(القلد) .. حكاية عرف أصبح قانوناً في شرق السودان تقرير : هاجر سليمان يقول رئيس محكمة ديم عرب بالبحر الأحمر وعضو مجلس الصلح أمام محاكم الأحوال الشخصية القاضي عمر آدم علي إن هنالك قوانين مستمدة من الأعراف المحلية في شرق السودان ،حيث أصبحت مصدراً من مصادر التشريع ويلجأ إليها القضاة لحل الكثير من القضايا التي قد تقود لاختلال أمني على أوسع نطاق. من ضمن تلك الأعراف يقول محدثي عمر آدم هو (القلد) وهو عرف أصبح قانوناً سارياً ويلجأ إليه القضاة للفصل في المنازعات وتجتهد الشرطة في قيادة دفة التوقيع عليه من قبل الأطراف المتنازعة التي ربما تكون شخصين أو قبيلتين يوقع نيابة عنهما زعماؤها أوالعمد، وكشف مولانا عمر بأن محكمته فصلت في أكثر من (50)قضية (قلد) منذ مطلع 2014م وأوضح بأن (القلد) تتمثل فكرته في أنه عبارة عن قسم يوضع بين شخصين أو قبيلتين فيقسم أحد الأطراف بعدم الاعتداء على الطرف التاني وأنه مسؤول مسؤولية تامة بالالتزام بالقلد وإن كان هنالك أي شخص حاول التفلت أو عدم الالتزام بالقلد يقوم الموقع على القلد باحضاره للشرطة لمعاقبته فهو دائماً يقام بين الأطراف المتنازعة في جرائم مختلفة كجرائم القتل العمد والأذى والجرائم المتعلقة بالنزاعات الأهلية حول الأراضي وغيرها من النزاعات التي يقود الاستمرار فيها إلى انفلاتات أمنية وأشار بأن قضية القلد تحول إلى المحكمة المختصة من قبل قاضي المحكمة العامة وأضاف مولانا عمر بأن شرق السودان هو من أكثر المناطق في السودان عملاً بقانون القلد وتطبيقه حفظاً للأمن والسلام موضحاً أن القلد يعرف بغرب السودان ب(الجودية) ، لافتاً إلى أن القلد ينتظم حل المشكلات والنزاعات. ويضيف القاضي عمر أن أشهر قضايا القلد وقعت في الخمسينيات من القرن الماضي وتعتبر من أغرب قضايا القلد آنذاك نسبة لأنها وقعت بين شخص وهو من أشهر العمد والمشائخ آنذاك ويدعى (دربكاتي) وبين حيوان وهو (الثعلب) وأضاف عمر بأن ذلك الثعلب كان قد اعتاد على أن يأكل أغنام (دربكاتي) وهو عمدة قبيلته آنذاك فغضب غضباً شديداً وطالب أفراد قبيلته بقص أثر الثعلب وإحضاره حياً وبالفعل خرج فزع من أهالي القبيلة وقصوا أثر الثعلب حتى لحقوا به وقبضوه وأحضروه حياً إلى العمدة دربكاتي ووضعوه أسيراً داخل قفص واجتمعت القبيلة حول زعيمها لترى ما هو فاعل بالثعلب فصمت برهة وتحدث دربكاتي قائلاً لقومه والثعلب داخل قفصه يرقب الجلسة عن كثب فقال: يا قوم .. هذا الثعلب أسير بيننا ولو وجهنا له تهمة فلن يستطيع الدفاع عن نفسه لذلك نحن نطلب منه ونستحلفه إذا كان يسمعنا ويعي حديثنا أو لا يسمعنا بألا يأكل من أغنامنا .. وأمر بإطلاق سراح الثعلب وبالفعل أطلق سراحه ومن يومها لم يأكل الثعلب من أغنام دربكاتي، على حد ما جاء في تلك الرواية .