لواء مهندس ركن أمين إسماعيل مجذوب مشهد أول ... أطنان من الفراخ الفاسدة إما بسبب موتها أو إصابتها بمرض أدى لاعتبارها غير صالحة للاستخدام الآدمي ، تلك الكميات تذبح وتغلف وتباع للمطاعم والكافتيريات لتقدم للمواطن المنهك من تضاريس الحياة ومكابدة مشاق العمل والذي يحلم بوجبة متوسطة تقيم أوده ، فتضبط بواسطة شرطة النظام العام ويكون معظمها قد ذهب الى البطون الجائعة تحت جنح الظلام ، وتبقى القليل الذي ظهر على الشاشات والصحف . مشهد ثان ... كميات من اللحوم الفاسدة والمعدة للبيع في أطراف العاصمة ( كرش الفيل ) تضبط بواسطة الشرطة والسلطات الصحية ولكن من غير المحدد أن القصاب كان في رحلة العودة بعد التوزيع أم أنها الطلبية العاشرة التي أعدت للتوزيع وقادها حظها العاثر لتضبط بواسطة السلطات . مشهد ثالث ... أطنان أخرى من الأبقار النافقة ذبحت وتم تدويرها داخل مصانع ( تحت السلم ) لتخرج في عبوات جميلة في صورة بيرقر وسجوق ولحمة مفرومة وهوت دوق ومارتديلا ، حمراء لونها تسر الناظرين كاملة الدسم ، الله وحده يعلم كم بيع منها من قبل ومن هم أصحاب الحظوة بتناول تلك الشطائر والطلبات الشهية ، قبل ضبطها بواسطة العين الساهرة واليد الأمينة . يجد كل محلل اقتصادي أو إجتماعي أو أمني صعوبة بالغة في سبر أغوار هذه الظاهرة القبيحة والخطيرة الدخيلة على هذا الوطن البعيد كل البعد عن تلك الممارسات في تاريخه القديم والحديث ، أسباب عديدة يمكن أن تكون جاءت بهذه الأغذية الفاسدة ، وفي العاصمة تحديداً ، أولاً .. اللجوء من دول الجوار والنزوح من مناطق النزاعات الداخلية أوجد طبقة مغامرة تمارس تجارة التجزئة في المواد الغذائية بدون ضمير أو أخلاق ولديها ظروفها الخاصة التي جعلتها تعاني في كسب سبل العيش ، وبالتالي لا تبالي إلاً ولا ذمة في كسب المال الحرام وإن أضر بالمجتمع وأدخلها في مخالفة شرائع الدين الحنيف ، ثانياً .. ضعف الرقابة ومشاريع تربية الدواجن وأصحاب قطعان الماشية القادمة للعاصمة من الولايات ، حيث يجد المستخدمين والعمال ضالتهم في اللحوم المستبعدة لأسباب بيطرية بعد الذبح وكذلك الماشية والفراخ المستبعدة قبل الذبح ، أما النافق من كل الأنواع فيترك لهؤلاء العمال للتصرف فية دون رقابة من صاحب العمل فيجد طريقه للذبح ثم الآسواق وصولاً للمواطن المغلوب على أمره بين رخص السعر ومجهولية المصدر ، ثالثاً .. عدم توفر الإمكانات المادية ووسائل الحركة والأجهزة للقياس والمعايرة والفحص الواجب توفرها للسلطات الصحية والإدارية على مستوى المحليات والوحدات الإدارية المناط بها مراقبة وفحص المطاعم والسلخانات في أطراف المحليات وقطعان الماشية المنتشرة كالسوار في المعصم في كل أطراف الولاية ، ومشاريع تربية الدواجن الطرفية ، عدم توفر تلك الإمكانات أخل بمنظومة المراقبة والفحص والإبادة وبالتالي سهولة التجريب من قبل المخالفين والطمع في كسب المال الحرام ، رابعاً .. جشع وطمع بعض أصحاب المطاعم في شراء اللحوم والفراخ بأسعار رخيصة جعلهم يغضون الطرف عن المصدر في إنتهازية وبراغماتية لم يشهد لها السودان مثيلاً من أجل الإغتناء وتغذية حساباتهم بالمال الحرام الملوث بعذابات الناس ، ومثلهم بعض المتعهدين الذين يوردون لحساب عطاءات مستمرة لجهات عديدة منها العام والخاص وهم لا يملكون قطعان للماشية أو مزارع لتربية الدواجن وإنما سماسرة في سوق الله أكبر . هنالك آثار صحية تترتب على تناول لحوم الماشية والدواجن النافقة تتمثل في حالات التسمم المفضية للموت التي يمكن أن تحدث لمن يتناولها ، إضافة للإصابة بالإلتهابات في أغشية البطن ، وتؤدي لمضاعفات خطيرة لمرضى الضغط والسكري ، ومرضى القلب والشرايين لاحتواء تلك اللحوم الفاسدة على كميات كبيرة من الدهون إضافة للتعفن الذي يحدث لها بعد النفوق . محاربة هذة الظاهرة الدخيلة والتجارة الفاسدة تستلزم التوعية الدينية عبر المساجد ووسائل الإعلام والصحف لتوضيح مخاطر تلك اللحوم الفاسدة على صحة الإنسان والسلوك العام بالدولة ، كذلك قيام اللجان المجتمعية بواجباتها الوطنية نحو كشف مثل هؤلاء المجرمين الذين يتاجرون بأرواح أبنائهم وأسرهم ويستترون بالمواقع الطرفية المعلومة للعديد من المواطنين القاطنين في تلك المناطق أو جوارها ، الأخذ بأسباب القوة للجهات الحكومية ( الصحية الإدارية الشرطية ) لاجتثاث هذة الظاهرة في أقرب وقت ممكن ، تعديل القوانين بوضع عقوبات رادعة لممارسي مثل تلك المخالفات تصل حتى الإعدام وهنالك دول عديدة نفذت تلك الأحكام القاسية وأوقفت مثل هذة الممارسات في وقتها ، مثل الصين والعراق وإيران وغيرها من الدول الأخرى ، تفعيل الرقابة على المطاعم وأماكن بيع اللحوم في الأحياء ومنع بيع أي ذبيح أو دواجن دون وضع ختم الجهات الصحية المختصة ونشر وتوعية المواطن بتلك التوجيهات عبر خطة إعلامية اجتماعية أمنية يتفق عليها ولجمعية حمابة المستهلك سهم نبيل نحو التوعية والمحاربة وأتمنى أن تجد مجهوداتها الدعم والمساندة . نظرية المؤامرة تشير الى أن هنالك من يعمل على جرالمواطن نحو كراهية الوطن ، وإصابته بالإحباط المجتمعي برعاية وتنفيذ مثل هذة الممارسات اللا أخلاقية ، وكذلك جرائم اغتصاب الأطفال ، وعمليات القتل الممنهجة ، والفساد المالي والفساد المجتمعي والأغاني الهابطة ، والأزياء الخليعة والتعري الفاضح في المناسبات العامة والخاصة ، ولابد من وقفة للدولة وبإستراتيجية واضحة تحدد المهددات والتهديدات والسياسات المواجهة لها والمعالجات الآنية والمستقبلية ويا حبذا لو أدمجت بالبرنامج الخماسي الإقتصادي ، والبرنامج الخماسي السياسي للدورة الإنتخابية القادمة .