هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته عبدالرحمن ابوالقاسم محمد _ 0912841178 التدويل وإستمالة المعارضة غير الرشيدة مصطلح التدويل من المفاهيم التي ترتبط بالعلاقات الدولية ، ولكن هو مفهوم غير متداول في البحوث العربية المعاصرة ويرجع تاريخ مفهوم التدويل إلى الدراسات الاجتماعية للقرن التاسع عشر إلى العلماء الغربيين حينما كانت تسعى النظرات والصيحات العالمية إلى إقامة التنظيم الدولي ، وقد تكرر هذا المفهوم أيضا في الفكر الألماني حينما تم التطلع إلى إقامة ترابط دولي ينظم العالم قبل الحروب العالمية، وكان على اثر هذا المفهوم إقامة عصبة الأمم ثم الأممالمتحدة . من المعروف أن كل دولة هي جزء من المنظومة الدولية ولا ضير في هذا ولكن هنالك صقور وحمائم في هذه التكتلات الدولية , فهنالك دول صاحبة نفوذ وتسيطر على الدول الاخرى وتؤثر عليها ولا تتأثر بها ,فالأولى هى تلك الدول الامبريالية اما الثانية والتى لا قرار لها الا الاصغاء والاتباع فهي تلك الدول الحمائم النامية التى لا حول لها ولا قوة . الدول الامبريالية المتسلطة دائما ما تتدخل بصورة او بأخرى في الشؤون الداخلية لتلك الدول الحمائم وغالبا ما يرتبط ذلك التدخل بمصالح الدول الكبرى , ولذلك نجدها تحاول دائما استمالة الانظمة القائمة في دول العالم الثالث للسيطرة عليها وقيادتها الى ما يحقق مصالحها , واذا فشلت تستميل المعارضين للضغط على الانظمة حتى ولو عسكرياً , وخصوصا اذا نظرنا الى هذا الجانب من خلال الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي , مهما تمسكت الدول النامية بعدم انحيازها لاي من المعسكرين نجدها لا تقوى في الاستمرار في عدم انحيازها . ولا عجب أن تدعم الامبريالية الانظمة والمعارضات في الخفا في أن واحد للتوازن القوى وتطيل امد الصراع . الاداة التى تمارس بها الدول الامبريالية سلطتها وسيطرتها على العالم مستمدة من تلك التكتلات الدولية المالية والاقتصادية والعسكرية . اما الاداة الاخرى للدول الامبريالية للضغط على الدول فتتمثل في استمالة معارضة تلك الدول ودعمها بشتى السبل ,ولذلك نجد عندما تكون المعارضة غير رشيدة وتهدف فقط الى افشال الانظمة القائمة ولو على حساب الوطن ودمار المواطن كأن لسان حال تلك المعارضة يقول (في سبيل القضاء على الانظمة , الغاية تبرر الوسيلة ) , ويظهر هذا جليا عندما تستجدى المعارضات الدعم من الخارج لتحقق اهدافها من ناحية واهداف واجندة من يدعمها من جهة اخرى وبل تتعامى هنا المعارضة عن حجم الاستهداف الخارجي وأثره على الرغم من ادراكها لذلك وتعتبر أن ما يعرف بالاستهداف الخارجي ما هو الا تبرير لفشل الانظمة . فالأزمة التى تعيشها بعض الدول الآن سببها الانظمة ومعارضيها في أن واحد , الانظمة بسبب ممارساتها الخاطئة للسياسة واسلوبها الاقصائي والاستعلائي , والمعارضة بسبب استجدائها للدعم من الخارج والتعامى عن اجندة الخارج , ولذلك لابد من الاتزان ينبغي على الانظمة الا تجعل الاستهداف الخارجي شماعة تعلق عليها اخطاءها وإقصاء معارضيها وعلى المعارضين الا يتعاموا عن الاستهداف الخارجي ويتحولون الى اداة للخارج فقط انتقاما من الانظمة الحاكمة . سرعان ما يتبادر إلى الاذهان عندما نسمع كلمة معارضة بأن المقصود بها الممانعة او التضاد او العدائية واستعمال كل الوسائل المشروعة وحتى وغير المشروعة لمناهضة الحكومة وافشالها , فهذا يعتبر فهما خاطيئا للمعارضة . كلمة معارضة مشتقة من الفعل يعترض , فالاعتراض حيال اي موضوع لابد أن يكون موضوعياً بعيد عن الذاتية وبحيثيات ومعايير موضوعية تراعي المنطق والمضمون والفهم الصحيح والمصلحة العامة وايجابية الاداء وحرية الارادة والبعد من والاصغاء للاملاءت , فالاعتراض من اجل التصحيح يتطلب الثقافة والمعرفة المتعمقة والافق الواسع والحيادية , فهذا يقودنا للنقد البناء والذي يعتبر من اولويات عملية المعارضة إن صح التعبير ومن اهم محاورها , فالنقد البناء يفعل كما يفعل الالم في الجسم فينبهنا إلى أن هنالك شيئا غير طبيعي ولا يسير في مساره الصحيح , فأول ما يقوم به المريض هو التشخيص لاكتشاف سبب الالم ومن ثم البحث عن العلاج , فالتشخيص يحتاج إلى متخصص والارشاد والتوجيه واعطاء العلاج يحتاج إلى متخصص ايضاً , والتماثل إلى الشفاء يتطلب اعتراف المريض بعلته , فإذن لا يتم النقد البناء الا عن طريق متخصص وخبير في دروب السياسة , والخبرة لا تتأتى الا بالعلم والمعرفة واتساع الافق وتوفر الارادة الوطنية والقدرة على القيادة والاقناع والحيادية والوعي بكل جراحات الوطن وسقم اعضائه والموضوعية ونكران الذات , وهكذا ينبغي أن تكون المعارضة الرشيدة . وليس من المنطق أن نطلق على كل سلوك مضاد للحكومة او للدولة بالمعارضة . إن لم تكن المعارضة مدركة بسياسة الدول الامبريالية تجاه الدول الاخرى , يؤدي ذلك حتما الى ما لا يحمد عقباه , وظهر هذا جليا في ثورات الربيع العربي التى بدأت بإرادة الشعوب وتطلعها للتغيير ولكن سرعان ما تم استمالة تلك الرغبة بالتدخل الخارجي لتنفيذ ما يعرف بالفوضى الخلاقة , وتغير مسار الثورة الى فوضى واغتيال كامل او تهتك جزئي لتلك الدول التى كانت يوما من الايام ذات سيادة ومؤسسات رغم اخفاق انظمتها , ذلك الاخفاق الذي تمخضت عنه معارضة غير رشيدة تستجدي الدعم من الخارج وهاهي النتيجة واضحة للعيان بعد استمال الخارج المعارضة وتحولت الى اداة . واخيرا ينبغى أن تكون المعارضة متزنة ذات برامج ونقد بناء يصحح مسار الحكومات ولا تكون اداة تسعى الى التدويل ووجها آخر لتنظيم خارجي حتى لا تغتال نفسها سياسيا في الداخل , ولابد أن تكون ذات اهداف وطنية موضوعية لا اهداف ذاتية , السلطة في مقدمتها , فكلما سعت المعارضة الى التدويل والعنف كلما اغتالت نفسها سياسياً وتحولت الى مارد من وجهة نظر المواطنين قبل الانظمة . لماذا المواطنون في دولنا النامية غالباً ما يلتفون حول العسكر عندما يكونون شغوفين بالتغيير ؟ تكمن الاجابة في أن التغيير هنا من داخل الوطن لايحمل في طياته اجندة خارجية خفية ولكن ربما يحمل اجندة احزاب او يكون من خلفه احزاب أو حزب ولذلك تناهضه احزاب اخرى وتتحول الى معارضة وتبحث عن مصدر للاستقواء وتجد الخارج لها بالمرصاد , ونذكر هنا عندما خرج التجمع الوطني الديمقراطي على الحكومة وحاول الضغط عليها بكل السبل حتى وافق على تقرير مصير الجنوب دون أن يضع اي بعد استراتيجي في الحسبان ووضع او لبنة لانفصال الجنوب ولاسيما أن هذا توافق تماما مع من يريد أن يقسم ويفتت الدولة السودانية وكانت نيفاشا تكملة لهذا السيناريو . وما يؤسف نجد أن المعارضة تدور في حلقة مفرغة واذا استسلمت للخارج تكون مسلوبة الارادة متأرجحة في قراراتها , تفاوض من اجل طرف ثالث وتتمرد وتخوض احيانا حربا بالوكالة ضد مواطنيها وليس ضد الانظمة كما تزعم .(لنا لقاء بمشيئة الله)