درج مجاهدوا معسكرات خالد بن الوليد على إقامة إفطار جماعي في كل رمضان بمنزل العميد معاش ود إبراهيم بجبرة ولمدة ثمانية عشر عاما خلون وإلى الآن. وكان الإفطار يجمع المجاهدين الذين التقوا في أحراش الجنوب والشرق، وكان يقوم على شعارات الجهاد والاستشهاد والتكبير والتهليل والأناشيد الحماسية، أما في الإفطارين الأخيرين فقد تبدل الحال والمآل وأصبحت الدعوات تقدم بالاحتفاء والاعتذار وتطييب الخواطر، ولا تعبأ بإخوان الجهاد الأوائل والذين ما زالت أيديهم على الزناد.. أصبح الإفطار وكأنه يقام للمكايدات والمزايدات. في الإفطار السابق قدمت الدعوة والتشريف لقيادات جيش التحالف الديمقراطي العميد / عبد العزيز خالد وأحد قيادات جيش الأمة وتشرفوا بمخاطبة الاحتفال وكرموا وشكروا العميد ود إبراهيم صاحب الدعوة على خروجه على الدولة واعتذاره عن مُجَاهَدَات المجاهدين حيث قال العميد عبد العزيز خالد في خطبته: ".. وبعد أن سفه الحكومة وقتالها من أجل فرض الشريعة وتمكين الدين".. وحمد وأشاد بالعميد ود إبراهيم لخروجه عن الإنقاذ ومشروعها وأنه ولو جاء متأخرا فقد رجع للحق والحقيقة، وهو أن أهل الإنقاذ لم يكونوا يسيرون على طريق صحيح، ثم أعقبه قيادي من الأمة ولم يخرج عن مقالة قائد التحالف الوطني. الآن وفي افطار هذا العام أضاف إلى الطاقم القديم مستشار جون قرنق القائد الأعلى للتحالف ولجيش الحركة الشعبية الدكتور منصور خالد بالإضافة إلى العميد عبد العزيز خالد وآخرين من أحزاب المعارضة اليسارية، وكذلك دعا الدكتور غازي صلاح الدين رفيق مذكرة أحداث سبتمبر وحزبها الإصلاح الآن، وكذلك الشيخ الترابي. وتحدث الشيخ الترابي في الإفطار حديثا مقتضبا، مطالبا المجاهدين بتذكير الحاكمين والسلطان بالآخرة - طالبهم بالتذكير فقط ولم يقل الخروج عليهم - وهذه من عندي! ثم حذرهم من أن يفتنهم المال كما فتن الكثيرين.. وقال موجهاً حديثه للعميد ود إبراهيم إن على السلطان أن يعلم أن الحكم لله، وأضاف: "مضت فترات كانت رايات الجهاد عالية ولكننا يجب أن نسترضي من جاهدوا معنا حتى لا يحاصروننا أو يغضبوا علينا"، وأحسب أن الشيخ هنا يعني الإخوان الذين خرج عليهم ود إبراهيم.. ثم قام العميد محمد ود إبراهيم مخاطباً الجمع قائلاً: "إن هذا الإفطار عمره [18] عاماً ويضم مجاهدين التقوا في الأحراش من أجل وحدة البلاد"!! وأضاف أن الإفطار يمثل رسالة لوحدة أهل السودان! داعياً القوى السياسية للحفاظ على البلاد واحدة موحدة، فماذا يعني هذا الكلام يا ودابراهيم؟ على الأقل المجاهدون الأوائل لم يكونوا يجاهدون ويستشهدون من أجل الوحدة!! وإن كان الأمر كذلك فهل ذهب حاج نور وعلي عبد الفتاح وعصفور الجنة إلى جنان الله من أجل وحدة البلاد؟ والله لو عرفوا ذلك لقاموا من مراقدهم ولقاتلونا! والحقيقة أنكم أيها القادة ما كنتم تعبئونهم إلا من أجل الجهاد في سبيل رفع هذه الراية التي كان يقاتلون من أجل إسقاطها قادة التمرد وما يسمى قوات التحالف، وكان منصور خالد يقول - دون اعتبار لاستفزاز الناس - مقولته الشهيرة بشعار الحركة المرفوع: "آن للسودان أن يحكمه جنوبي مسيحي غير مسلم"، وكان جون قرنق نفسه يقول إنهم يحاربون أهل الشمال من أجل إسقاط الشريعة!! إن ود إبراهيم لم يكن صائبا عندما قال ذلك بدليل أن الوحدة التي ادّعاها قد انتهت بانفصال الجنوب فعلامَ البكاء اليوم؟ الغريب أن منصور خالد نفسه لم يتحدث عن الوحدة وكان مستشارا لجون قرنق الذي كان يطالب بفصل الدين أولا ثم الانفصال!!.. الوحدة التي تنشدها مطلوبة ولكنها ليست مقدمة على الدين ورفعة راياته والله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)) سورة البقرة.. ونحن نتساءل من أجل ماذا تسفه مسيرة الجهاد والاستشهاد؟.. آلآن تبكى على الوحدة يا ود إبراهيم؟ وقد كنت قبلها تهتف: "في سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده أو ترق كل الدماء.."، وكنت تهتف: "شريعة شريعة وإلا نموت الإسلام قبل القوت"، واليوم صرت تنشد الوحدة وبترول الجنوب وطمأنة ياسر عرمان ومنصور خالد؟ إن تغير المواقف والعمل على جمع الصف لا يعني أبدا التنكر لشهدائنا، علما بأننا نشك في أن عودة الدكتور منصور خالد للبلاد بعد الانفصال واستقالة عبد العزيز خالد من قيادة التحالف وتشتت قواعده؛ نشك في أنها نتاج قناعة وإنما لضعف فعالية المعارضة وخيبتها في كل المحافل وانفضاض مولد الجنوب وانكسار حركات التمرد ونضوب مصادر التمويل الخارجي.. الفركشة واستقالة مجلس قيادة التحالف الوطني ظاهرها كما صرحوا بسبب عدم قدرتهم على قيام مؤتمرهم العام لعدة سنين أما السبب الأساسي "فحمده في بطونهم!!"، ولذلك ليس هناك مغزى لدعوتهم وتشريفهم بإفطار المجاهدين إلا لحفظ مياه وجوههم فالكل كان يعرف ما كان يقوم به المحتفى بهم ضد الإسلام والمسلمين.. فعذرا لشهدائنا إبراهيم شمس الدين وعمر الأمين وعبد المنعم شطة في الملأ الأعلى إلى يوم الدين. عثمان محمد يوسف الحاج