبة. تنقسم جماعات الاختطاف الى شريحتين، الاولى تتمثل فى الحركات الحاملة للسلاح وهدفها من الاختطاف تشكيل ضغط على الحكومة ولفت الرأي العام الى وجودها بالاقليم والمساومة بالرهائن، مثل اختطاف الصينيين من قبل الحركة الشعبية فى جنوب كردفان وكذلك اختطاف الاتراك من قبل حركة العدل والمساواة فى دارفور فى سبتمبر 2011م. أعمال هذه الشريحة انحسرت مؤخراً، أما الشريحة الأخرى هى عصابات مسلحة خارجة عن القانون هدفها جمع أكبر قدر من المال، قوام تلك الشريحة هم الفاقد التربوي وجماعات النهب المسلح السابقة وموقعي الحركات الذين لم تنفذ ترتيباتهم الأمنية. نشاط هذه الشريحة ظل فى تنامٍ وبدأ يتخذ اشكال متعددة. متابعة ورصد يقوم الخاطفون برصد تحركات ضحاياهم فى داخل مناطق النزاعات ومتابعتهم بدقة ويسعون فى بدايه عملياتهم لجمع اكبر قدر من المعلومات عن الشخص المستهدف وتحديداً مكان عمله وسكنه والمنظمة التى يعمل بها ويروي مصدر مقرب لمجموعات الاختطاف التى تنشط بولاية جنوب دارفور نيالا ل(السودانى) مفضلاً حجب اسمه تفاصيل عمليات الاختطاف، مشيراً الى أنها تبدأ بعمليات الرصد والمتابعة لفترة طويلة تصل الى اكثر من سنة أحيانا تبدأ بجمع معلومات أولية عن الشخص المستهدف ومكان عمله وسكنه وعلاقاته وحدود تحركاته والجهة التى ينتمي اليها منظمة ام شركة ام غيرها والطرق التى يسلكها فى الوصول الى عمله وتحركاته منفرداً ام مع جماعة واماكن جلوسه بل حتى المحلات التجارية التى يتسوق فيها، ويضيف: "الأهم معرفة القدرة المالية للشخص المراد خطفه والمؤسسة التى ينتمي لها ومدى مقدرتها المالية على دفع ما يطلبه المختطفون حال تنفيذ عملية اختطافه، ومن ثم تبدأ رحلة اصطياد الشخص المستهدف ودائماً هنا تكون المتابعة لصيقة ويتم التركيز على زمن خلو الضحية وتستمر حتى القبض عليه عبر تهديده بقوة السلاح ووضعه فى حراسة مشددة والاتجاه به الى المخابئ، ويلفت ذات المصدر السابق الى ان معظم اماكن وجود الرهائن تتركز فى كهوف و(كراكير) جبل مرة ويمثل الملتقى الرئيسي لعصابات الاختطاف الذى فيه تنقسم الى قطاعات اهمها قطاعات غرب وشمال وشرق جبل مرة وهنالك معسكرات رئيسية تتمركز فيها تلك العصابات اهمها معسكرات (بلدونق، سرونق، كورنى، وجبال كاورا، اوسجى) وتتركز شبكات الاختطاف فى عواصم ولايات دارفور، ويوضح حديث رجل الاعمال بمدينة نيالا إسماعيل جمعة الذى اختطف فى اغسطس 2011م فى حوار سابق مع (السودانى) أنه وضع فى كهوف جبل مرة لمدة (15) يوما متنقلا بينها، مشيراً الى أن أقل غار عمقه (300) متر تحت سطح الأرض، وقال جمعة إن اختطافه تم بعد مضايقته من قبل مسلحين على متن عربتي لاندكروزر عبرتا أمام عربة شرطة ومن ثم امام ناس الدفاع الشعبى بموقف الجنينة فى نيالا ويضيف كلما نقترب من نقطة من النقاط على الطريق هم يعملوا (إشارة) ويفتح لهم الطريق وواصلوا فى سيرهم الى ان استقروا به داخل كهوف جبل مرة. نماذج اختطاف فى الايام الماضية تجددت عمليات الاختطاف بدارفور، حيث تم اختطاف ثلاثة موظفين اثنان منهم يعملان في منظمة "غول" (هدف) الإيرلندية وفقاً لبيان المنظمة التى قالت إنهم خطفوا "من قبل مجموعة غير معروفة لدى تنقلهم خلال مهمة روتينية قرب مدينة كتم شمال دارفور"، ابتدرت عمليات الاختطاف بسيارات المنظمات الاجنبية العاملة فى الحقل الانساني بدارفور وتنامى ذلك الى ان شكل هاجسا أمنيا للأجهزة المختصة وبعد دفع فدية مقابل الافراج عنها، وتعتبر عملية اختطاف موظفين من منظمة أطباء بلا حدود عام 2007م اكبر عملية ونقطة تحول لفتت الانتباه، وتطورت حتى اصبح الجنس اللطيف تحت المرمى فقد تم اختطاف امرأتين كندية وفرنسية فى 2010 بعد الفرسان فى جنوب دارفور، ولاحقاً اختطاف ابن التاجر فضل الله نصر الدين بنيالا فى العام 2008م، وقد شهد 2010 تطوراً فى عمليات الاحتطاف ففى 24 يوليو 2010م اختطف ألمانيان يعملان في منظمة الإغاثة "تي اتش دبليو" (THW) الألمانية، كما اختُطف فى نهاية اغسطس من العام 2010 طياران روسيان يعملان في شركة طيران البدر، كما تم اختطاف أربعة من جنود القوات الدولية المكلفة بحفظ الأمن في الاقليم وكان الجنود الأربعة من جنوب أفريقيا، كما تم اختطاف الطبيب الإيطالي فرانشيسكو أدرا 34 سنة وهو يتبع لمنظمة (Emergency NGO). رحلة التفاوض بعد رسو رحال الخاطفين بصيدهم بمكان إقامتهم داخل معسكراتهم وبعد فك (معصب العينين) الذى يوضع على وجه الرهينة عند الاختطاف، تبدأ رحلة التفاوض والاتصال مع الوساطة ليشكل ذلك خيط ضوء لمكان المختطف بالنسبة لذويه اما الخاطفين فلا يترددون فى طرح مطالبهم وأغراضهم، وهنا تقوم الوساطة بلعب دور فاعل بين الخاطفين ومؤسسة او جهة الرهينة، وبعد اجراء الاتصال بالوساطة يطرح الخاطفون المبلغ الذى يريدون ويفيد أحدهم بقوله لا مراوغة فى تحديد المبلغ "تدونا حقنا كاش ونسلمكم زولكم دا"، الى أن يتم الاتفاق حول المبلغ المطلوب، وللوساطة نصيب بعد نجاح الصفقة، إلا أنها دائماً ما تواجه بعدم ثقة من قبل الخاطفين تلك الشكوك تحوم دائماً حول علاقتها بالأجهزة الأمنية لذا يحدد مسبقاً كيفية التعامل مع الوساطة ولقطع تلك الشكوك يشترط الخاطفون على الوساطة (أداء القسم) لضمان عدم الإفصاح والإبلاغ عنهم لدى أي جهة، أما المبلغ فيحدد بناءً على نوعية وجنسية الخاطف ويتصدر الأجانب من دول امريكا واوروبا (الخواجات) قائمة الأعلى فدية ويليهم العرب ومن ثم الافارقة ومن ثم السودانيين، بعد استلام مبلغ الفدية يقوم الخاطفون بتسليم الرهينة الى الوساطة التى بدورها تسلمه الى الحكومة او جهة عمله، بعد تلك العملية يغيب الخاطفون عن مدنهم التى يتواجدون بها لفترة تتراوح مابين 6 أشهر الى سنة يذهبون لمنطقة لا يعرفهم فيها أحد، لكنهم يستمرون فى تجنيد خاطفين جُدد توكل اليهم مهمة تنفيذ اختطافات جديدة بعد إعداد كامل للسناريو.